strong>سرقت صواريخ الكاتيوشيا التي أطلقت من جنوب لبنان على شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة اهتمام جميع القوى، إلّا أنها لم تستطع منع استكمال ردود الفعل اللبنانية على العدوان الإسرائيلي على غزّة. واجتمع مجلس الوزراء بصورة استثنائية مساءً لبحث القضيّتينلم يخرج الوزراء المجتمعون في بعبدا عن الهدوء الذي اتّسمت به الجلسات الوزارية منذ أن أبصرت الحكومة النور، رغم التطورات التي فرضها الحادث الأمني جنوباً.
وبدا واضحاً تبادل الأدوار بين كل من رئيس الجمهورية، ميشال سليمان، الذي تبنّى الدعوة إلى ضرورة احترام لبنان للقرار 1701 قاطعاً طريق المزايدات بهذا الشأن، ورئيس الحكومة، فؤاد السنيورة، الذي سارع من جهته إلى التشديد على أن حزب الله أكد له أن لا علاقة له بالصواريخ، مغدقاً الكلام التحبّبي الاستيعابي، ومشدّداً على أهمية تضامن كل لبنان مع شعب غزّة. كما طمأن وزير الدفاع، إلياس المرّ، المجتمعين وبادر إلى شرح ما تقوم به المؤسسة العسكرية وكيفية التنسيق مع اليونيفيل، والتحقيقات التي تجريها لمعرفة هوية مطلقي الصواريخ، ومحاسبتهم كما ينص القانون اللبناني.
وهكذا، لم يجد الوزير إيلي ماروني، وغيره ممن كانوا يعدون أنفسهم لكي يشرحوا لزملاء لهم كيفية حماية الحدود، ما يقولونه بعد محاصرة سليمان والسنيورة والمرّ النقاش والدفع باتجاه التهدئة وتوحيد الموقف. وانتهى الحاضرون إلى تبادل أفكار تتلاقى في المضمون. وبحسب ماروني فإن «مواقف حزب الله لم تكن تبريرية فهو أصلاً ليس متهماً»، فيما أكد وزير الدفاع جديّة التحقيقات، لافتاً إلى وجود متهمين وربما موقوفين، موضحاً أنّ من بين المشتبه فيهم الجبهة الشعبيّة ـــ القيادة العامّة. وكان مجلس الوزراء قد كرّر إدانته المجازر في غزة والعدوان الوحشي، وأكد التمسك بوحدة لبنان وبالقرار 1701. وأكد المجلس رفض لبنان إطلاق صواريخ من أراضيه، مستنكراً قصف إسرائيل للأراضي اللبنانية.
وتغيّب عن الجلسة كل من الوزراء طلال ارسلان، وغازي العريضي، وإبراهيم نجار، وبهية الحريري وفوزي صلوخ.
وفي البيان الختامي الذي أذاعه وزير الإعلام طارق متري، أعادت الحكومة التنديد بـ«المجازر» الإسرائيلية في قطاع غزة، وتضامن لبنان مع أهل القطاع، مطالبةً المجتمع الدولي برفض العدوان الإسرائيلي ورفع الحصار عن غزة.
وشدد متري على احترام لبنان للقرار الدولي 1701، مؤكداً رفض إطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية «ورفض استخدام الأراضي اللبنانية منصة لإطلاق الصواريخ لإعطاء إسرائيل ذريعة لشن الحرب».
ولفت البيان الصادر إلى أهمية قيام الجيش اللبناني واليونيفيل بواجباتهما، مشيراً إلى أن «الأوامر أعطيت لإجراء تحقيق جدي في الموضوع».
وأكد متري، رداً على سؤال، أن موقف حزب الله من عملية إطلاق الصواريخ على شمال إسرائيل «معروف، ووزير حزب الله وافق على كل ما أتى في البيان».
وبدا الجوّ متوتراً قبل انطلاق الجلسة، إذ عبّر عدد من الوزراء عند دخولهم عن بعض المواقف غير المطمئنة، منهم الوزير ماروني، الذي سأل «من له حق سحب بند الاستراتيجية الدفاعية من التداول، ومن له الحق باستدراج لبنان إلى الحرب أو السلم»، معتبراً أنه «إذا أرادت الجبهة الشعبية إطلاق صواريخها باتجاه إسرائيل فلتطلقها من الجولان، وخصوصاً أن سوريا هي مقر قيادتها».
