بسام القنطارمجرد «دوش صغير» كان حصة حوالى 500 متظاهر جمعتهم المنظمات الشبابية لقوى 8 آذار قبالة السفارة الأميركية في عوكر أمس. لا قنابل مسيّلة للدموع، ولا عمليات كرّ وفرّ، قبالة السياج الشائك الذي تولّت مجموعة من عناصر الفوج الخامس في الجيش اللبناني رفعه وتحصينه. تعدد الألوان وتنوّعها، في تظاهرة أمس، لم يشفع لها أن تنال ما نالته التظاهرة الحمراء من قنابل وخراطيم مياه لمدة تزيد على نصف ساعة. والسبب هو أن عناصر التعبئة التربوية لحزب الله وفّرت على قوى مكافحة الشغب دورها وقامت بنفسها بضرب طوق بشري منع المتظاهرين من الوصول إلى السياج الشائك، إلا لمرة واحدة لحظة بدء الاعتصام ما أدى إلى استخدام خراطيم المياه ضد المتظاهرين لكن بكمية قليلة «لا تكفي لغسل ماء الوجه» على حد تعبير محمد شكر (16 عاماً) الآتي من «حي السلم لحرق سفارة عوكر». إلّا أن منع الصدام لم يكن مهمة عناصر حزب الله الوحيدة، فمكبرات الصوت التي تولت بث الأغاني الوطنية وإطلاق الهتافات، تولت أيضاً دور التغطية على الهتافات التي أطلقها شبان كانوا يلطمون الرؤوس ويرددون: «علي . علي . علي. دم الشيعة عم يغلي غلي». ورغم أن مجموعة من الشبان الملثمين، وغالبيتهم أتوا من منطقة الشياح، حاولوا التقدم باتجاه الشريط الشائك، إلا أنهم اصطدموا بالحاجز البشري لعناصر حزب الله، فاكتفوا برشق كمية كبيرة من الحجارة، وخصوصاً تجاه شرفة الثكنة العسكرية للجيش اللبناني، التي تمركز فيها عدد من الضباط، إضافةً إلى عناصر من استخبارات الجيش لتصوير المتظاهرين. ولقد قوبلت كاميرا الاستخبارات بوابل من الحجارة ما أدى إلى تحطم زجاج إحدى النوافذ، إضافةً إلى إصابة أحد العناصر الأمنيين بحجر في يده اليمنى. وكان المتظاهرون قد بدأوا بالتجمع قبالة محلّات (آ بي سي) على أوتوستراد الضبية عند الساعة 12.30، وتسابق عدد من حملة الأعلام الحزبية ليكونوا في طليعة المتظاهرين، لكن قراراً برفع العلمين اللبناني والفلسطيني فقط اتخذ من جانب مسؤولي المنظمات، ما انسحب على العناصر باستثناء خروقات بسيطة، ولاحقاً استتبعت بخرق كبير لعناصر حركة أمل، الذين حملوا صورة عملاقة للرئيس نبيه بري والإمام موسى صدر، ما أدى إلى انفلات عقال الأعلام الحزبية من جديد لحظة الوصول إلى الخط النهائي للتظاهرة، الذي رسمته القوى الأمينة منذ ما يزيد على خمس سنوات لجميع المتظاهرين وهو يبعد قرابة الكيلو متر عن مقر السفارة. وعلى عكس قوى اليسار، خلت تظاهرة 8 آذار من «عدة الشغل» من مقصات الحديد لقطع الشريط الشائك، والليمون الحامض والبصل للحماية من المضاعفات التي يسببها تنشق دخان القنابل المسيلة للدموع. الابتكار الوحيد كان المشهد المسرحي الذي قدمه قاسم اسطنبولي (22 عاماً) الذي أبكى الحضور بأدائه المميز لدور والد يخبر ابنه مأساة فلسطين بقالب درامي جميل. قبل أن يتولى جهاد عيسى إلقاء كلمة المنظمات الشبابية اللبنانية، وحامد درويش كلمة باسم رابطة الطلاب الفلسطينيين المسلمين التابعة لحركة حماس.


القنطار يحضر التظاهرة

فاجأ الأسير المحرر سمير القنطار المتظاهرين بالحضور بعد ساعة ونصف على بدء التحرك، وتوجّه الى المشاركين قائلاً: «لقد تحدّثت للتو مع الإخوة في غزة. أخبارهم لا تحمل إلا تباشير الانتصار وقصص الصمود ورفض الهزيمة. عن كمائن تنصب وعن صعوبة في التقدم». وأضاف: «كما انتصار تموز 2006، ستكون غزة المقدمة الأساسية للانتصار الكبير الذي وعد به سماحة السيد حسن نصرالله. وأبشركم بأن المجاهدين في المقاومة الاسلامية أكلموا انتشارهم في الجنوب وهم جاهزون للرد على أي حماقة قد يرتكبها الصهاينة». وختم: «في أي عدوان مقبل على لبنان يجب ألا تبقى هذه السفارة بمنأى عنكم، لأنها وكر المؤامرات ضد المقاومين في لبنان وفلسطين».