دخلت المفاوضات بشأن المبادرة المصريّة، أمس، في تعقيد جديد بعد طلب حركة «حماس» تعديلات، في وقت لا تزال فيه المحاولات التركيّة مستمرة لتدوير الزوايا، بالتزامن مع اتهام إعلامي مصري لإيران وسوريا بالضغط على الحركة الإسلاميّة لرفض المبادرة
القاهرة، دمشق ــ الأخبار
أبلغ وفد «حماس»، أمس، رئيس الاستخبارات المصريّة، اللواء عمر سليمان، وكبار مساعديه شروطاً جديدة كي يتمكن من إعلان موافقة الحركة على المبادرة المطروحة، وذلك بعد اجتماع مطوّل دام نحو أربع ساعات انتهى من دون إعلان أي بيان رسمي.
وعكف مساعدون لسليمان، بعد مغادرته القاهرة برفقة الرئيس حسني مبارك إلى السعودية، على عقد اجتماع داخلي لتقويم موقف «حماس» تمهيداً لعرضه لاحقاً على مستشار وزارة الدفاع الإسرائيلية، الجنرال عاموس جلعاد، الذي من المرتقب أن يصل إلى مصر اليوم.
وقالت مصادر مصرية مطّلعة، لـ«الأخبار»، إن وفد «حماس» عاد من دمشق بثلاث لاءات رئيسة تتعلق برفض الحركة لإبرام هدنة دائمة، حيث ترغب في عقد هدنة مؤقتة، كما حصل العام الماضي لعدم ثقتها بإسرائيل. كذلك ترفض «حماس» وقف إطلاق النار فوراً في قطاع غزة من دون محدّدات، إذ تصرّ أولاً على أن يتم وقف إطلاق الصواريخ الفلسطينية باتجاه إسرائيل بالتزامن مع وقف العدوان الإسرائيلي وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع. والموقف الأخير يتعلق بتحفّظ «حماس» على مقترحات تركية وفرنسية لنشر قوات دولية على الحدود المصرية ـــ الفلسطينية.
وبحسب المصادر نفسها، فإن «حماس» تطالب بأن يتضمن أي اتفاق فتحاً فورياً ودائماً لمعبر رفح بين غزة والأراضي المصرية، وترفض رفضاً قاطعاً تسليم السيطرة على المعبر سواء إلى السلطة الفلسطينية أو الاتحاد الأوروبي أو مراقبين دوليين.
وكان دبلوماسي مصري، رفيع المستوى، قد قال قبل بدء الجولة الأخيرة من المباحثات «إننا نعمل بجدية مع حماس وينبغي أن تنتهي هذه الضبابية وأن يقولوا نعم الآن لمبادرتنا». وأضاف: إن إسرائيل «توافق على ما يبدو الآن» على المبادرة المصرية وفق مؤشرات عدة، ولكن «حماس» تجد صعوبة في إعلان قبولها لها. وتابع: إن «مندوبي حماس الذين يأتون من دمشق يسمحون لأنفسهم بترف الانتظار، فيما أولئك الذين يأتون من غزة يبدون أكثر تعجّلاً في البحث عن مخرج».
بدوره، قال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، موسى أبو مرزوق، لقناة «الجزيرة»، إن «هناك فرصة لقبول المبادرة المصرية» إذا أخذت «الملاحظات الجوهرية» التي أبدتها الحركة بالاعتبار. وأضاف «الآن الفرصة متاحة وقوية لكي يتم حصد» ما أنجزته «حماس» في أرض المعركة «على الجانب السياسي». وأكد أن «المبادرة إذا قبلت ستكون بالقواعد التي وضعتها الحركة منذ البداية وهي الانسحاب الإسرائيلي ووقف إطلاق النار وفتح المعابر».
وكان لافتاً أمس الاتهام الذي وجهته صحيفة «الأهرام» الحكومية المصرية إلى إيران وسوريا بممارسة ضغوط على قادة «حماس» «لرفض المبادرة المصرية أو محاولة تعطيلها». وأضافت: إن «الدلائل تشير إلى أن هناك انقساماً داخل صفوف حماس» بين قادة الداخل والخارج، مشيرة إلى أن «الذين يقيمون في الخارج، وخصوصاً في سوريا، يتعرضون للصغوط من جانب سوريا وإيران لرفض المبادرة المصرية أو محاولة تعطيلها، بينما يصر القادة المقيمون في غزة على التجاوب مع المبادرة المصرية بهدف وقف الحرب الإسرائيلية حرصاً على مصالح المواطنين وحياتهم».
في هذا الوقت، واصل الموفد التركي أحمد داوود أوغلو محادثاته في دمشق لمحاولة تدوير زوايا المبادرة المصرية. وعلمت «الأخبار» من مصادر فلسطينية في دمشق أن «حماس» أبلغت الموفد التركي تمسكها بالمبادئ الرئيسة التي سبق وطالبت بها وهي وقف إطلاق النار والانسحاب وفك الحصار وفتح المعابر، ولا سيما معبر رفح، وتحفظاتها على بعض التفاصيل التي تتضمنها المبادرة المصرية، مثل عدم الإشارة إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة بعد وقف إطلاق النار، وكذلك طرح وقف مؤقت لإطلاق النار، وطرح البحث في تهدئة دائمة.
وعن الدور التركي في هذا النقاش، قالت المصادر إن «تركيا تسعى لأن تكون المبادرة للضغط على إسرائيل أيضاً وليس فقط للضغط على (حماس) كما هي بصيغتها الأولى»، وذلك للتوصل إلى «حل وسط بين كل الأفكار المطروحة» وهناك محاولات لإدخال بعض التعديلات على بعض التفاصيل في المبادرة المصرية، تتعلق بالآليات التي ستتبع بعد وقف العدوان، والتي لم توافق عليها «حماس».