تل أبيب تربط «المرحلة الثالثة» بالتسوية مع مصرعلي حيدر
ردّ رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، في اليومين الماضيين، على الأصوات الدولية الداعية إلى وقف العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، مشيراً إلى أن «أي دولة في العالم، حتى تلك التي تعطينا دروساً في الأخلاق، لن تظهر ضبط النفس الذي قمنا به نحن».
ولفت أولمرت إلى أن أيّ قرار في مجلس الأمن «سواء اتخذ أو سيُتّخذ في المستقبل، لن يمنعنا من الدفاع عن مواطنينا». وجزم، خلال جلسة الحكومة الأسبوعية أمس، بأنّ دولة الاحتلال «تقترب من تحقيق أهدافها»، قبل أن يشدد على أنّ المطلوب هو «المزيد من الصبر، والتصميم والجهد من أجل تغيير الواقع الأمني في الجنوب». وعن الدعوات إلى إنهاء المجازر الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني، حذّر من أنه «ممنوع تفويت الفرصة في اللحظة الأخيرة».
وشابت تصريحات نائب وزير الدفاع الإسرائيلي، ماتان فيلنائي، تناقضات كبيرة. ففيما نقلت عنه صحيفة «يديعوت أحرونوت» قوله، أول من أمس، «لا شك أننا نقترب من القيام بعملية واسعة النطاق في قطاع غزة تختلف عما شهدناه في الماضي»، عاد الرجل أمس ليكشف عن أنّ موعد انتهاء العملية ضدّ غزة «بات قريباً». وبرّر تقديره بأنّ «قرار مجلس الأمن (الرقم 1860) لا يعطينا كثيراً من هامش المناورة. وبالتالي أعتقد أننا قريبون من وقف التحركات البرية وكل العمليات إجمالاً».
وعن احتمال مفاوضة «حماس»، رأى فيلنائي أن الحركة الإسلامية «لا تمثل شريكاً للتحاور»، مبدياً قلقه من أن الرئيس محمود عباس «يزداد ضعفاً». وبناءً على هذا التحليل، شدّد المسؤول الصهيوني على أنه في غزة «لا يوجد من نتحاور معه واللغة الوحيدة التي يفهمونها هي لغة القوة».
وفي السياق، جدّد وزير الدفاع، إيهود باراك، التأكيد أن العمليات العسكرية «تهدف إلى تثبيت واقع لإنتاج نشاطات في محور فيلادلفي لمنع عمليات التهريب»، موضحاً أنه «لا يوجد تناقض بين المسارين العسكري والسياسي»، في تلميح إلى المفاوضات الجارية بين تل أبيب والقاهرة حول الترتيبات الحدودية.
في المقابل، دعا الوزير زئيف بويم إلى توسيع العملية العسكرية، والسيطرة على محور فيلادلفي، بينما وجد الوزير إيلي يشاي ضرورة في «مواصلة إسرائيل العمل بكامل قدرتها، من أجل الوصول إلى نهاية سريعة للعمليات».
بدوره، رأى رئيس الاستخبارات العسكرية، عاموس يادلين، أن قيادة «حماس» في دمشق باتت «منقطعة» عن الواقع الميداني في القطاع، واصفاً الذراع العسكري للحركة بأنه بات «مشلولاً». غير أنّه اعترف بأنّ الحركة «لا تزال قادرة على تحقيق المكاسب سواء في الجبهة الداخلية الفلسطينية، أو عبر القتال».
وحاول المسؤول الاستخباري اللعب على وتر وجود قيادتين للمقاومة، واحدة في دمشق «تريد مواصلة القتال»، وأخرى في غزة «تريد حلولاً وسطى».