ودعت مواقف كل من الوزراء محمد خليفة ووائل أبو فاعور ونسيب لحود إلى ضرورة توحيد الموقف بشأن كل القضايا، والتشديد على إدانة المجازر التي يرتكبها العدو الإسرائيلي بحق المواطنين في غزّة.
وبعيداً عن الجلسة الحكومية الباهتة، تواصلت ردود الفعل المستنكرة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، وكان أهمها تصريح رئيس مجلس النواب، نبيه بري، بعد لقائه وفد الترويكا البرلمانية الآسيوية في قصر عين التينة. وأكد بري أن أطماع إسرائيل في لبنان قائمة دائماً، «فإسرائيل لديها أطماع في مياه لبنان»، مشيراً إلى الاجتياحات الإسرائيلية المتكررة للجنوب، وتذرعها بحجج متعددة، منها وجود مقاومة فلسطينية. وفي حديثه عن اجتياح عام 1978، قال «أطلق الإسرائيليون على العملية اسم ـــ عملية الليطاني»، متسائلاً «ما علاقة الليطاني بالمقاومة الفلسطينية». ليضيف إن «أطماع إسرائيل في مزارع شبعا وكل لبنان من أجل المياه، فحتى الآن لم ينفّذ لبنان مشروع الليطاني من أجل أن يستفيد منه الأهالي، لأن إسرائيل عينها على المياه والتاريخ سيكشف كل هذه الحقائق».
ووجّه بري كلمته «لكل المجالس النيابية في العالم، وخاصة للبلدان الآسيوية والإسلامية، والعربية»، مشيراً إلى أن «ما نحن بصدده وسببه هو الديموقراطية، وممارسة الديموقراطية من جانب الشعب الفلسطيني»، لافتاً إلى أن كل دول العالم طلبت من الفلسطينيين إجراء انتخابات تشريعية، «وما إن فازت حركة حماس في هذه الانتخابات حتى نسينا الديموقراطية وأصولها، وبدأت حرب شعواء على حركة حماس».
وأضاف بري إن الحرب على غزّة بدأت بفرض الحصار عليها، «ونقول هذا لكل من يحرص على الديموقراطية أو يدّعي ذلك، ونقول هذا الموقف الآن ضد قتل الأطفال والنسوة، وكل بريء وتدمير المنازل، حتى إشعار آخر».
من جهته، أطلق الرئيس عمر كرامي حملة بعنوان «غزة منا ونحن منها»، بهدف تقديم الدعم الطبي والإنساني لنصرة غزة وأهلها عبر وضع المستشفى الإسلامي الخيري في طرابلس بتصرف الشعب الفلسطيني في غزة، واستقبال الجرحى والمرضى، وإطلاق حملة تبرّع بالدم وإيصاله إلى الجهات المعنية في غزة.
وبعد ترؤسه اجتماع مجلس إدارة المستشفى الإسلامي الخيري في طرابلس، قال كرامي إن «غزة منا ونحن منها، مصابها مصابنا، لوعة نسائها وشيوخها وأطفالها لوعتنا، جرحها النازف على قارعة هذه الدنيا الظالمة جرحنا، ودمها الذي سينتصر على القتلة هو بقية العزة والكرامة التي نتشبث بها، مؤمنين عميق الإيمان بأن مقاومة الطغيان هي شرع الدين والدنيا».
كذلك وجه النائب بهيج طبارة كتاباً إلى الرئيس بري، يدعوه فيه إلى استكمال مبادرته بالعمل على دعوة الحكومات العربية إلى اتخاذ موقف موحّد لمقاضاة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية على جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها في غزة. ورأى طبارة في هذا الكتاب أنه «في ظل العجز العربي، ووسط صمت دولي مريب يشبه الضوء الأخضر المعطى للعدوان، فإن الإجماع الذي توصّل إليه المؤتمرون باعتبار المسؤولين الإسرائيليين مجرمي حرب، وبوصف ما يحصل من مجازر يومية في غزة بأنه حرب إبادة تقوم بها دولة مارقة معادية للسلام، إن هذا الإجماع لا يمكن إلّا أن يكون مدعاة تقدير»، داعياً بري إلى «عقد اجتماعات مماثلة للاتحادات البرلمانية الإسلامية والدولية والفرنكوفونية من أجل ممارسة الضغوط لوقف حرب إسرائيل وجرائمها ضد الشعب الفلسطيني».
