معاريف ــ عوفر شيلحالجلسة الأخيرة للمجلس الوزاري الأمني، كادت تنحصر بالشؤون العسكرية. فبحسب قرار سابق، تجدر المصادقة على كل مرحلة في حملة «الرصاص المصهور» قبل تنفيذها. وبالفعل، انكبّ الوزراء على الخرائط وعلى الصور الجوية، واستمعوا إلى شروحات من ضباط الجيش. وفي نهاية المطاف، صادقوا على بداية العملية البرية.
مثلما كانت الحال خلال الفترة الأخيرة، وتحديداً منذ السبت الماضي، فإنّ المؤسسة الأمنية هي الأكثر حذراً في اتخاذ القرارات. الجيش يعرف كيف يعمل في قطاع غزة. ومرحلة العمل التي بدأت أمس، هي أشبه بمضاعفة الحملات الكبرى في السنوات الماضية. فقبل «فك الارتباط» عام 2005، ومنذ عمليات «قوس القزح»، و«أيام التوبة»، وبعدها «أمطار الصيف»، و«الشتاء الحار»، التي انتهت مع الكثير من القتلى الفلسطينيين والقليل من القتلى الإسرائيليين.
المنطقة ليست جبلية ومغطاة مثلما هو الوضع في لبنان. السيطرة على المعلومات الاستخبارية مطلقة. العدو ليس مدرباً ومنظماً مثل حزب الله. وتوجد قدرة على استخدام الآليات الثقيلة، التي خافوا إقحامها في حرب لبنان.
هذا لا يعني أن وزير الدفاع ايهود باراك ورئيس الأركان غابي أشكينازي، مأخوذان بهذا التفوق النسبي. فباراك الذي خاب أمله من أثر المرحلة الأولى من العملية على «حماس»، دخل المرحلة الثانية وهو متحلل من حسابات الحسم والانهيار. فهو يعرف جيداً أن الاختبار لم يبدأ أمس، ولن يكون اليوم، بل في الأيّام المقبلة: الجيش بات في الأماكن التي تحرك نحوها، والأجزاء التي يسعى إلى حصارها ستُحاصر بالفعل. عدو ضعيف ومتناثر سيسعى إلى استغلال الفرص.
في مثل هذا الوضع، فإنّ التحرك إلى الأمام، سيكون معناه الدخول بشكل أكثر كثافة إلى المناطق السكنية، والمخاطرة بحدث تسعى إليه «حماس»: ضربة هامة لقوة من الجيش الإسرائيلي، اختطاف جندي، تفجير دبابة في حفرة لغم كبيرة من النوع الذي أُعد في القطاع في السنتين الأخيرتين.
لكن الخروج لن يكون وارداً إلى أن نرى إنجازاً حقيقياً. ولكن عدد القتلى الفلسطينيين أو المناطق التي احتلت، ليسا هذا الإنجاز. فمن شبه المؤكد أن إطلاق الصواريخ نحو الأراضي الإسرائيلية سيستمر.
وعليه، فإن باراك يرغب في أن يرى خطوة ذات مغزى تؤدي بـ «الرصاص المصهور» إلى النهاية. ليس واضحاً كم يشاركه رئيس الوزراء ايهود أولمرت هذا الرأي. وفي المجلس الوزاري الذي توجد فيه خلافات في الرأي بالنسبة إلى تحديد الهدف، سيكون من الصعب على أولمرت أكثر، تحقيق هدفه.
وهنا تدخل إلى الصورة، المسألة الأكثر إثارة للفضول في الأسبوع الأخير: ماذا يريد أولمرت بالضبط، وإلى أين يسعى الرجل إلى الوصول؟ فقبل أسابيع من نهاية ولايته، قدّم التاريخ لأولمرت، حربه الثانية. وبشكل طبيعي، تتصارع في داخله مشاعر متضاربة: الرغبة في محو وصمة لبنان، وترك وضع يكون قد حقق فيه هدوءاً في الجنوب والشمال.
حتى الآن، يبدو أن أولمرت تعلّم الصمت أولاً، وعدم التعهد بشيء والامتناع عن الشماتة. في المقابل، تجده أكثر انفعالاً في الغرف المغلقة. ولكن المسألة الأكثر أهمية، هي أين يضع أولمرت نفسه بين باراك، الذي كان سيشتري تهدئة محسنة وردعاً متجدداً حيال «حماس»، وبين من يدفع إلى الأمام، حتى الاحتلال العملي للقطاع؟
لا يوجد لهذه المسألة جواب مطلق بعد، رغم أنها هامة على نحو خاص. فهناك انطباع بأنّ أحداً ما، بمن في ذلك وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، لا يعمل في مسار سياسي ذي مغزى، وكذلك، لا أحد يطالب بأن يحصل هذا.