نيويورك ـ نزار عبودكان عدم استخدام الولايات المتحدة الفيتو لتعطيل صدور القرار 1860 مفاجأة لمراسلين إسرائيليين في نيويورك. وعدّه أحدهم تغييراً «غير مفهوم» في الموقف الأميركي في ظرف يستحق الدعم الدبلوماسي القوي من الحليف الكبير، معرباً عن ضيقه من الموقف. آخرون رأوا أن حجم الكارثة الإنسانية التي لحقت بغزة طغت على كل اعتبار آخر، وأحرجت حتى الولايات المتحدة صاحبة السجل الأسود على هذا الصعيد.
وفي السياق، قالت دبلوماسية من الأوروغواي لـ«الأخبار»، أثناء متابعتها جلسة التصويت على القرار التي تأخرت ساعات حتى فجر أمس، «ما عاد ممكناً السكوت على كل هذه البربرية. الولايات المتحدة تعجز في هذه الظروف عن استدعاء رؤساء الدول كالكلاب الصغيرة لكي تلحس أحذيتها، ولا يتلقّون منها في النهاية سوى التنكر والرفس».
كذلك راهن الأميركيون على تحقيق الأهداف الإسرائيلية الممكنة من خلال المبادرة المصرية. أهداف لخصها أحدهم بإخضاع قطاع غزة للرقابة الدولية المشددة على المعابر، ووضع آليات مراقبة للتهريب، وتأمين عودة السلطة الفلسطينية.
وكان تأخير قد طرأ على انعقاد جلسة التصويت، بعد إعلان الثلاثي المشترك لكل من وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، ووزير الخارجية البريطاني دافيد ميليباند، والأمين العام لجامعة العربية عمرو موسى التوصل إلى اتفاق تام على دعم القرار، مردّه أن الفرنسيين سعوا لتأجيل الجلسة لمدة أربع وعشرين ساعة بحجة رغبة الرئيس نيكولا ساركوزي في الحضور. لكن الموقف العربي كان غاية في التصلب، عندها عمدت فرنسا، رئيسة مجلس الأمن الدولي ممثلة بوزير الخارجية برنارد كوشنير، إلى تحديد موعد لجلسة التصويت في الثامنة والنصف بتوقيت نيويورك، أي في التوقيت نفسه المحدد لانعقاد جلسة طارئة للجمعية العامة التي كان قد دعا إليها رئيسها ميغيل ديسكوتو بروكمان.
كما ترافق الإعلان عن الموعد مع أنباء من دبلوماسيين بأن ساركوزي سعى إلى إقناع إسرائيل بوقف للنار من جانب واحد من أجل تعطيل كل العملية السياسية في نيويورك. وفي الساعة الثامنة والنصف، حضر بان كي مون وانتظرت الوفود، لكن كوشنير ووزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، اختفيا عن المشهد. وقيل إن كلّاً منهما كان منهمكاً في اتصالات مع رئيسه، فامتد الانتظار لحين عودتهما في التاسعة والربع مساءً. عندها عُقدت الجلسة (في الساعة الرابعة والنصف فجراً بتوقيت بيروت) على مدى ساعة، صدر خلالها القرار 1860، بأربعة عشر صوتاً وامتناع واشنطن عن التصويت.
وبعد انتهاء الجلسة، علق المشاركون على القرار. فأبدى بان ارتياحه للقرار، وقال إن زيارته للمنطقة الأسبوع المقبل ستتركز على المساعدة في تأمين وقف إطلاق النار، ووصول المساعدات العاجلة وتشجيع الجهود الدبلوماسية.
أما رايس، فقالت إنها في الوقت الذي تتفق فيه مع نص القرار وأهدافه فإن بلادها رأت أن «المهم رؤية نتائج الوساطة المصرية للحكم على نتائج ما يقدمه هذا القرار». وقرأت في القرار إنه «خريطة طريق لسلام دائم قابل للاستمرار في غزة».
من جهته، شدد ميليباند على ضرورة تطبيق القرار. كما دعا وزير خارجية تركيا، علي باباجان، إلى المسارعة لتحقيق المصالحة الفلسطينية فور تطبيق القرار بوقف إطلاق النار من أجل تحقيق التسوية السلمية، معرباً عن استعداد بلاده لأداء دور في العملية. كذلك قال نائب المندوب الروسي، ألكسندر ياكوفينكو، إن الحل في غزة لا يمكن أن يتحقق بغير الطرق السلمية.
وعلى صعيد المواقف العربية، انتقد وزير الخارجية الليبي، عبد الرحمن شلقم، تقاعس المجتمع الدولي عن اتخاذ القرار على مدى 13 يوماً وخذلان الشعب الفلسطيني المحاصر. وذكّر رايس أنه في سجون الاحتلال يقبع 11 ألف سجين فلسطيني بينهم نواب ووزراء لا تذكر الإدارة الأميركية أو تتذكر أياً منهم. وطالب بوقف الجرائم الإسرائيلية.
اما الفيصل، فأثنى كثيراً على نص القرار وروحه، مشدداً على ضرورة أن يكون نموذجاً لمعالجة أزمات مقبلة، فيما تعهد وزير خارجية مصر أحمد أبو الغيط بذل حكومته أقصى ما تستطيع من أجل الوفاء بالتزاماتها، ولا سيما في مجال المصالحة الفلسطينية.
أما مندوبة إسرائيل، غبريلا شاليف، فلم تعلن قبولها أو رفضها للقرار، بل قالت للمجلس إن إسرائيل انسحبت من غزة، وتتوقع من المجتمع الدولي أن يوقف ما وصفته بـ«إرهاب حماس».