لا تزال أنقرة محور الجهود الإقليمية والعالمية الساعية إلى وقف المجزرة الإسرائيلية في غزة، التي دخلت يومها الحادي عشر. وبعدما سرق رئيس الحكومة التركية، رجب طيب أردوغان، الأضواء في الأيام الماضية في جولته الشاملة إلى العواصم العربية المعنية بالحرب لعرض مبادرة بلاده لوقف «إطلاق النار»، زار وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أمس، العاصمة التركية. لـ«بحث الآليات المشتركة لوقف العدوان الإسرائيلي ورفع الحصار وفتح جميع المعابر».وعقب المحادثات الثنائية، أشار وزير الخارجية التركي علي باباجان إلى أن الخطوة الأولى في المبادرة التركية تنص على وقف لإطلاق النار «مع وجود مراقبين دوليين»، منتقداً القوى الغربية «لفشلها في التدخل في الأزمة»، ومحذراً في الوقت نفسه من أنّ النزاع «يمكن أن يؤدي إلى نشوب توترات عالمية».
وكان باباجان شديد الوضوح في التأكيد أنّ تركيا «لن تتردد في القيام بهذه المهمة (نشر مراقبيها) إذا طُلب منها ذلك». وبهذا التصريح، يكون المسؤول التركي قد ثبّت ما قاله نائب رئيس الحكومة التركية كميل جيجيك سابقاً، عندما جزم بأن قيادته مستعدّة لإرسال فرقة «لحفظ السلام» إلى غزّة.
وفيما كشف باباجان عن وجود العديد من الاقتراحات بشأن كيفية التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس»، رأى أن «أي تسوية يجب أن تكون مضمونة من المجتمع الدولي، ونعتقد أن وجود مجموعة مراقبة دولية هو الأمر الوحيد الذي سيؤدي الى تسوية قابلة للتطبيق والاستمرار».
ورفض رئيس الدبلوماسية التركية الحديث عن تفاصيل المبادرة، لافتاً إلى أن «أيّ حلّ يجب أن يوازن بين المخاوف الأمنية الإسرائيلية، والمطالب الفلسطينية برفع القيود عن غزة».
وعن تسوية الخلافات بين الفصائل الفلسطينية، وخصوصاً بين الحركة الإسلامية وحركة «فتح»، رأى باباجان أن حلّ هذا الخلاف «يجب أن يكون عاملاً رئيسياً في التسوية»، في إشارة إلى العرض الذي تقدّم به أردوغان للتوسط بين الفصيلين الفلسطينيين في إطار المرحلة الثانية للمبادرة التركية.
وعن الخطر الذي تمثّله الحرب الإسرائيلية على غزّة، شدّد باباجان على أن «مفتاح السلام العالمي يكمن في الشرق الأوسط، والمأساة في غزة تشعل التوترات الإقليمية والعالمية».
وفي تعبير عن استنكاره للتباطؤ الدولي والغربي في التدخّل لوقف آلة القتل الصهيونية، حثّ الوزير التركي القوى العالمية على «القيام بإجراء فوري، تماماً كما حشدت جهودها خلال أيام قليلة بالنسبة إلى جورجيا»، في إشارة إلى التدخل العسكري الروسي في جورجيا في آب الماضي والجهود الأوروبية الفورية التي أنهت الحرب. وكرّر الرفض القاطع لقيادته إعطاء إسرائيل الوقت لقتل المزيد من الفلسطينيين، بما أنه «لا يوجد وقت نضيّعه، ولا شيء يمكن أن يبرر قتل المدنيين والنساء والأطفال».
بدوره، رأى المعلم أن «قادة إسرائيل ارتكبوا جرائم حرب في غزة، ويجب على هذا الأساس محاكمتهم عليها»، حسب ما نقلت عنه الوكالة السورية للأنباء «سانا». وفي معرض تنديده بالسياسات العدوانية الإسرائيلية، رأى أن الدولة العبرية «برهنت في هذا العدوان الآثم أنها لا تملك إرادة لصنع السلام، وأنها دولة تقوم على العدوان والقتل وارتكاب جرائم الحرب والإبادة الجماعية».
وعن النقاش الدائر حول عقد قمة عربية طارئة، أعرب المعلم عن ثقته بأن «البعض وضع العقبات أمام عقد القمة العربية، بالرغم من أن الوضع الخطير في غزة يتطلب عقدها أكثر من أي وقت مضى».
وعن مساعي دمشق لوقف المجازر الإسرائيلية، أكّد الوزير السوري أن الرئيس بشار الأسد يواصل مشاوراته من أجل عقد القمة العربية الطارئة، وأن «التعويل على مجلس الأمن في هذه المرحلة وهم، ولن يحقق شيئاً».
وكان رئيس الدبلوماسية السورية قد التقى الرئيس التركي عبد الله غول، بالإضافة إلى أردوغان الذي تسلّم رسالة «شكر» من الأسد على «جهوده السلمية» التي يبذلها.
وفي السياق، بحث الأسد مع وفد من «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» برئاسة الشيخ يوسف القرضاوي، في دمشق، تطورات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث اتفق المجتمعون على «أهمية تكثيف الجهود العربية والإسلامية على جميع المستويات لوقف هذا العدوان، وضرورة تقديم كل الدعم اللازم لتعزيز الصمود الفلسطيني ونصرته»، بحسب وكالة «سانا».
ودعا الرئيس الأسد وفد العلماء إلى تحمّل المسؤوليات في «حشد التأييد، ودفع الشعوب العربية والإسلامية لتقديم كل ما تستطيعه من مساعدة للشعب الفلسطيني المقاوم».
(الأخبار، أ ف ب، سانا)