Strong>وثيقة عسكريّة داخليّة تشكّك في إمكان تغيير حكم «حماس» بالقوّةرغم العدوان الدموي على قطاع غزّة، العيون الإسرائيلية تتوجّه نحو القاهرة ووساطات الهدنة؛ لأنّه عاجلاً أم آجلاً التهدئة حاصلة. والمحافل العسكرية تُدرك جيداً أنّه بقدر ما تستميت الآلة الحربية الإسرائيلية في استخدام القوة، بقدر ما يتعزّز نفوذ حركة «حماس»

علي حيدر
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، أنه إذا لم يحقّق المسار السياسي لوقف النار توقعات إسرائيل فلن يرتدع عن توسيع العمليات العسكرية، في وقت أصدر فيه وزير الدفاع، إيهود باراك، تعليماته للبدء باستعدادات المرحلة الثالثة من الحرب على قطاع غزة.
وأكّدت تقارير إعلامية أن باراك هو من كبح المجلس الوزاري عن اتخاذ قرار بالانتقال إلى المرحلة الثالثة من العملية العسكرية التي تتضمن توسيعها واقتحام المناطق المأهولة.
وأعرب باراك، في محادثات خاصة، عن معارضته الدخول إلى المرحلة التالية من النشاط البري، وأسف لرفض المجلس الوزاري للاقتراح الفرنسي بوقف النار، الذي طُرح قبل الهجوم البري.
ورأى باراك أن ما سيحسم مصير الحملة هو إذا نجحت وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، في إقناع المصريين بأن «يأخذوا على عاتقهم منع التهريب في محور فيلادلفي»، عندها سيكون ممكناً التوصل إلى وقف النار. أما إذا فشلت، فيُحتمل كثيراً أن تنتقل إسرائيل إلى المرحلة التالية من النشاط البري.
وكان جيش الاحتلال قد أبلغ السلطة السياسية أول من أمس أنه «بقيت فترة زمنية محدودة لاستكمال المرحلة الثانية من عملية الرصاص المصهور، وبعد ذلك سيتعين عليه أن يتلقّى التعليمات من القيادة السياسية، إن كان سيرفع من درجة العدوان أم يوقفه».
ولفتت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أنه منذ بدء العملية العسكرية، كان يُنتظر تغيير باراك ورئيس أركان الجيش، غابي أشكنازي، موقفيهما بعدما عارضا على مدى أشهر الدخول إلى القطاع. ولكن بعدما أطلقت حماس 70 صاروخاً في يوم واحد، قررا تأييد العملية.
وأشارت الصحيفة إلى وجود تباين في المواقف بين أولمرت ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني وباراك. فيما يؤيد كل من الوزراء، رافي إيتان، ودانيال فريدمان، ومئير شطريت، توسيع العملية. ويرى وزراء آخرون أن أهداف الحملة تحققت، وأن إسرائيل أعادت بناء ردعها في مواجهة «حماس».
وأضافت الصحيفة إن المشكلة تكمن في أنه ليس من السهل على المصريين إدخال رقابة دولية على ما يجري في محور فيلادلفي من جانبهم على الحدود، بينما يعتقد أولمرت أن عنصراً دولياً فقط، يمكنه أن يمنع استمرار تهريب الصواريخ البعيدة المدى إلى القطاع، فضلاً عن أن المصريين يرفضون كل اقتراح باتفاق مكتوب مع إسرائيل.
في ظل هذه الأجواء، نشرت صحيفة «هآرتس» وثيقة عسكرية داخلية تشكّك في إمكان تغيير حكم «حماس» بالقوة.
وكشفت عن مداولات أجراها ضباط كبار في الجيش بشأن «اليوم التالي للعملية العسكرية»، قيل في خلالها إنه من «المشكوك فيه أن يكون ممكناً إحداث تغيير سلطوي في القطاع بواسطة القوة
فقط». كما قدّروا إمكان التوصل إلى تهدئة أمنية طويلة من خلال تسوية مع «حماس»، ولكن الأمر لا ينسجم مع السياسة الإسرائيلية. وأوضحت محافل عسكرية أن جنرالات الجيش يفهمون أنه «توجد فجوة بين المصالح وبين القدرة على تحقيقها من خلال استخدام القوة فقط»، لأن السيطرة المادية على القطاع أو أجزاء واسعة منه ستؤدي إلى «تحمل إسرائيل مسؤولية سكان في القطاع»، كما لن يكون هناك «عنوان مركزي للحوار وسيمسّ بالشرعية الدولية لإسرائيل».
وحذّر رئيس شعبة العمليات في هيئة الأركان، اللواء تل روسو، من أن اتكال إسرائيل على «القوة من شأنه أن يحسن القتال ضدّ الإرهاب، ولكنه سيؤدي إلى تعزيز المتطرّفين». كما رأى رجال الاستخبارات في إسرائيل أنه توجد «ميول عميقة في المجتمع الفلسطيني لمسيرة متواصلة من أجل تفتيت الحكم المركزي، وهناك إمكان في أن تتحول السلطة الفلسطينية إلى سلطة إسلامية برئاسة
حماس».