واستكمل رئيس اللقاء الديموقراطي، وليد جنبلاط، مسلسل دعمه لقطاع غزّة، فتوجّه إلى رئيس الاشتراكية الدولية، جورج باباندريو، وأمينها العام لويس أيالا، برسالة عرض فيها استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، واستمرار «آلة القتل والدمار في حق الشعب الفلسطيني»، مؤكداً أن «هذه المجزرة التي تأتي بعنوان الأمن لن تجلب إلا المزيد من القتل وعدم الاستقرار للمنطقة وتقوّض الجهود الهادفة لتحقيق السلام في هذه المنطقة من العالم». وطلب جنبلاط «ضرورة إرسال وفد إلى غزة للتضامن مع الشعب الفلسطيني والعمل على وقف العدوان، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية الضرورية، على غرار مبادرة الرفيق ويلي برانت عام 1982 أثناء اجتياح بيروت، عندما توجّه وفد منها إلى لبنان برئاسة الرفيق ماريو سيوارس».
ورأى النائب نعمة طعمة أن «التضامن مع غزة من جانب كل الأطراف والقوى السياسية اللبنانية، أمر إيجابي ويحصّن الساحة الداخلية ويبقي لبنان في منأى عن أي توتّرات سياسية أو أمنية»، لافتاً إلى أن «رئيس اللقاء الديموقراطي مستمر في حواره مع حزب الله وحركة أمل». وأشار طعمة إلى أنّ «التصرفات الحكيمة من جانب الرئيس ميشال سليمان والحكومة وقيادة الجيش، تجاه ما يحصل في غزة كانت خطوة كبيرة لمواجهة أي احتمالات قد تحدث في لبنان، إضافةً إلى الموقف اللبناني الرسمي الداعم للشعب الفلسطيني وللإجماع العربي أمام الغطرسة الإسرائيلية المتمادية»، مؤكداً ضرورة الإبقاء على العلاقات مع الدول الشقيقة «بمعزل عن كل الخلافات العربية ـــ العربية، أو النظرة السياسية حيال ما يجري في غزة أو سوى ذلك، وأي تصرفات خارجة عن المألوف هي إساءة للبنان واللبنانيين».
وبعد اجتماع مشترك بين حزب الله والجماعة الإسلامية، عقد في مركز «الجماعة» في بيروت، صدر بيان مشترك جرى التأكيد فيه على «ضرورة تضافر الجهود لتوحيد الساحة اللبنانية في مواجهة الاستحقاقات التي تواجه البلد، والمؤامرات التي تحوكها القوى المعادية لنشر الفتنة وإشاعة الفوضى»، وانتقد الصمت العربي «الذي يبلغ أحياناً مستوى التواطؤ ضد المقاومة الفلسطينية المجاهدة في غزة الصامدة». كما توافق المجتمعون على «توفير كل أشكال الدعم للمقاومة الصامدة في قطاع غزة، سواء عبر الفاعليات الشعبية أو توفير المساعدات العلاجية والغذائية بالطرق والوسائل المناسبة».
كما عقدت الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية والفصائل الفلسطينية اجتماعاً، بدعوة من حركة «أمل»، لدرس تطورات العدوان الصهيوني على قطاع غزة وتداعياته المتواصلة، وأصدروا بياناً أكدوا فيه على الصمود الأسطوري والمقاومة البطولية للشعب الفلسطيني، وعلى إدانة مراوغة مجلس الأمن الدولي في استصدار قرار بوقف العدوان على غزة، كذلك حذّروا من «مخاطر استمرار حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في غزة على هذا النحو الهمجي والإجرامي، التي ستؤدي إلى نتائج كارثية في كل المنطقة».

