إسرائيل و«حماس» تطلبان تعديلاتالقاهرة، دمشق ــ الأخبار
أعلنت قوى التحالف الفلسطينية، وبينها حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، رفضها للمبادرة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة. وقالت إنها «ليست أساساً صالحاً للحل»، فيما وصفتها مصادر فلسطينية بأنها «خطيرة، وتهدف إلى التضييق على المقاومة».
ورأت الفصائل، في بيان مشترك، أن المبادرة تتضمن بنوداً «ملغومة»، حيث إنها ربطت «التهدئة المؤقتة أو الهدنة الدائمة، أو الوفاق الوطني، مع وقف العدوان وفك الحصار والانسحاب»، وهي بنود تمثل «خطورة على المقاومة ومستقبلها، وعلى تطور القضية الوطنية الفلسطينية برمتها» وتهدف إلى «إجهاض حالة الصمود والنيل من قوى المقاومة، في إطار خطة دولية ـــــ إقليمية ـــــ صهيونية».
وأعلنت الفصائل رفضها إرسال قوات أو مراقبين دوليين إلى قطاع غزة، معتبرة الهدف من ذلك «حماية أمن الاحتلال والتضييق والحصار على المقاومة والنيل من إرادة شعبنا». وقالت مصادر فلسطينية لـ«الأخبار»، إن «المقاومة قد تقبل بوجود مراقبين دوليين أوروبين على المعابر، شريطة أن تكون هناك حراسة مشتركة من السلطة الفلسطينية وحكومة حماس والمراقبة الدولية».
ورغم بيان الفصائل، كشفت مصادر مصرية وفلسطينية مطلعة النقاب عن أن «حماس» طلبت إدخال تعديلات على المبادرة. وأوضحت أن «حماس» تريد أن تتضمن المبادرة فتح معبر رفح والحصول على ضمانات إسرائيلية ودولية بعدم معاودة قوات الاحتلال الإسرائيلية محاولة اقتحام غزة أو اجتياحها برياً أو قصفها بالطائرات. وكشفت المصادر عن أنه بالنسبة إلى مصر، فإن فتح معبر رفح ليس ضمن بنود المبادرة المقترحة، وإنه يتعيّن على «حماس» إما قبول المبادرة كما هي وإما رفضها من دون أي تعديلات.
في غضون ذلك، عقد رئيس جهاز الاستخبارات المصرية اللواء عمر سليمان اجتماعاً مغلقاً مع كل من المستشار السياسي لرئيس وزراء إسرائيل شالوم تورجمان، ورئيس الهيئة السياسية والأمنية لوزارة الدفاع عاموس جلعاد، اللذين وصلا في وقت سابق إلى القاهرة للاطلاع على المبادرة المصرية.
وكالعادة، سعى الوفد الإسرائيلي إلى إفراغ المبادرة المصرية من محتواها بغرض التركيز على مساعي إسرائيل لتحجيم القدرة العسكرية لحركة «حماس» ومنعها من تطويرها، بالإضافة إلى مطالبة مصر بدور أكبر في ما يتعلق بمكافحة تهريب الأسلحة وعناصر المقاومة عبر الحدود المصرية الفلسطينية.
وقالت مصادر موثوقة إن الوفد الإسرائيلي لم يقدّم رداً حاسماً بشأن المبادرة، سواء بالقبول أو الرفض، بل علّق موافقة الحكومة الإسرائيلية عليها على تعديل المبادرة بما يتناسب مع المصلحة الإسرائيلية، وبالتحديد في نقطتين: الأولى متعلّقة بأن تكون الهدنة فورية ودائمة لا مؤقتة، أما الثانية فهي ضمان أمن إسرائيل، وترجمته هو وضع قوات من البحرية الأميركية مدرّبة على مراقبة الحدود على الشريط الحدودي بين مصر وغزة أو وجود قوات دولية تضمن عدم تسرّب الأسلحة عبر الأنفاق. وغادر الوفد الإسرائيلي القاهرة بعد ظهر أمس، وأطلع إيهود أولمرت وتسيبي ليفني على نتائج محادثاته هناك.

حكاية المبادرة

تروي مصادر ولادة المبادرة المصرية أنه عندما كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يغادر القاهرة متوجهاً إلى دمشق، همس الرئيس المصري حسني مبارك في أذنه قائلاً «عزيزي ثمة مفتاح للحل في دمشق عليك أن تقنع (الرئيس السوري) بشار الأسد به».
في لقائه هناك مع الأسد، استخدم ساركوزى سياسة العصا والجزرة: «عليكم أن تساعدونا لدى حماس. نعلم أن لديكم نفوذاً هائلاً. من مصلحة الجميع وقف إطلاق النار. أنا كفيل بالحصول على موافقة (إيهود) أولمرت».
عبارات ساركوزي حملت أيضاً مصطلحات تحذر من المخاطرة بأمن المنطقة في ظل الوضع السياسي الراهن في إسرائيل: «انتبهوا، هناك الجميع في حالة انتخابات، والجميع سيتسابق لا محالة لجني الأصوات ورص الشارع الإسرائيلي إلى جانبه، ليس هذا وقت البطولات».
ردّ الأسد كان مشفوعاً، بحسب المصادر نفسها، برسالة من رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» خالد مشعل: «سنلتزم بأي وقف لإطلاق النار إذا تعهّدتم بوقف العدوان الإسرائيلي فوراً. سنوقف الصواريخ متى توقفوا هم. لم نكن البادئين بالمجزرة على كل حال».
كلمات مشعل فتحت الطريق المغلقة أمام ساركوزي، فقرر بعد اتصالات هاتفية سريعة مع الرئيس المصري ورئيس الوزراء الإسرائيلي العودة إلى القاهرة.
طلب مشعل والسوريون تعديلاً طفيفاً على المبادرة المصرية، ولم تكن مهمة ساركوزي صعبة في إقناع مبارك ببعض التعديلات، التي لم تشمل أي جديد سوى دمج النقاط الأربع في ثلاث نقاط فقط.
وعقب قمة مبارك ـــــ ساركوزي الثانية في شرم الشيخ، كان اللواء عمر سليمان قد انتهى من اجتماعه مع وفد «حماس»، الذي ضم عضوي مكتبها السياسي محمد نصر وعماد العلمي، حيث عرض عليهما المبادرة المصرية التي تضمّنت التعديلات الفرنسية.


نص المبادرةوالنقاط الثلاث هي:
1ــ موافقة إسرائيل والفصائل الفلسطينية على وقف إطلاق نار مؤقت لإتاحة الفرصة لنقل المساعدات عبر ممرات إنسانية إلى 1.5 مليون فلسطيني في قطاع غزة.
2ــ تدعو مصر إسرائيل والفصائل الفلسطينية إضافة إلى ممثّلي الاتحاد الأوروبي و«أطراف أخرى» إلى مناقشة وسائل ضمان عدم تكرار التصعيد في قطاع غزة.
3ــ تدعو مصر الفصائل الفلسطينية، وخصوصاً حركتي «فتح» و«حماس»، إلى استئناف الحوار من أجل مصالحة وطنية فلسطينية.
وترى مصر، بحسب دبلوماسي فلسطيني، أن هذه المبادرة لا تعني عودة إلى الوضع الذي كان قائماً من قبل. إذ سينص اتفاق الهدنة الجديد على ضمانات وآليات مراقبة لم تكن قائمة من قبل.