طهران ــ محمد شمصدفعت أحداث غزة المأسوية طهران إلى بدء تحرك دبلوماسي يتم علی خطین. الأول يتمثّل في الضغط علی الدول العربیة والإسلامیة لاتخاذ موقف قوي من العدوان الإسرائیلي علی غزة، وأقلّها وقف التعاون معها. والثاني يتضمن العمل مع الجانب التركي لإنضاج المبادرات المطروحة للحل.
ولهذه الغاية، أعلن عضو مجلس الشورى الإسلامي الإيراني، کاظم جلالي، أن رئیس المجلس، علي لاریجاني، سیلتقي غداً كلاً من رئیس الوزراء التركي، رجب طیب أردوغان والرئیس عبد الله غول في اسطنبول، لمناقشه سبل وقف الحرب علی غزة. وأضاف أن إیران ستقدم اقتراحات إلی الاجتماع الاستثنائي الطارئ للمجالس الإسلامیة المخصص لمناقشة الوضع في غزة.
من ناحيته، بعث وزیر الخارجیة منوشهر متكي، رسالة رسمیة إلی وزراء خارجیة بعض الدول العربیة والإسلامیة یطالبهم فیها بقطع العلاقات مع إسرائیل. وإذ شكر متكي موریتانیا وفنزویلا على قرارهما بهذا الشأن، أشار إلى أن إحدی الدول العربیة أعلنت استعدادها لإغلاق المكتب التجاري الإسرائیلي إذا اتخذت الدول الإسلامیة قراراً جماعیاً.
كذلك أعلن متكي أن إیران ستبدأ حظراً علی الشركات التجاریة التي تتعامل مع إسرائیل وأن لائحة تقوم وزارة التجارة بإعدادها.
وكانت الحكومة الإيرانية قد صدّقت أول من امس، على مشروع قرار يفرض عقوبات على الشركات الأجنبية التي تتعامل مع إسرائيل، بسبب «الهجمات الدموية التي تشنّها الدولة العبرية على قطاع غزة»، حسبما أفادت صحيفة «إيران» الرسمية أمس.
وتطال العقوبات الشركات المتعددة الجنسيات التي لها فروع في إيران، والتي «تستثمر في الأراضي الفلسطينية المحتلة أو تساعد النظام الصهيوني» حسبما أوضحت الصحيفة.
أما المتحدث باسم الخارجیة، حسن قشقاوي، فقد أكد أن طهران تستخدم كل إمكاناتها الحكومية وغير الحكومية من أجل إنهاء الأحداث الدامية في قطاع غزة. وقال في مؤتمره الصحافي الأسبوعي في طهران، «إن إنهاء العدوان، والانسحاب الفوري، وفك الحصار، والاهتمام بالمساعدات الإنسانية تشكل المحاور الرئيسة الأربعة للتحركات الدبلوماسية التي تقوم بها طهران تجاه الأزمة في قطاع غزة».
ووصف قشقاوي مجموعة التحركات والإجراءات التي تعتمدها إيران تجاه غزة، بأنها مساعٍ جماعية، مشيراً إلى إرسال الرئيس محمود أحمدي نجاد مبعوثين خاصين إلى مختلف البلدان لبحث الأزمة في غزة. وذكر قشقاوي أن إسرائیل تواصل عدوانها علی غزة بضوء أخضر أمیركي، مشیراً إلی امتناع وزیرة الخارجیة الأمیركیة كوندولیزا رایس عن التصویت في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة. ولمح إلى أن طهران «ستردّ بالطريقة المناسبة وفي الوقت المناسب» على أي تغيير في موقف واشنطن من إيران، بعد تسلّم الرئيس الجديد باراك أوباما مهامه في البيت الأبيض في 20 كانون الثاني الجاري.
وأضاف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية «علينا أن نرى ما إذا كان هذا التغيير سيتوافق مع الممارسة أو لا، وما إذا كان سيأتي بتغيّر أساسي في سلوك وموقف أميركا في ما يتعلق بإيران».
وتابع قشقاوي أن أوباما يجب «ألّا يكّرر تصريحات سابقة ومواقف أثبتت إيران كذبها»، في إشارة إلى اتهامات أميركية متعلقة بالبرنامج النووي الإيراني وقضايا أخرى وإن لم يتحدث عن اتهامات بعينها. وقال «هذه نقطة مهمة جداً، وبلا شك ستتخذ إيران إجراءً مناسباً في توقيت مناسب يتماشى مع السلوك والتحرك الأميركي الجديد».
وكان الرئيس الأميركي الجديد قد أعرب أول من أمس عن قلقه من تأييد إيران لحزب الله ومن عمليات التخصيب النووية الإيرانية والتي قال إنها قد تفجّر سباقاً للتسلّح في الشرق الأوسط.
في سياق آخر، أكد قشقاوي صحة الأخبار التي تتحدث عن رفع بصمات بعض الرعايا الإماراتيين الآتين إلى إيران، ولفت إلى أن إجراءات من قبيل رفع البصمات مبنية دوماً على المقابلة بالمثل.
إلى ذلك، واصل الطلاب الإیرانیون تظاهراتهم أمام السفارات الأوروبیة في طهران، ولا سیما أمام سفارتي فرنسا وبریطانیا، تندیداً بمواقف هذه الدول من جرائم إسرائیل في غزة، وأحرقوا أعلاماً أمیركیة وإسرائیلیة.