يديعوت ــ ناحوم برنياعدخلت إسرائيل العملية البرية في غزة، مثلما يدخل المرء إلى حمّام بارد: التوقعات محدودة. المخاوف كبيرة. المجلس الوزاري صادق يوم الجمعة على مرحلة واحدة من الخطط العملياتية التي أعدها الجيش. الأمل هو في تحقيق عدة أهداف عملياتية، والسيطرة على مناطق إطلاق الصواريخ، وكيّ الوعي، ليس أكثر.
الوزراء الثلاثة للمطبخ السياسي المصغر يفضلون أن تكون هذه المرحلة هي الأخيرة. وهم متفقون في تخوّفهم من التدحرج على نمط حرب لبنان الأولى، من «صنوبر صغير» إلى «صنوبر كبير».
رئيس الأركان غابي أشكنازي، الذي عارض طويلاً الحملة العسكرية ضد «حماس»، يتحدث بتعابير من نوع «إذا كان لا بدّ، فلا بدّ»، وذلك بعدما انطلقت الحملة وبات يجدر توسيعها، بالمهمات وبالقوات أيضاً، إضافةً إلى ضرورة تنفيذ خطة قيادة المنطقة الجنوبية بكاملها.
ولكن أحد الوزراء، الذي استمع إليه، ادّعى أنه قرأ بين السطور، رسالة أخرى: الجيش الإسرائيلي يفعل ما يفترض بالجيش أن يفعله: يوفر الخطط العملياتية المفصلة ويدخل نحو تنفيذها، ولكنه يفترض أنّ للقيادة السياسية اعتبارات أخرى، أو أكثر اتساعاً. بكلمات أخرى: أمسكوني.
تتوقّع القيادة السياسية من الجيش، أن يوفّر لها الإنجازات العملياتية التي تسمح لها بإنهاء الحملة البرية في المرحلة الحالية. لا يتحدث الوزراء عن إنهاء دراماتيكي. فإذا ما تحقق هدف الحملة، فسيكون ذلك بفضل دمج النشاطين السياسي والعسكري. وبتعبير وزير الدفاع ايهود باراك، يدور الحديث عن «جولة» واحدة من عدة جولات، لا عن حسم.
في أثناء نهاية الأسبوع، تبيّن أن «حماس» مستعدة لقبول المبادرة الفرنسية التي تحدثت عن وقف «إنساني» لإطلاق النار، لمدة 48 ساعة مع إمكان تمديده. إسرائيل هي التي رفضتها بحجّة أنه اقتراح لا يحمل حلاً للمشاكل التي بسببها انطلقت الحملة.
في هذه الأثناء، توجد على الطاولة مهمتان مشتعلتان. الأولى، تحسين قواعد اللعبة بين «حماس» وإسرائيل. وفي السياق، فإنّ العملية البرية المحدودة، هي حلقة أخرى في محاولة لردع «حماس» وكبح جماحها. أما الموضوع الثاني، فهو التهريب من الحدود المصرية. في هذا الموضوع، تشخص عيون إسرائيل إلى مصر والى الولايات المتحدة. فالمصريون، وبمساعدة لوجستية أميركية، يمكنهم أن يفجّروا الأنفاق من جانبهم، والقيام بأعمال أخرى تجعل التهريب صعباً.
يمكن تحقيق ذلك بطريقة أخرى: إصدار التعليمات للجيش الإسرائيلي باحتلال جنوب القطاع، وإقامة حكم عسكري على أكثر من مئة ألف فلسطيني. هذه ستكون كارثة من ناحية إسرائيل.
الأمر الأكثر بعثاً على السرور، هو أن هذه الحملة يمكن أن تخرج عن أهدافها الرسمية: خلق عملية تعيد جلعاد شاليط إلى الديار. «حماس» مضروبة، توّاقة إلى فتح المعابر، ويمكنها أن تلطّف مواقفها في المفاوضات. وربما لا: في هذه اللحظة، ليست هذه أكثر من أمنية.
يوجد دينامية خاصّة بالحملات العسكرية، أحياناً تتعقّد، وأحياناً أخرى تنطوي على أثمان ندفعها من طرفنا كما في الجانب الآخر، تجعل النصر هزيمة. وبدل الخروج في الوقت المناسب، يواصلون المراهنة. السبيل للتصدي للأمور القاسية التي نواجهها في الطريق، هو تذكّر الهدف كل الوقت. لم نخرج إلى غزة كي نخلق شرق أوسط جديداً. كما أننا لم نخرج كي نقتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين ولتحويل حياة السكان هناك إلى جحيم. خرجنا كي نضمن لأنفسنا الهدوء الأمني لزمن طويل. هذا هو الهدف، لا غيره.