البقاع ــ عفيف ديابأمران يوليهما البقاعي جلّ اهتمامه اليوم. غزة ومعركة مقاومتها، والمازوت و«سر» فقدانه واحتكاره من تجار السوق السوداء شبه الرسمية له. أما اهتمام القادة المحليّين فينحصر في الانتخابات النيابية المقبلة، التي تراجعت في بعض مناطق البقاع إلى أدنى سلّم اهتمامات المواطن، فيما أولويتها قصوى عند بعض الأطراف السياسيّين والشعبيّين المحليّين الذين لم يعيروا الحرب الإسرائيلية على غزة كثير اهتمامهم، ولو «إرضاءً» لشعور بعض ناسهم. ففي بلاد بعلبك والهرمل تحتل غزة المرتبة الأولى في المتابعة رغم قساوة فقدان المازوت والبرد القارس. فما «يجري في غزة من انتصارات للمقاومة هو الكفيل بالتدفئة»، وفق تعبير المحامي جاد رزق، الذي يرى أنّ انتصار القطاع المحاصر «انتصار لنا على الظلم والحرمان، وحتى على فقدان المازوت وفساد بعض الطبقة السياسية». أما في زحلة ومنطقتها، فالانتخابات النيابية تحتل أولى المراتب، حيث لا تجد بعض القوى حرجاً في تجاهل غزة وإقامة مآدب التكريم، فيما نجحت القوى المعارضة في البقاع الغربي وراشيا في وضع غزة في سلم اهتمامات الشارع المحلي الذي شهد تنافساً في التعبير عن التضامن، رغم كلام «غير مسؤول» لمسؤول محلي أكثري اتهم فيه مقاومي حماس بـ«الزعران الذين يقاتلون بقساطل الصوبيات (المدافئ) إسرائيل»! ما عرّضه لشبه طرد من منزل كان يلتقي فيه مناصري فريقه الذين يجدون في التضامن مع غزة أولوية قصوى، حسب تعبير أحمد عيسى، الذي يفضّل متابعة ما يجري على شاشات التلفزة على الذهاب للعمل و«توفير ثمن تنكة المازوت».
وما بين التضامن وعدم الاكتراث، يحلو لبعض الموالاة والمعارضة إيلاء الشأن الانتخابي العناية الفائقة. ففي الجناح الموالي تعقد الاجتماعات بشأن كيفية إجراء الانتخابات، وعند الجناح المعارض تقام الحفلات الصاخبة كرسالة لا بد منها للصديق والعدو، ولا حرج في توزيع بعض الأموال على صحافيين «لتبييض» الصورة رغم الكلام المباح عن «مقاومة» المال الانتخابي ووضع «تسعيرة» للمقاعد تبدأ من مئة ألف دولار ولا تنتهي عند رقم ربع مليون دولار.
في هذه الأثناء، يقف البقاعي باحثاً عن مادة المازوت التي ما إن تصل إلى حدود السهل حتى «تنشف» بقدرة قادر. وهو يصرف يومياً «تنكة» بنزين وهو يجول بحثاً عن «تنكة» مازوت لا يجدها إلا في السوق السوداء التي تدعمها الدولة بغياب وزارة الاقتصاد عن المراقبة. وسر الاختفاء هذا تحوّل إلى مادة حارقة عند بعض النواب الذين وجدوا الفرصة سانحة لإطلاق المواقف وتوزيع البيانات المتحدثة عن متابعتهم لقضية «أزمة المازوت» التي تبقى حبراً على ورق غير صالح للتدفئة في زمن «اشتعال الانتخابات» التي يهرب منها البقاعي نحو متابعة ما يجري في غزة.