لاريجاني: «مثل السم في العسل»

وصل الى بيروت أمس وفد الترويكا البرلمانية الآسيوية، يضم كل من رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني ورئيس مجلس الشعب السوري محمود الأبرش ورئيس البرلمان الاندونيسي آغون لاكسونو. والتقى الوفد الرئيس نبيه بري وبحث معه الوضع المتدهور في غزة. كما سيجري الوفد محادثات اليوم مع رئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء. وتعليقاً على المقترحات التي تقدمت بها بعض الدول العربية والأوروبية لانهاء الصراع في غزة، قال لاريجاني بأنها مثل «السم في العسل، ولن تحمي حقوق الفلسطينيين».


اشتعال الجبهة اللبنانية خطير

«إسرائيل تستطيع المحاربة على أكثر من جبهة»
«مقاومة على امتداد الوطن والعالم»
«حملة نصر الله على مصر مشبوهة»
مسيرات عاشورائية لحركة «أمل»

صواريخ من لبنان تجذب الأنظار نحو جبهة الجنوب ..لساعات

فجأة، وفيما كان المشهد الغزاوي يجذب كل أنظار العالم، فتح باب الاحتمالات، وهذه المرة من جنوب لبنان. حيث انطلقت ثلاثة صواريخ من جنوب لبنان نحو شمال الأراضي المحتلة، وأصابت مستوطنة نهاريا فأوقعت جريحين على الأقل، وردّت القوات الإسرائيلية على الفور ببضع قذائف مدفعية، معلنة أنها سترد على كل صاروخ بصاروخ.
ورفضت إسرائيل تحميل حزب الله المسؤولية عن إطلاق الصواريخ، وفضّلت أن تحمّل منظمات وفصائل فلسطينية، وسط بلبلة وحالة من الإرباك سادت المستوطنات الشمالية في فترة ما بعد ظهر أمس، جرّاء خرق الطائرات الإسرائيلية جدار الصوت فوق الأجواء اللبنانية. وفيما اكتفى وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك بالإعراب عن استعداده لأي طارئ، وأن «إسرائيل تتابع عن كثب ما يحدث في الشمال ومستعدون وسنرد بحسب الحاجة»، شدد وزير البنى التحتية بنيامين بن أليعازر على أن «حزب الله ليس من أطلق الصواريخ، بل الجبهة الشعبية ـــــ القيادة العامة التي يرأسها أحمد جبريل، وبالتالي لا يجب الرد عليها أو التأثر بها»، بينما قال الوزير شالوم سمحون، من حزب العمل، إن «العملية كانت متوقعة». وقال وزير المتقاعدين والرئيس السابق للموساد الإسرائيلي، رافي إيتان، إن «الحكومة اللبنانية والقوات الدولية مسؤولتان عن عدم منعهما العمل الذي كان متوقعاً». من جهتها، أشارت مصادر في قيادة المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي إلى أن «علينا أن ننتظر ونرى إن كانت المسألة تتعلق بتصعيد فعلي، وعندها سيكون رد الجيش أكثر جدية»، لكنها تابعت تقول إن «إذاعة حزب الله تبث موسيقى، وهي إشارة إلى أنهم يريدون القول (في حزب الله) إنه ليس للحزب علاقة بالمسألة».
وكانت قيادة الجيش أصدرت بياناً جاء فيه أن جهة مجهولة «أقدمت على إطلاق عدد من الصواريخ في اتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة. وبالتزامن مع ما حصل، سقط داخل الأراضي اللبنانية شمالي بلدة الناقورة عدد من قذائف المدفعية، مصدرها العدو الإسرائيلي، من دون وقوع إصابات. واتخذت وحدات الجيش بالتعاون مع قوات الأمم المتحدة التدابير اللازمة لحماية الأهالي، وضبط الوضع، منعاً للاستغلال والعبث بأمن البلاد».
وفور تبلّغه خبر إطلاق الصواريخ من الجنوب، بادر الرئيس فؤاد السنيورة إلى إجراء اتصالات مع كل من الرئيسين ميشال سليمان ونبيه بري ووزير الدفاع الياس المر وقائد الجيش العماد جان قهوجي وقائد قوات الطوارئ الدولية الجنرال كلاوديو غراتسيانو. وشدد السنيورة على أن «ما جرى في الجنوب يعتبر خرقاً للقرار الدولي 1701، وهو ما لا يقبل به ويرفضه لبنان، وهو قد طلب من السلطات اللبنانية المختصة أن تجري تحقيقاً في الحادث».
