شدّد رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، خالد مشعل، أول من أمس، على أن الحركة لن تدرس وقف إطلاق النار في غزة، قبل أن توقف إسرائيل هجومها العسكري وتفتح المعابر الخاصة بالقطاع، متهماً إياها بارتكاب «محرقة» في غزة. وأشار إلى أن غزوها لم ينجح إلا في إغراق القطاع في «بحر من الدماء»، فيما عبّرت عشرة فصائل فلسطينية عن رفضها قرار مجلس الأمن الداعي إلى وقف إطلاق النار.وحدّد مشعل، في كلمة متلفزة من دمشق، شروط «حماس» لوقف إطلاق النار بـ«أولاً وقف العدوان فوراً، وثانياً الانسحاب الفوري لقوات العدو من غزة، وثالثاً رفع الحصار عن شعبنا، ورابعاً فتح المعابر جميعها». وشدّد على أن هجوم إسرائيل على غزة أخفق في تحقيق أهدافه العسكرية، في إشارة إلى الصواريخ التي لا تزال تسقط على إسرائيل.
وفي رسالة موجهة إلى الإسرائيليين، سأل مشعل «ماذا أنجزتم عبر هذه الحرب التي دعمتموها ودعمتم قادتكم وحكومتكم في خوضها؟ ماذا أنجزتم غير قتل الأطفال الأبرياء والجماجم المهشمة وبحر الدماء الذي تغرق فيه غزة اليوم؟ ماذا أنجزتم غير محرقة يريد قادتكم أن يكسبوا بها الانتخابات المقبلة في شباط؟».
وأضاف مشعل لقد «صنعتم مقاومة في كل بيت وفي كل بلد. لقد قضيتم على آخر فرصة وآخر نفس للتسوية والمفاوضات. لن يصدقكم أحد ولن يسمح لأي مسؤول عربي أو فلسطيني بأن يسوّق علينا التسوية والمفاوضات معكم لأن شعوبنا كفرت بهذه التسوية بعد أن جربتها طويلاً وحصادها مر. ينبغي أن تعرفوا أن لا مستقبل للأمم ولا للكيانات التي تقوم على الظلم والعدوان. لقد خسرتم أخلاقياً وإنسانياً وكشفتم وجهكم القبيح وخسرتم الرأي العام الدولي».
وأردف مشعل «نحن الآن نعيش الأيام الأصعب من المعركة، لذلك مطلوب ضراوة في المقاومة على أرض غزة وضراوة في الشارع العربي والإسلامي والدولي لنصرة غزة، نريد انتفاضة ثالثة في الضفة وانتفاضة ثالثة في الشارع العربي والإسلامي حتى يتوقف العدوان وينسحب العدو».
وأكد مشعل أن مقاتلي «حماس» تمكّنوا من تحقيق «مفاجآت» ميدانية في مواجهة الجيش الإسرائيلي. وقال إن «المقاومة بخير وستظل بخير وستنتصر بإذن الله». وأضاف أن «الاحتلال الإسرائيلي لم يحقق شيئاً من أهدافه على مدار 15 يوماً، لقد نجح في شيء آخر، نجح نجاحاً مخزياً في جرائمه بحق أطفالنا ونجح في أنه صنع محرقة على أرض غزة»، مشدّداً على أن «لحظة الحقيقة ستأتي».
كذلك رفض مشعل إمكان نشر قوات دولية في القطاع. وقال «لن نقبل قوات دولية لأنها ستأتي لحماية أمن إسرائيل ونحن نعتبر أي قوات دولية قوات احتلال». وجدد رفضه لأي مفاوضات مع إسرائيل. وأكد أن «معركة غزة لها ما بعدها». وخاطب القادة العرب قائلاً «رتبوا مواقفكم على ذلك، قفوا مع المنتصرين ولا تتفرجوا على ما يجري».
من جهة ثانية، أعلنت عشرة فصائل فلسطينية، اثر اجتماع لقادتها في دمشق، رفضها لقرار مجلس الأمن الرقم 1860 لأنه «لا يلبّي المطالب والمصالح الوطنية الشعب الفلسطيني ويلحق ضرراً بالمقاومة واستمرارها وجوهر القضية الفلسطينية».
وصدر عن الاجتماع، الذي حضره مشعل والأمين العام للجهاد الإسلامي رمضان عبد الله شلح والأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـــــ القيادة العامة أحمد جبريل إضافة إلى مسؤولين عن فصائل أخرى بينهم محمد خليفة (الصاعقة) وأبو موسى (فتح ـــــ الانتفاضة) وخالد عبد المجيد (جبهة النضال الشعبي الفلسطيني)، بيان طالب «بوقف العدوان الصهيوني وفك الحصار فوراً والانسحاب الكامل للقوات الصهيونية من القطاع وفتح كل المعابر وخاصة رفح وإدخال المواد التموينية والطبية للقطاع». وشدّد على رفض «وجود أي قوات أو مراقبين دوليين في القطاع وأي ترتيبات أمنية تمس المقاومة».
وأكد المجتمعون «رفضهم لأية مبادرات أو مقترحات تسعى لتحقيق الأهداف التي عجز عنها العدو من خلال الهجمة العسكرية البربرية». وطالبوا «الزعماء العرب بالإسراع في عقد القمة العربية الطارئة، وتحمّل مسؤولياتهم التاريخية أمام ما يجري».
بدوره، رأى رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية، فاروق القدومي، المقيم في تونس، أن «الهدف الحقيقي من وراء العدوان هو كسر إرادة الشعب الفلسطيني، وتدمير روحه الكفاحية ومقوّمات الصمود»، داعياً إلى «الوحدة الوطنية الفلسطينية».
وأشار القدومي، الذي رفض العودة إلى الأراضي الفلسطينية بعد اتفاقية أوسلو، إلى أن قرار مجلس الأمن الدولي الأخير حول الوضع في غزة «عائم ويأتي في مصلحة إسرائيل». وقال «كان من المفروض أن يكون القرار 1860 واضحاً ومفصلاً ودقيقاً غير أنه جاء عائماً والمستفيد الوحيد منه هو إسرائيل التي ترك لها حرية التصرف في غزة».
(رويترز، أ ف ب)