strong>يطلب «المساعدة» اليوم من دمشق... ويحثّ اللبنانيّين على التزام استحقاق الانتخاباتبدأ الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، جولته في المنطقة. الحصيلة إلى الان غير واضحة، بانتظار زيارته اليوم إلى سوريا، التي يعوّل عليها لإحراز شيء ما لوقف «العمليات الحربية» في قطاع غزّة، عبر مساهمتها خصوصاً في تليين موقف حركة «حماس»

فضّل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، بعد لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله، أمس، ربط تعهّده طلب الوقف الفوري لإطلاق النار من القيادة الإسرائيلية، باتهام حركة «حماس»، بأنها «تصرفت بطريقة غير مسؤولة لا تُغتَفَر». ورأى أن «الخطأ الذي لا يغتفر» هو قرار الحركة عدم تمديد التهدئة واستئنافها إطلاق الصواريخ على إسرائيل، وهو ما ردّت عليه الحركة الإسلامية بأن التصريح تعبير عن «الانحياز الكامل للاحتلال».
وقال ساركوزي إن «حماس تصرفت بطريقة غير مسؤولة لا تُغتَفَر، وهي تتحمل مسؤولية كبيرة عن معاناة الفلسطينيين في غزة»، متعهّداً إبلاغ الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز ورئيس الوزراء إيهود أولمرت، اللذين التقاهما في القدس المحتلة مساءً، رسالة واضحة مفادها: «بكل صراحة يجب وقف أعمال العنف فوراً» في قطاع غزة.
وفي المؤتمر الصحافي نفسه، رفض عباس أن تكون عودة السلطة الفلسطينية برئاسته إلى قطاع غزة على حساب هزيمة محتملة لـ«حماس». وقال: «لا يمكن أن نعمل من أجل أن تدمر حماس لنحلّ محلها. ما يهمنا هو وقف الاعتداء على الشعب الفلسطيني». وأضاف: «لن نقبل أن يوحَّد الوطن بقوة السلاح. سيكون ذلك فقط من خلال الحوار».
وفور انتهاء المؤتمر الصحافي المشترك، رأى المتحدث باسم «حماس»، فوزي برهوم، أن تصريحات الرئيس الفرنسي ليست سوى «انحياز كامل للاحتلال ودعوة صريحة إلى استكمال المحرقة في غزة».
وكما تعهّد ساركوزي، فقد أبلغ بيريز، بعد لقائه في القدس المحتلة، «قلقه الشديد» حيال الوضع في غزة، مجدداً دعوته إلى «وقف إنساني لإطلاق النار يستمر بضعة أيام». وفيما ذكّر ساركوزي بأنه لا يزال يرى «أن أمن أسرائيل أولوية» بالنسبة إليه ولبلاده، خاطب بيريز أمام الصحافيين قائلاً له: «أنا صديق يريد أن يتحدث بصراحة: أنا قلق بشدة حيال الوضع». وكرّر طلب «تهدئة إنسانية لبضعة أيام تكون في مصلحة الجميع».
وأوضح ساركوزي، الذي وصل من شرم الشيخ إلى الأراضي المحتلة، أنّ الأوروبيين «يريدون وقفاً لإطلاق النار في أسرع وقت، فالوقت يعمل ضد السلام، ويجب أن تصمت الأسلحة ليفسح المجال لتهدئة إنسانية موقتة».
وكان ساركوزي قد التقى بنظيره المصري حسني مبارك في منتجع شرم الشيخ على ساحل البحر الأحمر، وعقد معه مباحثات كانت غزة موضوعها الوحيد، من دون أن يصدر بياناً عن الاجتماع.
وعشية وصول الرئيس الفرنسي إلى بيروت اليوم، جزمت مصادر دبلوماسية فرنسية لـ«الأخبار» بأن الزيارة تتضمن هدفين هما: تأكيد دعم باريس للرئيس اللبناني ميشال سليمان، وتنفيذ ما بقي من اتفاق الدوحة، أي إجراء الانتخابات النيابية المقبلة، بالإضافة إلى معايدة الجنود الفرنسيين العاملين في القوة الدولية في الجنوب.
ومن المقرّر أن يصل ساركوزي إلى بيروت اليوم عند الساعدة الواحدة، آتياً من دمشق. وشددت المصادر الدبلوماسية نفسها على أنه لم يطرأ على الزيارة أي تعديل بسبب مجازر غزة. حتى إن زيارة سوريا لم تكن على جدول أعمال ساركوزي قبل انطلاق أحداث غزة، ولا الجولة الشرق أوسطية كانت مقررة حينذاك. وتوضح المصادر أنّ الأحداث المفاجئة والمتدهورة في فلسطين «أدخلت تعديلاً أدى إلى توسيع الجولة الشرق أوسطية»، وهو ما دفعها إلى الاعتراف بأن الحدث الفلسطيني «سيطغى على محادثات الرئيس الفرنسي في دمشق»، وخصوصاً لجهة «رغبة ساركوزي الحصول على مساعدة سوريا لتحقيق هدنة تتطلب بالضرورة ضمانات متبادلة».
وبحسب المصادر المطلعة، فإنّ دمشق ستكون «معنية بتوجيه رسائل إلى حركة حماس لثنيها عن المساعدة وتسهيل التوصل إلى حل سياسي». وأضافت أن أحداث غزة ينبغي ألا تحجب مواصلة عملية التطبيع والحوار بين لبنان وسوريا وتبادل السفراء، ولا حتى تعليق التعهدات التي قطعتها دمشق لباريس.
وسبق لقاء ساركوزي ـــ مبارك في شرم الشيخ، لقاءات عقدتها القيادة المصرية مع وفد الترويكا الأوروبية الذي يزور المنطقة بدوره.
وعلى هذا الصعيد، كشف وزير خارجية تشيكيا، الرئيس الدوري للاتحاد الأوروبي، كارل شوارزينبرغ، أن مهمة الوفد الذي يرأس، «تتمثل في السعي إلى رفع المعاناة عن الفلسطينيين وتقديم المعونات الإنسانية لهم»، مشيراً إلى أن تقديم هذه المساعدات «يتطلب أن يقوم الوفد بزيارات ميدانية للأراضي الفلسطينية».
وبعدما أشاد شوارزينبرغ بدور الرئيس المصري في «دعم عملية السلام في المنطقة»، شدّد الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا، على مواصلة سعي جماعي لتحقيق وقف سريع لإطلاق النار، «يتطلب التعاون بين أطراف عديدة من بينها الاتحاد الأوروبي الذي كان موجوداً بصفة مراقب على معبر رفح».
بدورها، ذكّرت ممثلة المفوضية الأوروبية، بنيتا فيرارو فالدنر، بأنّ الاتحاد قدّم مساعدات للفلسطينيين، وهو مستعد لتقديم المزيد منها، معربة عن قلقها إزاء الموقف الإنساني المتردي في غزة. وعن هذا الوضع الإنساني، تحدّثت فالدنر عن مساعٍ أوروبية رامية إلى إعادة تشغيل المستشفيات في غزة، لكن أيضاً «فور وقف إطلاق النار».
إلى ذلك، التزمت القاهرة الصمت حيال ما نشرته صحيفة «لوموند الفرنسية» بشأن رفض القاهرة نشر مراقبين دوليين على أراضيها من أجل فتح معبر رفح. ونشرت الصحيفة المذكورة تحقيقاً مفاده أن القاهرة تتوقّع ألا تنسحب قوات الاحتلال من غزة، قبل الانتخابات الإسرائيلية المقبلة المقررة في العاشر من الشهر المقبل.
(الأخبار)