وأعلنت الناطقة الرسمية باسم اليونيفيل ياسمينا بوزيان أنه فور وقوع الحادث، اتخذت قوات اليونيفيل، بالتنسيق مع القوات المسلحة اللبنانية، تدابير لمعرفة من يقف خلف هذه الحادثة، فيما لم يتبنَّ أحد مسؤوليته عن الحادث». وقد صدر العديد من المواقف النيابيّة المنددة بهذه الصواريخ. إذ قال النائب علي بزي إنه «لا من مصلحة لأحد في أن يحصل ما حصل اليوم في الجنوب». وتخوّف النائب بطرس حرب من أن تبدأ القضية بحادثة بسيطة وأن نجد أنفسنا في حرب كبيرة «لا يجوز أن يجرّ إليها الشعب اللبناني بعملية أو بقرار غير مسؤول صادر عن جهة مجهولة ومشبوهة». وحذر حزب الكتائب اللبنانية «من دفع لبنان للانزلاق إلى مغامرة جديدة تكلفه المزيد من الخسائر البشرية والمادية التي ما زال يئن تحت وطأتها منذ حرب تموز».


نصر اللّه: حرب تموز نزهة إذا قيست بما أعددناه

أكد الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله أنّ حرب تموز «ستكون نزهة إذا ما قيست بما أعددناه للصهاينة أمام أي عدوان جديد»، محذّراً الإسرائيليين من أي خطوة عسكرية يقومون بها تجاه جنوب لبنان. وخلال الاحتفال المخصص لمسيرة اليوم العاشر من محرم في الضاحية الجنوب، التي ضمّت مئات الآلاف من مناصري حزب الله، أعاد نصر الله التأكيد على عدم إعطاء الشرعية لـ«الكيان الصهيوني القائم على اغتصاب الأرض وانتهاك المقدسات وسفك الدماء وارتكاب المجازر»، مؤكداً أن حماة هذا الكيان المجرم في أميركا وعلى امتداد العالم «يريدون من أمتنا من شعوبنا أن تعترف بوجود إسرائيل ولو بالحديد والنار»، «ولكن الغالبية الساحقة من أمتنا ما زالت ترفض ذلك وسترفض ذلك».
واستكمل نصر الله هجومه على الأنظمة العربية المصنّفة غربياً في خانة الاعتدال العربي، فرأى أنّ أبسط وأوضح الواجبات على الحكام والشعوب في هذه المرحلة «قطع العلاقات مع إسرائيل ووقف كل أشكال التطبيع معها وإعطاء الوصف الحقيقي لما ترتكبه من مجازر اليوم في غزة». وتوقف عند قرار الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز طرد السفير الإسرائيلي تضامناً مع الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أنّ تشافيز «فعل ذلك تشافيز انطلاقاً من إنسانيته ومن حسه الثوري الكبير ليصفع بذلك أيضاً وجوه كل أولئك الذين يستضيفون سفراء لإسرائيل في عواصمهم، ولا يجرؤون حتى على التفكير في طرد هؤلاء السفراء». لافتاً إلى أنه مطلوب من بعض حكام العرب أن يتعلّموا من زعيم في أميركا اللاتينية كيفية التضامن وحجم التضامن مع شعب فلسطين.
