القاهرة ــ الأخباراختارت القاهرة أن يكون موقفها المستنكر للاجتياح البرّي الإسرائيلي لقطاع غزّة «ناعماً»، رغم أنها حمّلت تل أبيب مسؤولية ضحاياه، معبّرة عن استيائها من «فشل» مجلس الأمن الدولي في استصدار قرار يلزم الدولة العبرية بوقف اعتداءاتها على الفلسطينيين.
ومع تواصل المجازر الصهيونية، ووصول الجيش الإسرائيلي إلى قرى القطاع وأراضيه، استمرّ وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط برفضه نعت حركة «حماس» بأنها حركة مقاومة، مفضّلاً تعبير «فصائل مقاتلة». ورأى أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة «لن تحقق هدفها المعلن، وهو تدمير الفصائل الفلسطينية المقاتلة، بل ستحقق فقط المزيد من القتل والدمار من دون جدوى».
وكرر أبو الغيط دعوة بلاده إلى «وحدة الصف الفلسطيني وتخلّي الجميع عن أية مصالح تخالف المصلحة العليا للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، في هذه اللحظة الحرجة التي يواجهها النضال الفلسطيني».
واستدعت وزارة الخارجية المصرية، بعد ظهر أمس، سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وأبلغتهم «استياءها» إزاء فشل المجلس في إصدار قرار ملزم بوقف الهجوم في غزة.
وطلب أبو الغيط من هؤلاء المسؤولين النظر في «اقتراح لإقامة ممرات آمنة» داخل غزة، لإيصال الغذاء والدواء إلى السكان إلى حين توقف العمليات العسكرية، «آخذاً في الاعتبار هشاشة الوضع الإنساني وتأثير الهجوم البري سلباً على هذا الوضع». ‏
وبحسب وزارة الخارجية، فإنّ المقترح المصري يهدف إلى «تجنيب المدنيين الفلسطينيين، قدر الإمكان، ويلات الأعمال العسكرية وتداعياتها، وخصوصاً في ما يتعلق بإيصال المعونات الإنسانية».
وقال المتحدث باسم الوزارة حسام زكي إن أبو الغيط ضمّن هذا الطلب «رسائل عاجلة»، بعث بها إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورؤساء الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس.
بدوره، اكتفى مكتب الرئيس حسني مبارك بإصدار بيان مقتضب يعلن فيه «إدانة مصر بأشدّ العبارات بدء إسرائيل عملياتها العسكرية البرية وتوغّل قواتها في أراضي غزة».
وذكّر البيان الرئاسي بأن مصر «حذرت من عواقب العدوان الإسرائيلي الغاشم وتوسيع نطاقه»، وحمّلت الدولة العبرية مسؤولية ما أوقعه من شهداء وضحايا «من المدنيين الأبرياء». ‏
وأضاف البيان أنّ مصر «إذ تعاود مطالبة إسرائيل بوقف عدوانها على الفور من دون قيد أو شرط، فإنها تدعو مجلس الأمن الدولي واللجنة الرباعية الدولية لسرعة الاضطلاع بمسؤوليتهم دون إبطاء لوقف العدوان الإسرائيلي». ‏
وفي سياق الاجتياح البري، كشفت مصادر مصرية «مطلعة» لـ«الأخبار» النقاب عن أن الجيش المصري رفع درجة استعداده على الحدود المصرية مع كل من إسرائيل وقطاع غزة، واضعة هذا الإجراء في الإطار «الاعتيادي»، بما أن «دور المؤسسة العسكرية ينصّ على حماية سيادة وأمن واستقرار البلاد».
كذلك تحدثت مصادر أخرى غير رسمية عن اتصالات يجريها مساعدون لرئيس جهاز الاستخبارات المصرية اللواء عمر سليمان مع قادة حركة «حماس»، لحثّهم على القبول بمقترحات مصرية وأوروبية لوقف إطلاق النار.
وأشارت المصادر نفسها إلى مساع لإرسال وفدين إلى إسرائيل وسوريا، لعقد محادثات عاجلة مع قادة الدولة العبرية ومسؤولي «حماس»، بمن فيهم رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل.
في المقابل، أشارت مصادر غربية إلى أن الدولة العبرية «لا تزال ترفض كل المبادرات المطروحة»، وأنها تهدف إلى ربح الوقت اللازم الذي يتيح لها تحقيق الأهداف التي تسعى إليها في عدوانها.
ونفت مصادر أخرى في القاهرة أن تكون تل أبيب قد أبلغت القيادة المصرية مسبقاً بنيّتها اجتياح القطاع الفلسطيني، مشددة على أن مصر «لم ولن تشارك في أي مخطط لضرب غزة»، وأن دورها كان دائماً الحيلولة دون تصاعد الموقفين العسكري والأمني في الأراضي المحتلة.
وعلى صعيد «الدور الإنساني» المصري، خصّص مجلس الوزراء المصري، برئاسة أحمد نظيف، جلسته أمس، لتنسيق وصول المساعدات إلى الفلسطينيين في غزة. وأشار المتحدث باسم المجلس، مجدي راضي، إلى أن الحكومة قررت مواصلة فتح معبر رفح، لإيصال تلك المساعدات، ودعم المستشفيات في شمال سيناء لاستقبال الجرحى الفلسطينيين، وزيادة تدعيم تلك المستشفيات بالتجهيزات اللازمة لذلك، ونقل الحالات التي تحتاج إلى مزيد من الرعاية إلى المستشفيات الأكثر تجهيزاً في القاهرة.