بول الأشقربعدما طرد سفير إسرائيل وسحب سفيره من تل أبيب في أوج العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006، كرّر الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز فعلته، وهذه المرة تضامناً مع فلسطين.
قبل ثلاثة أيام، ندد تشافيز بـ«خنوع العالم أمام الجريمة التي ينفذها جيش جبان ضد شعب أعزل وبريء»، معتبراً أنه «لو بقي حياءٌ في العالم، لوجب إحالة رئيس إسرائيل برفقة شريكه الرئيس الأميركي جورج بوش، أمام محكمة العدل الدولية...»، ووجّه نداءً إلى اليهود الفنزويليين قائلاً لهم: «أنتم الذين تعرفون معنى المحرقة، أسألكم: ما الذي يحدث اليوم في غزة؟ دعوا أيديكم على قلوبكم وكونوا عادلين، لنكن عادلين...».
وتزامنت هذه التصريحات مع إقرار مجلس النواب، بمبادرة من الحزب الشيوعي، بياناً يندد بـ«المحرقة المستمرة بحق الشعب الفلسطيني»، ويطالب بقطع كل العلاقات مع الدولة العبرية. وبناءً عليه، أصدرت وزارة الخارجية الفنزويلية قراراً رسمياً بطرد السفير الإسرائيلي وجزء من موظفي السفارة. ووفقاً للخارجية، فقد استند القرار إلى «رسالة فنزويلا السلمية وتمسّكها باحترام الحق الدولي»، إذ اعتبرت أن الحملة العسكرية الإسرائيلية تمثّل «انتهاكات سافرة للقانون الدولي» و«إرهاب دولة».
ورأت الحكومة الفنزويلية أنها وجّهت «نداءً إلى ضمير الشعب اليهودي» عبر قرارها الثلاثاء طرد السفير الإسرائيلي في كراكاس. ورداً على سؤال لفضائية «الجزيرة» القطرية، قال وزير الخارجية الفنزويلي نيكولاس مادورو إن هذا الطرد يمثّل «اعتراضاً دبلوماسياً وسياسياً ونداءً إلى حكومات العالم وضمير الشعب اليهودي». وأكد أن فنزويلا لا تعادي الشعب اليهودي بل «المجرمين الذين يحكمون إسرائيل» و«ارتكبوا محرقة بحق الفلسطينيين طوال ستين عاماً».
وفي أعقاب هذه الخطوة، قررت إسرائيل الرد بالمثل، وطرد القائم بالأعمال الفنزويلية في تل أبيب. وأعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، يغال بالمور، أن الوزارة ستتخذ «بطبيعة الحال إجراءات ردّ وتطرد القائم بالأعمال في سفارة فنزويلا في تل أبيب». ورأى أن القرار الذي اتخذته فنزويلا «فظ لا يشرّف فنزويلا وشعبها، ويعكس التحالفات التي أبرمها قادة فنزويلا مع الإسلاميين والإرهابيين».
وأثار قرار طرد السفير ردود فعل مرحّبة من أنصار تشافيز والجالية العربية في فنزويلا، فيما تحفّظت المعارضة ووسائل الإعلام التابعة لها. ووجهت افتتاحيات الصحف الفنزويلية سؤالاً لتشافيز: «العرب لم يتصرّفوا على هذا المنوال، فلماذا أخذت أنت هذه الخطوة؟».
أما العالم العربي، فشهد مواقف ترحّب بقرارات تشافيز المؤيّدة للفلسطينيين. وفي عمان، أشاد أمين جبهة العمل الإسلامي، زكي بني أرشيد، بقرار الحكومة الفنزويلية، داعياً «الحكومات الصامتة» إلى اتخاذ «خطوات مماثلة». وقال، في رسالة موجهة إلى الرئيس الفنزويلي، «إننا إذ نثمّن مواقفكم، نتمنى أن تلتقط الحكومات الصامتة الرسالة وتبادر إلى خطوات مماثلة من شأنها إيقاف جرائم الإبادة التي ترتكب من دون وازع من أخلاق أو رادع من قانون».
ولم يقتصر التضامن مع الشعب الفلسطيني في أميركا اللاتينية على فنزويلا فقط، فقد أعلنت البرازيل، التي تحاول أداء دور أكثر فعالية في المنطقة بعد «فشل الوسطاء التقليديين وتعطيل دور الأمم المتحدة»، أنها تنوي طرح عدد من الأفكار الجديدة لإعادة تحريك مسار السلام في المنطقة. وهو ما دفع وزير الخارجية سيلسو أموريم للتوجّه إلى الشرق الأوسط في جولة تشمل سوريا والأردن وإسرائيل والضفة الغربية، في إطار محاولة الرئاسة البرازيلية، بالتنسيق الضمني مع فرنسا، تنظيم مؤتمر عالمي من الدول المحايدة لتؤلّف قوة موازية لاصطفاف الولايات المتحدة الآلي مع إسرائيل.
إلى ذلك، أصدر حزب الشغيلة الحاكم بياناً جدد فيه دعمه الكامل للقضية الفلسطينية، مندداً بالحرب الإسرائيلية على غزة التي نعتها بـ«إرهاب الدولة». وقال البيان: «لا نقبل بتبرير الدفاع الذاتي ولا بمقولة ردة الفعل. لا تواجه العمليات بالقصف على المدنيين، ومعاقبة المدنيين هي نموذج عن تصرّف الجيش النازي كما حصل في غيرنيكا».