طهران ــ محمد شمصفتحت معركة غزة سجالاً إعلامياً واسعاً بين القاهرة وطهران، على خلفية الموقف المصري الرافض لفتح معبر رفح أمام الفلسطينيين المُحاصرين. ونفخت هذه المعركة في رماد التوتر القائم بين البلدين منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979. وسائل الإعلام الإیرانیة سخّرت إمکاناتها لمعركة ترى إیران نفسها معنیة فیها مباشره، ولا سیما بعد إعلان المرشد الأعلی للثورة، آية الله علي الخامنئي، أن الدفاع عن الفلسطینیین في غزه واجب علی جمیع المسلمین.
في المقابل، انقسم الإعلام العربي كما الواقع السیاسي إلی ثلاثة أقسام: الأول یُبرّر العدوان الإسرائیلي ویُحمّل «حماس» المسؤولیه. الثاني یُحمّل إسرائیل المسؤولیة من دون اتهام الأنظمه العربیة. والثالث یرى أن العرب وإسرائیل شركاء في الجریمة.
هذا الانقسام، استفاد منه الإعلام الإیراني، ولا سیما قناة «العالم»، التي جندت طاقمها لتغطیة شاملة للعدوان الإسرائیلي واختارت عناوین للعدوان مثل «غزه صامدة» و«غزه تحت النار». الأمر الذي استفزّ قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي فرضت قیوداً علی عمل الصحافیین، واعتقلت مراسل القناة في القدس المحتلة، خضر شاهین، بتهمة إعطاء إحداثیات ومعلومات أمنیة لإیران.
ولعلّ التهافت والانقسام في الإعلام العربي إزاء مقاربه الموضوع الفلسطیني الراهن، أتاحا للإعلام الایراني أداء دور في محاولة استنهاض الشعوب العربیة من خلال بث «كلیبات» تحرّض علی الحكّام والأنظمة، وخصوصاً الشعب المصري. دور ينسجم مع الموقف الرسمي الإیراني الذي أعرب عن غضب وقلق من صمت النظام العربي، والمصري تحدیداً، بل تورطه وعلمه المُسبَق بالعدوان علی غزة.
الموقف الإیراني التصعیدي تجاه الحكام العرب الذي یترجمه الإعلام الایراني، عدّته أوساط مصریة تحریضاً علی مصر وحکّامها، ومزایدة علیها، إذ أعلن وزیر الخارجیة المصري أحمد أبو الغیط، أن «لا یزایدنّ أحد علی الموقف المصري». وقصد بذلك إیران، والأمین العام لحزب الله السید حسن نصر الله، وقناة «المنار». ونقلت مصادر إعلامیة أن الرئیس المصري حسني مبارك، طلب من مستشاریه دراسة اقتراح رفع إلیه یقضي بإیقاف بث «المنار» علی القمر المصري «نایل سات».
وهبّت القاهرة أبعد من ذلك، حيث ذكرت مصادر إعلامية أن جهات مصرية معنية أبلغت قناة «العالم» انزعاجها من أدائها ومن «التحريض» ضد النظام والرئيس مبارك، وطالبتها بوقف بث «الكليبات» والبرامج ذات الصلة.
وفي الوقت الذي تشجّع فیه السلطات الإیرانیة هذه السیاسات الإعلامیة، اتُّخذت إجراءات صارمة بحق صحیفه «كاركزاران» الإصلاحیة، وجرى إغلاقها بسبب نشرها خبراً یساوي بین إسرائیل و«حماس» لاستهدافهما المدنیین. رئیس تحریر الصحیفه، مرتضی سجادیان، اعترف بوجود خطأ سقط سهواً ولم تتعمده الصحیفة، وقال إنه یتابع الموضوع لمعرفة المحرّر الذي دسّ العبارة المشبوهة، رغم أنه شطبها بنفسه.