وتطرّق رئيس جهاز الأمن الداخلي «الشاباك»، يوفال ديسكين، إلى «الإنجاز» بما أن المقاومة أطلقت حتى اليوم، 500 صاروخ و200 قذيفة هاون فقط باتجاه الأراضي المحتلة. وهنّأ ديسكين نفسه بهذا الرقم، لكون قيادته كانت تتوقّع أن تتمكّن «حماس» من إطلاق ما بين 100 إلى 200 صاروخ في يوم واحد.
وعلى صعيد المساعي الدبلوماسية الإسرائيلية الساعية إلى إقناع القيادة المصرية في نشر قوات دولية على أراضيها، أفادت صحيفة «هآرتس» أن وفداً من الخبراء الألمان سيصل في الأيام المقبلة إلى القاهرة، من أجل دراسة سبل المساعدة التي سيكون بالإمكان تقديمها إلى السلطات المصرية لمكافحة تهريب الأسلحة إلى غزة. وعن نوع هذه «المساعدة» الألمانية، أوضحت أنها ستكون عبارة عن أجهزة متطورة تعطى لقوى الأمن المصرية التي سيتم تدريبها عليها.
وفي خطوة يراها بعض المراقبين تصعيداً ميدانياً، دعا جيش الاحتلال مزيداً من جنوده للانضمام إلى القوات البرية للمشاركة في اجتياح القطاع، بحسب ما بثّته القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي أمس.
ورداً على سؤال لوكالة «فرانس برس»، اعترف متحدث عسكري من جيش الاحتلال، بأنّ قسماً كبيراً من الاحتياطيين شاركوا بالفعل في المعارك، «لكن عدد المنضمّين الى الوحدات الميدانية العاملة في تزايد مستمر»، وهو ما يفسّره البعض بأنه خطوة تمهيدية لدخول المرحلة الثالثة في العملية العسكرية، التي تتضمن احتلالاً لمدن وأحياء في عمق القطاع.
وخلصت تقارير إعلامية إسرائيلية إلى أنه من بين أهداف التصعيد الميداني الذي قرّرته القيادة في تل أبيب في الأيام الأخيرة، الضغط على القيادة المصريّة وإيصال رسالة لها، مفادها بأنّ «رفض تقديم الالتزامات التي ترضي إسرائيل على هذا الصعيد، يعني توسيع العدوان».
ونقلت صحيفة «معاريف» عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله «نحن نريد هدوءاً في موضوع التهريب، وهذا أمر يمكن تحقيقه ليس في مقابل حماس، وإنما في مقابل المصريين، وإذا لم يتم التوصل إلى تسوية مريحة مع مصر، فإن العملية العسكرية قد تتحول إلى حرب».
وعن المساعي التي تبذلها القاهرة مع «حماس»، قال وزير إسرائيلي لصحيفة «معاريف»، إنّ المصريين «لا يريدون فرض تسوية على حماس، بل انتظارها لتطلب منهم ذلك بنفسها»، مختصراً المعادلة بأنها تقوم على أن الجيش الإسرائيلي يدفع الحركة الإسلامية إلى حالة «تكون فيه هي التي تطلب التسوية من أجل وضع حد للقتال».


الجيش يريد التصعيد والساسة متردّدونوأشارت الصحيفة إلى أن غالنت يحاول إقناع رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، ووزير دفاعه، إيهود باراك، بأنه يمكن الوصول إلى «الحسم» ضدّ «حماس»، من دون احتلال غزة بأكملها.
وبحسب الصحيفة، فإنّ غالنت قال لأولمرت وباراك إن العملية العسكرية في القطاع «ولّدت فرصة تاريخية ونادرة لحل مشكلة حماس». ووفق «يديعوت» فإنّ الجنرال رأى أنّ وقف العملية في المرحلة الحالية سيؤدي إلى هدوء على جبهة القطاع لعدة أعوام، محذّراً من أنّ «حماس» «ستستأنف تعاظمها، وحين تتجدد المواجهة ستكون مدينة تل أبيب في مدى الصواريخ». غير أنّ الصحيفة أكّدت ممانعة القيادة السياسية الطلب.
(الأخبار)