strong>عشيّة اجتماع المصرف المركزي الأوروبي المتوقّع أن يشهد خفضاً جديداً للفائدة إلى 2 في المئة من أجل تحفيز النموّ ومواجهة الركود، حذّر تقرير منظّمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) من أنّ «الأسوأ لم يحلّ بعد» بالنسبة لاقتصادات منطقة اليورو، التي نمت بنسبة 1 في المئة فقط في العام الماضي بعد تسجيل معدّل نموّ بلغ 2.6 في المئة في 2007
من المنتظر أن يجتمع المصرف المركزي الأوروبي، المفوّض تحديد السياسات النقديّة لمجموعة الدول الأوروبيّة الـ16 التي تعتمد اليورو عملة لها، من أجل إقرار خفض جديد لسعر الفائدة الرئيسيّة يرجّح أن يجعلها 2 في المئة، وذلك بعد خفوضات حادّة خلال الأشهر الثلاثة الماضية أنزلت الفائدة من 4.25 في المئة إلى 2.5 في المئة. وهذه الخفوضات تطرح علامات استفهام عديدة متعلّقة بالدور الأساسي المفوّض للمصرف الأوروبي الذي يتّخذ من فرانكفورت مقراً له. فالهاجس الأساسي لبلدان منطقة اليورو على الصعيد النقدي كان احتواء الضغوط التضخّميّة. ولكن تداعيات الأزمة الماليّة وانحسار موجة التضخّم العالمي بسبب تراجع الطلب والانخفاض الحاد الذي طرأ على سعر النفط، منح المصرف هامشاً نوعياً للمناورة وبالتالي خفض الفوائد لتحفيز النموّ ومحاولة السيطرة على موجة الركود التي تضرب اقتصادات القارّة العجوز مثل حال البلدان الصناعيّة كلّها.
ودور المصرف الأوروبي يتكرّس يومياً، وخصوصاً مع تطوّر الأزمة الاقتصاديّة التي أدخلت بلدان منطقة اليورو في ركود، إذ تقلّصت اقتصاداتها بمعدّل 0.2 في المئة في الفصل الثالث من العام الماضي بعد تسجيل تقلّص بالنسبة ذاتها في الفصل الثاني. وقد جاء تقرير منظّمة التعاون الاقتصادي والتنمية، المعنيّة بشؤون البلدان المتقدّمة صناعياً، ليزيد الهواجس الأوروبيّة.
فقد حذّر رئيس المنظّمة، أنجيل غوريا، من «أنّنا لم نشهد بعد الأسوأ (من الأزمة الاقتصايّة العالميّة في منطقة اليورو) في ظلّ توقّعات بتباطؤ أكثر حدّة. فسوق الإسكان لا ينفكّ يتقلّص وهناك انخفاض في الصادرات الأوروبيّة». لذا من الضرورة بمكان، بحسب التقرير، اعتماد «رقابة مركّزة ومندمجة أكثر» للسيطرة على أسواق المال بين البلدان الأوروبيّة. كما يجب على الحكومات أن تكون حذرة في تدخّلها في الأسواق الماليّة في الوقت الذي تواجه فيه أزمة اقتصاديّة حادّة.
والأولويّة اليوم بالنسبة لبلدان منطقة اليورو، وفقاً للتقرير، تكمن في سعي البلدان الأعضاء لصياغة سياسات فعّالة في مواجهة الأزمة الماليّة، إضافة إلى اعتماد الآليّات المثلى لتطبيقها. وقد تزيد سهولة تطبيق السياسات الاقتصاديّة والماليّة بعدما تراجع معدّل التضخّم بشكل ملحوظ منذ تمّوز الماضي، وقد ينخفض دون حاجز الـ2 في المئة خلال العام الجاري.
وترافق الكشف عن التوقّعات مع تحذير المفوّضيّة الأوروبيّة من أنّ وضع الاقتصاد الأوروبي يزداد سوءاً، وبالتالي على القادة الأوروبيّين الإسراع لإقرار برامج تحفيز جديدة. وقال رئيس المفوضيّة، خوسه مانويل باروزو للبرلمان الأوروبي، إنّ «الأوضاع سيّئة الآن ومن المتوقّع أن تزداد سوءاً قبل أن تتحسّن».
ووفقاً للخطّة التي طرحتها في نهاية العام الماضي، تريد المفوضيّة الأوروبيّة من البلدان الـ27 الأعضاء صياغة برامج تحفيز اقتصادي تبلغ قيمتها 1.5 في المئة من ناتجها المحلّي (ما يوازي 200 مليار يورو تقريباً)، وهو ما عارضته ألمانيا في البدء، إلّا أنّ حكومتها أقرّت أوّل من أمس خطّة تحفيز قيمتها 50 مليار يورو، تنتظر الإقرار في مجلس النوّاب.
إذاً فمن المرجّح أن تزداد الأمور سوءاً قبل أن يعود النموّ الصحّي. فاقتصادات منطقة اليورو ستتقلّص، بحسب التوقّعات، بنسبة 0.6 في المئة هذا العام قبل أن تستعيد النموّ بنسبة 1.2 في المئة في عام 2010. ويجمع المحلّلون على أنّ العام المقبل سيشهد عودة النموّ بقوّة مع تبلور المفاعيل الحقيقيّة لرزم التحفيز وخطط الإنقاذ المالي. ولكن حتّى ذلك الحين فإنّ القطاعات المختلفة في اقتصاد اليورو ستشهد تراجعاً ملحوظاً.
واللافت هو أنّ بعض التحاليل ترى أنّ الاقتصادات الأوروبيّة هي أقلّ مرونة من الاقتصاد الأميركي، لذا فمن المتوقّع أن تحتاج إلى وقت أكثر من أجل التأقلم مع المناخ الاقتصادي المتغيّر، ما قد يطيل فترة الركود. والبلدان التي تعيش التراجع الأقسى هي ألمانيا وإسبانيا وبريطانيا وإيرلندا. وعلى الرغم من أنّ وضع فرنسا هو أفضل نسبياً، نظراً لدرجة أرفع من التدخّل الحكومي في الاقتصاد، إلّا أنّ الإجراءات الرسميّة تزيد من أجل احتواء وقع الأزمة الاقتصاديّة على المواطنين. وحتّى إيطاليا التي يعدّ وضعها أفضل نسبياً، ليست بمنأى أبداً عن التدهور الذي يتحدّث عنه تقرير المنظّمة.
وفي ما يتعلّق بمنطقة اليورو تحديداً، فإنّ السياسات النقديّة والماليّة الطارئة انطلقت منذ فترة، والأوروبيّون ينتظرون انعكاساتها. ولكن يبدو أنّهم سيمرّون بالأسوأ قبل تحقّقها.
(الأخبار)


تراجع الصناعة

تراجع الإنتاج الصناعي والعمل في المصافي في بلدان منطقة اليورو، في تشرين الأوّل الماضي، بأعلى معدّل تاريخي، وفقاً للبيانات التي نشرتها مؤسّسة «Eurostat» أمس. وانخفض الناتج الصناعي بنسبة 1.6 في المئة مقارنة بالرقم المسجّل في تشرين الأوّل الماضي، ليبلغ التراجع على أساس سنوي 7.7 في المئة. وفي تشرين الأوّل تراجع الناتج بنسبة 1.6 في المئة على أساس شهري و5.7 في المئة على أساس سنوي. ويقود هذا التراجع الحاد إلى انخفاض في إنتاج السلع الوسيطة. وتزيد الأرقام الجديدة من الضغوط على المصرف الأوروبي لخفض سعر الفائدة.