وانتقد أداء الحكومات العربية إذ يجب أن تكون «إلى جانب الشعب والمقاومة في فلسطين، وليس وسيطاً بينها وبين الاحتلال، وأن تساعد المقاومة على تحقيق هدفها في وقف العدوان وفك الحصار، لا في الضغط على المقاومة للقبول بشروط إسرائيل المذلة». واستكمالاً لمجموعة الملاحظات على دور الجمهورية المصرية، قال نصر الله «بالأمس قال مسؤول مصري كلاماً جيداً هل يحتاج مجلس الأمن، هل يحتاج مجلس الأمن إلى أكثر من 650 شهيداً و2500 جريح ليحسم أمره ويتصرف بمسؤولية؟»، فردّ هذا التساؤل بسؤال آخر، «وأنا اسأل هذا المسؤول المصري وهل يحتاج النظام المصري إلى أكثر من 650 شهيداً و2500 جريح ليفتح معبر رفح فتحاً حقيقياً ونهائياً لمساعدة أهل غزة على الصمود والانتصار؟»، مؤكّداً أن كل المطلوب من هذا النظام المصري فتح معبر «لا فتح جبهة ولا إعلان حرب». وأشار نصر الله إلى أنّ حزب الله لم يخاصم ولم يعادِ من تواطأ من العرب على المقاومة في حرب تموز، «ولكننا سنخاصم ونعادي من يتواطأ على غزة وأهلها». ورأى نصر الله أنّ كلام السفير الأميركي في الأمم المتحدة، جون بولتون، دليل على الهدف الحقيقي للأميركيين والصهاينة من العدوان على غزّة، «في تصفية القضية الفلسطينية من خلال الفصل نهائياً بين قطاع غزة والضفة الغربية، والحديث عن انتهاء مقولة الدولتين من خلال تثبيت دولة إسرائيل وتسليم قطاع غزة لمصر وتسليم أجزاء من الضفة الغربية إلى الأردن». وأشار نصر الله إلى أنّ تجربتي حرب تموز 2006 وصمود المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة «حسمتا ويجب أن تحسما كل نقاش بشأن استراتيجية دفاعية هنا أو هناك»، مشيراً إلى عجز جبروت الجيش الإسرائيلي عن تحقيق أهدافه «أمام مقاومة متواضعة الإمكانات ولكنها عظيمة الإيمان والإرداة في بقعة جغرافية ضيقة ومحاصرة». وأكد أنّ «خيار المقاومة الشعبية المسلحة والمستندة إلى الإيمان والعزم وإلى الاحتضان الشعبي هي الخيار الأقوى والأفضل لمواجهة أعتى الجيوش في العالم إذا ما أرادت أن تحتل أرض بلد ما»، لافتاً إلى عجز مجلس الأمن والقرارات الدولية عن حماية الشعب الفلسطيني.
وقال نصر الله إنّ المنطقة كلها تمرّ في مرحلة تاريخية دقيقة وحساسة، «أقول لكم إننا لا نعرف حتى الآن حجم المشروع وأبعاده وحجم التواطؤ القائم، ويجب أن نتصرف على قاعدة أن كل الاحتمالات قائمة، ويجب أن نكون جميعاً دائماً واعين وحذرين ونراقب الأوضاع بدقة ومستعدّين لأي طارئ». وأشار إلى ما قاله اولمرت للرئيس الفرنسي، «اليوم حماس وغداً حزب الله، وردّ: أنا أقول لأولمرت الفاشل والمهزوم في لبنان: لن تستطيع القضاء على حماس ولن تستطيع القضاء على حزب الله». ورداً على التهديدات التي تتوعّد المقاومة في لبنان، قال نصر الله «لن ترعبنا طائراتكم ولن تخيفنا تهديداتكم، نحن مستعدون لكل احتمال، وجاهزون لكل عدوان، ولن أكرر ما قلته في السابق، لو جئتم إلى أرضنا، أقول لكم بكلمة بسيطة، سيكتشف الصهاينة أن حربهم في تموز هي نزهة إذا ما قيست بما أعددناه لهم أمام أي عدوان جديد»، مؤكداً تمسّك المقاومة بسلاحها.

«غزة ودور العلماء في المواجهة الراهنة»

عُقد أمس لقاء موسع بعنوان «غزة ودور العلماء في المواجهة الراهنة» بدعوة من تجمع العلماء المسلمين، حضرته مجموعة من رجال الدين والمسؤولين في عدد من التيارات السياسية. وصدر عن المجتمعين بيان أكد أنّ الحرب على غزّة «حرب بين خطَّي المقاومة والممانعة في العالم وخط الاستكبار والاحتلال الأميركي والصهيوني»، مشيراً إلى أنّ كل ما يسهم في تثبيت العدوان أو يتخلّف عن نصرة المقاومة في فلسطين هو شريك في هذه الجريمة وحكمه حكم الغاصب المحتل.