Strong>مشاريع ألمانيّة وأميركيّة لمنع التهريب ترفضها مصركعادتها، قرّرت إسرائيل، أمس، الضرب بالقرارات الدولية عرض الحائط، معلنة مواصلة عدوانها على قطاع غزة «حتى تحقيق الأهداف»، لكن من دون توسيع الحملة. أهداف يبدو أنها باتت تتمحور حول بلورة آلية واضحة ومضمونة لمنع تهريب الأسلحة إلى القطاع مدعومة بأفكار ألمانية وأميركية جديدة

محمد بدير
أعلنت الحكومة الإسرائيلية الأمنية المصغرة، أمس، رفضها لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1860 الذي صدر في نيويورك فجر أمس، وقررت مواصلة العدوان العسكري على قطاع غزة «حتى تغيير الوضع في الجنوب وفقاً للخطط التي تمت المصادقة عليها عند انطلاق العملية العسكرية».
وجاء في بيان في أعقاب اجتماع الحكومة المصغّرة استمر ساعات طويلة في مقرّ وزارة الدفاع في تل أبيب أن «لدولة إسرائيل الحق الكامل في الدفاع عن مواطنيها، ولذلك فإن الجيش سيعمل من أجل تحقيق أهداف العملية».
وخلال الاجتماع، استمع الوزراء إلى خلاصات عسكرية قدمها قادة الجيش والأجهزة الأمنية، كما استمعوا إلى تقرير رئيس الدائرة الأمنية السياسية في وزارة الدفاع، عاموس جلعاد، الذي عاد من القاهرة من دون أن يتمكن من تطويع المبادرة المصرية بما يخدم الرؤية الإسرائيلية للحل.
ونقل مراسل الشؤون السياسية في القناة الإسرائيلية العاشرة، تشيكو مناشيه، عن مصادر في الدولة العبرية قولها إن أكثر ما تتحفظ عليه إسرائيل في القرار الدولي هو «ظهورها بمظهر الخاضع لإملاء خارجي»، وهو ما سعى مسؤولوها إلى الحؤول دونه، من خلال إجراء اتصالات سياسية مع زعماء غربيين استمرت حتى ساعات مبكرة من فجر أمس، للتمكّن من تأجيل إصدار القرار، لكن من دون جدوى.
وفيما اعتُبر خطوة تمهيدية لإعلان رفض القرار 1860، أصدر رئيس الحكومة إيهود أولمرت، بياناً، قبيل انتهاء الاجتماع الحكومي، قال فيه إن «استمرار إطلاق الصواريخ على سكان الجنوب يثبت أن قرار مجلس الأمن ليس عملياً ولن يطبق فعلياً من قبل منظمات الجريمة الفلسطينية». وأضاف أولمرت «منذ الأبد، لم توافق دولتنا على أن تحدد أي جهة خارجية حقها في الدفاع عن أمن مواطنيها». وخلص رئيس الوزراء إلى التأكيد على أنّ جيشه سيواصل العمل من أجل «الدفاع عن مواطنيه وسينفذ المهام التي كلف بهاوكانت وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، أول من سارع إلى التعليق على القرار، بعد ساعات على صدوره، فشدّدت على أنّ «إسرائيل عملت وتعمل وستعمل وفقاً لاعتباراتها فقط وهي أمن مواطنيها وحقها في الدفاع عن نفسها». أما وزير الصناعة والتجارة، إيلي يشاي، فسخر من القرار الدولي بالقول «إن العالم أصبح جهة تمارس الضغط لمصلحة حماس و(رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة) اسماعيل هنية»، جازماً بأنّه «لن يحصل شيء إذا بقي القرار حبراً على ورق، فالمهم هو فقط مصلحتنا».
في هذا الوقت، وفي ظلّ الرفض المصري لنشر قوات دولية على الحدود مع قطاع غزة لمنع تهريب الأسلحة، ظهرت اقتراحات جديدة دولية لهذه الغاية، تعمل تل أبيب على بلورتها مع جهات دولية، في مقدمها الولايات المتحدة وألمانيا.
ومن جملة هذه الاقتراحات، تشييد جدار غربي في منطقة رفح على امتداد الحدود، والاستعانة بخبرات هندسية غربية لاكتشاف الأنفاق وتفجيرها وتكثيف الجهود لإجهاض عمليات التهريب قبل وصولها إلى محور فيلاديلفي، أي في عمق الأراضي المصرية.
وبحسب مصادر إسرائيلية، فإن مصر تعارض أيضاً معظم هذه الاقتراحات، وتطلب في المقابل من إسرائيل السماح لها بزيادة عدد قواتها التي يمكن نشرها على الحدود معها، وهو ما تعارضه إسرائيل خشية من «انعكاساته بعيدة المدى».
وفي السياق، يمكن القول إنّ القرار الإسرائيلي بمواصلة عملياته العسكرية، يهدف إلى تشديد الضغط الميداني، بهدف التوصل إلى حل لهذه النقطة السياسية العالقة مع القاهرة، وخصوصاً في ظل إشارة مسؤولين عسكريين إسرائيليين، إلى أن قرار الحكومة المصغرة يتحدث عن «مواصلة»، لا عن «توسيع» العدوان.
بكلام آخر، لم يقرّر وزراء الحكومة المصغّرة الانتقال بحربهم إلى المرحلة الثالثة التي تعني اجتياحاً واسعاً للقطاع، يدخل في إطاره احتلال المناطق المأهولة بالسكان.
ورفض المتحدث باسم أولمرت، مارك ريغيف، الكشف عما إذا كان الوزراء قرّروا توسيع العملية البرية. وقال «لا أستطيع الخوض في تفاصيل العملية. الضغط العسكري على حماس سيستمر».
في ضوء ذلك، فإن القرار الإسرائيلي يعني من الناحية العملية، تمديد مرحلة المراوحة التي دخلتها الحملة العسكرية منذ أيام، على أمل أن تفضي الاتصالات السياسية، إلى مخرج مرضٍ بالنسبة إلى أولمرت ووزرائه، في موضوع تهريب الأسلحة ولا تضطرها في الوقت نفسه، إلى تعميق تورّطها الميداني في قطاع غزة.