استقبلت إسرائيل، أمس، الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الذي يجول في المنطقة من أجل وقف إطلاق النار، بعدوان على المقرّ الرئيسي لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين التابع للمنظمة الدولية «الأونروا»؛ لم تعر أي أهمية لوجوده ضيفاً عليها، واكتفت بتبرير القصف بأنه أتى ردّاً على نيران من داخل المقرّ.وأعرب بان كي مون من تل أبيب، التي وصلها آتياً من القاهرة، عن غضبه الشديد بسبب القصف الإسرائيلي للمقرّ، وطالب السلطات الإسرائيلية بتقديم تفسير كامل. وقال «لقد أعربت عن احتجاجي الشديد وغضبي، وطالبت وزير الدفاع (إيهود باراك) ووزيرة الخارجية (تسيبي ليفني) بتقديم تفسير كامل». وأضاف: إن باراك أكّد له أن الحادث كان «خطأً جسيماً، وأنه ينظر إليه بجدية بالغة. لقد أكّد لي أنه سيتم اتخاذ المزيد من الحيطة بالنسبة إلى مرافق الأمم المتحدة، وأن ما حدث لن يتكرّر».
كذلك رأى الأمين العام أن عدد الضحايا في الحرب على غزة تجاوز الألف، ما يشكل وضعاً «لا يحتمل»، مشيراً إلى أن «العناصر اللازمة لإنهاء الحرب أصبحت متوافرة الآن». وأضاف «لقد حان الوقت لإنهاء العنف، وبالنسبة لنا (حان الوقت) لتغيير الديناميات في غزة تغييراً أساسيّاً من أجل مواصلة محادثات السلام لتطبيق حل الدولتين الذي هو الطريق الوحيد لأمن دائم لإسرائيل». لكن الجانب الإسرائيلي ادّعى بأنّ قصف المقرّ أتى ردّاً على نيران انطلقت منه.
ونقل مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى عن رئيس الوزراء، إيهود أولمرت، قوله «لا نرغب بتاتاً بوقوع حوادث كهذه، وأنا آسف لوقوعها، ولكن حركة حماس أطلقت النار انطلاقاً من مركز تابع للأونروا». وأوضح أن «أولمرت أدلى بهذا التصريح أمام الأمين العام للأمم المتحدة». وعلى أثر الاعتداء، أعلن المتحدث باسم الـ«أونروا»، عدنان أبو حسنة، أن الوكالة علّقت أعمالها في غزة عقب تعرّض مقرّها لقصف بالقنابل الفوسفورية. وقال «سنواصل عملنا في القطاع، لكن التعليق في المقرّ الرئيسي الذي تعرّض للقصف الإسرائيلي، واشتعل فيه الحريق فلن تستطيع شاحنات نقل المساعدات الخروج منه». وقالت وكالة غوث اللاجئين إنّ مجمعها الذي أوى ما يصل إلى 700 فلسطيني والذي يقع في حي الرمال الجنوبي في غرب مدينة غزة، تعرّض للقصف مرتين وإن ثلاثة من موظفيها أُصيبوا.
في المقابل، أبدت واشنطن احتجاجها على قصف مركز «الأونروا». وأكد المتحدث باسم الخارجية الأميركية، شون ماكورماك، أنّ الوزيرة كوندوليزا رايس أعربت عن «قلقها العميق» من الوضع الانساني «المقيت» في غزة في خلال اتصال هاتفي أجرته مع وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك ونظيرتها تسيبي ليفني. وأوضح ماكورماك أنه يرتقب وصول مبعوث إسرائيلي إلى وزارة الخارجية للبحث في صيغة وقف إطلاق النار «دائم وغير محدد زمنياً».
ودان رئيس الوزراء البريطاني، غوردن براون، القصف الإسرائيلي على «الأونروا»، قائلاً إنّه «لا يمكن تبريره». وأضاف: إنّ «تكثيف العمليات العسكرية الإسرائيلية، واستمرار إطلاق صواريخ حماس يعزّزان دعوتنا الملحة إلى وقف فوري لإطلاق النار». وشدد على أن «موظفي الأمم المتحدة يعملون نيابة عن المجتمع الدولي، وأيّ هجوم عليهم غير مقبول كما أقرّت إسرائيل نفسها». وتابع «لا يوجد مبرّر (لهذا الحادث) الذي يذكّرنا جميعاً بهجوم مماثل في عام 2006 على موقع مراقبة دولي في لبنان».
وفي ختام لقاء بين براون والمستشارة الألمانية آنجيلا ميركل في برلين، أعرب الزعيمان الأوروبيان عن «صدمتهما حيال المأساة الإنسانية في القطاع»، ودعوَا إلى وقف إطلاق نار سريع». غير أن المسؤولين أيّدا ضرورة وضع حدّ لتهريب الأسلحة إلى القطاع.
وكانت ردّة فعل الاتحاد الأوروبي مماثلة، إذ أعرب المفوض الأوروبي للشؤون الإنسانية، لوي ميشال، عن «صدمته وذهوله من القصف الإسرائيلي لمقرّ الأمم المتحدة».
كذلك، أعلن وزير الخارجية الإيطالي، فرانكو فراتيني، أنه سيتوجه إلى الشرق الأوسط الاثنين في إطار جهود السلام الدولية لإنهاء العدوان. وقال «نطالب بوقف فوري لإطلاق النار، وبفتح ممر إنساني للتمكن من معالجة المرضى والجرحى في مستشفيات غزة. لقد أعدّت إيطاليا بعثة إنسانية سأرافقها شخصياً الاثنين والثلاثاء إلى الأراضي الفلسطينية». وأكّد أنّ «الشرط المسبق لوقف إطلاق النار هو اتفاق بين إسرائيل وحماس، تعمل مصر على بلورته من خلال مفاوضات شاقة مع كلا الطرفين». وأضاف «سأبحث هذا الأمر مع الذين يتفاوضون عليه: مصر وإسرائيل والسلطة الفلسطينية، ومن ثم سأزور لبنان وسوريا، وهما بلدان مهمان في المنطقة».
(أ ف ب، رويترز، أ ب)