strong>في قطاع غزّة، نضجت لعبة القطّ والفأر. إنه اليوم السادس عشر للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وها هي دبابات الاحتلال تتوغل داخل الأحياء السكنية المكتظّة، وتهجّر من لا يزال يحتفظ بمأوىبات سكان قطاع غزة في مشاهد متداخلة. يتركون منازلهم التي تتعرض للقصف الإسرائيلي. يحاولون عبثاً إيجاد أماكن أكثر أمناً، حتى إنهم يتكدّسون في حلقات دائرية ليس فيها بقعة ضوء. هذا هي حال الغزاوي، تفاقم وضعه سوءاً مع دخول القوات الإسرائيلية إلى أكثر مناطق القطاع اكتظاظاً بالسكان.
تواصلت المعارك في غزة بين القوات الإسرائيلية والمقاومة، ما أدى إلى سقوط 26 شهيداً، ليصبح المجموع نحو 886 شهيداً. أحكمت إسرائيل الحصار على مدينة غزة، وبدأ سكان الأحياء المحيطة يفرّون إلى أماكن أخرى، هرباً من المعارك العنيفة.
وشهدت مناطق الزيتون وتل الهوى والشيخ عجلين وجباليا اشتباكات عنيفة طوال ليل أول من أمس، وتقدمت القوات الإسرائيلية مئات الأمتار في تل الهوى بين منازل الفلسطينيين. وأكد عدد من سكان تل الهوى والشيخ عجلين، أن الدبابات الإسرائيلية تراجعت صباح أمس إلى مستوطنة نتساريم السابقة في منطقة المغراقة، جنوب مدينة غزة.
وأكد عدد من السكان أن «الدبابات الإسرائيلية تقدمت مئات الأمتار بين منازل الفلسطينيين لعدة ساعات»، فيما أدى القصف الإسرائيلي لقريتين في جنوب القطاع، إلى «استشهاد امرأة واشتعال النار في 15 منزلاً، ويعاني نحو 50 شخصاً من حروق واختناقات».
وقال المدير العام للإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة الفلسطينية، معاوية حسنين، إن «886 شهيداً سقطوا في الهجوم الإسرائيلي على غزة منذ بدئه، بينهم 275 طفلاً»، مضيفاً أنه «تم انتشال 12 شهيداً صباحاً (أمس)، سقطوا في الغارات الجوية والقصف على منطقتي الشيخ عجلين وتل الهوى».
ورغم إعلان إسرائيل استئناف هدنة الساعات الثلاث، إلا أن الانفجارات هزت مدينة غزة بصورة متواصلة، بالتوازي مع إطلاق الدبابات الإسرائيلية عشرات القذائف، فيما شنت الطائرات عدة غارات جوية. وأعلنت ناطقة باسم الجيش الإسرائيلي، أن «الطيران هاجم ستين هدفاً»، مضيفة «قصف الطيران أنفاقاً لتهريب الأسلحة، ومسجداً في جنوب القطاع كانت أسلحة مخزنة فيه وكان يستخدم قاعدة للتدريب، عشر مجموعات من المسلحين وثلاثة مواقع لإطلاق الصواريخ ومنزل أحد القادة العسكريين لحماس».
وأوضح شهود عيان أن الاحتلال قتل «عشرة مقاومين من كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، وسرايا القدس، الجناح العسكري للجهاد الإسلامي، كانوا يخوضون اشتباكات عنيفة مع القوة الإسرائيلية المتوغلة».
وفي السياق، أعلن مصدر عسكري أن «الجيش الإسرائيلي يعتقد بأنه قتل أكثر من 550 مقاتلاً فلسطينياً خلال الهجوم، وقدر عدد القتلى المدنيين بنحو 250 فلسطينياً». وأضاف أن «300 مقاتل آخرين قتلوا في المرحلة البرية من الهجوم، التي بدأت في الثالث من كانون الثاني». وادّعى أن «حماس تلقّت ضربة قاسية جداً، من خلال تراجع واضح في الروح
القتالية».
وقال شهود عيان إن «قذائف الدبابات الإسرائيلية في بيت لاهيا في شمال شرق قطاع غزة، سبّبت باستشهاد خمس نساء ورجل كانوا قد عادوا إلى ديارهم التي خلت من سكانها للاستحمام، كذلك استشهدت امرأة في النصيرات في وسط القطاع». وأضافوا أن «قذائف دبابة سقطت على منزلين لعائلة غبن ومعروف في منطقة الشيماء، ما أوقع عدداً من الشهداء والجرحى».
وذكر عاملون في المجال الطبي أن «أربعة من أسرة واحدة وعضواً في قوة شرطة حماس، استشهدوا في هجوم جوي على منزل شمال غزة، كما استشهد مدني آخر خارج بلدة خان يونس في جنوب القطاع».
وكان الجيش الإسرائيلي قد أنذر سكان منطقة رفح الحدودية في جنوب القطاع، من خلال منشورات ألقيت من الطائرات، بضرورة «إخلاء منازلهم»، بسبب استخدام «حماس» لبيوتهم من أجل تهريب وتخزين العتاد العسكري، بحسب المنشورات.
وفي السياق، يقول عاملون في مؤسسات تابعة لوكالة «غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين»، إنه «بحسب الإنذار الإسرائيلي، يصبح نحو 50 ألف شخص في رفح مهددين بترك منازلهم والمبيت في العراء».
فيما قالت منظمة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، إن «25 ألف فلسطيني يحتمون في مدارس تابعة للمنظمة بسبب تدمير منازلهم في الهجمات الإسرائيلية المتواصلة، للأسبوع الثالث على التوالي». وأضافت أن «استئناف توزيع المساعدات الإنسانية بات وشيكاً، بعدما تلقّت تأكيدات تتمتع بالصدقية بأن سلامة العاملين في الأمم المتحدة ومنشآتها وعملياتها الإنسانية ستحترم كلياً».
ورغم الحصار البري والبحري والجوي الإسرائيلي، أطلقت المقاومة قذائف مضادة للدروع، وفجرت عبوات مزروعة على حافة الطريق الذي تسلكه الآليات المدرّعة الإسرائيلية. وأكدت حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، أن «عدة أشخاص جرحوا في معارك بين مقاتلين وجنود إسرائيليين في الشيخ عجلين، كذلك فإنهم يعمدون إلى زرع القنابل على حافة الطريق لمنع تقدم الدبابات».
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي أن «المقاتلين الفلسطينيين أطلقوا 13 صاروخاً على جنوب إسرائيل، ما أدى إلى جرح أربعة أشخاص».
(أ ف ب، رويترز، أ ب، يو بي آي)