باستثناء اللقاء الثنائي الذي جمع الملك السعودي عبد الله وأمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني في الرياض، يمكن القول إنّ القمّة الخليجية الطارئة التي استضافتها العاصمة السعودية أمس للتباحث في مجازر غزّة، كانت أكثر من باهتة.وكان واضحاً أنّ الهدف الوحيد الذي تحقّق من هذه القمة كان «إعادة اللحمة» إلى صفّ الدول الخليجية، على حدّ تعبير وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، في مؤتمر صحافي تلا عقدها. مؤتمر تلي خلاله بيان فارغ من أي مضمون، سوى أنه أعلن اتفاق القادة على تأجيل البحث الجدي في العدوان الإسرائيلي على غزّة، إلى القمّة الاقتصادية المقررة في الكويت يوم الاثنين المقبل.
وتألّف البيان الختامي لقمة الرياض من بندين يتيمين: ــ «اتفاق القادة الخليجيين على متابعة جهودهم في قمة الكويت» والاجتماع الوزاري العربي الذي تستضيفه العاصمة الكويتية اليوم. و«شكر الملك عبد الله على استضافة القمة والتعبير عن سعادتهم لنتائجها». وردّاً على سؤال عن القمّة العربية الطارئة التي دعت قطر إلى عقدها في الدوحة اليوم، أكّد الفيصل أنّها لن تُعقَد لأنّ «نصابها لم يتأمّن»، قبل أن يشير إلى أنّ قمّة الكويت ستناقش «ما كان سيكون على جدول أعمال قمة الدوحة».
ورداً على سؤال عن تعدّد القمم التي تشهدها الساحة العربية في هذه الفترة، رأى رئيس الدبلوماسية السعودية أن «المنافسة صحيّة لتحسين الأداء... عسى ألا يكون التنافس سلبياً على القمة». وأضاف «لكن أينما عقدت القمة، المهم ليس المكان. العبرة بالموقف الذي يتخذه القادة في هذا الإطار». وأوضح أنه «إذا عُقدت القمم ولم تُحقق أموراً جوهرية، فستفقد قيمتها ووزنها وثقة الناس» بها.
وعمّا إذا كانت قمة الرياض قد نجحت في أهدافها، رأى الفيصل أنّ «وحدة الموقف والعمل معاً لإنجاح قمة الكويت من أهم إنجازات هذه القمة... عادت اللحمة إلى الصف الخليجي».
وبعدما أكد أن «كل دول المجلس (التعاون الخليجي) أيدت المبادرة المصرية (لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس») وتمنت لها التوفيق»، قال إنّ «أهمية» القرار الدولي رقم 1860، الذي لم تلتزم به الدولة العبرية، هي في أنه «زاد من عزلتها السياسية، ويجب البناء عليه، مهما كانت الخيارات العربية المتاحة»، كاشفاً عن أنّ الزعماء الخليجيين اتفقوا على تقديم «تبرعات سخيّة» إلى الفلسطينيين في غزة.
وكرّر الفيصل موقفه الرافض لفكرة سحب «المبادرة العربية للسلام»، التي يرى أنها «لا تزال صالحة». وأضاف أن «أكثر ما يُفرح إسرائيل هو أن تسقط هذه المبادرة التي مكّنت الدول العربية من أن تخترق صفوف مؤيدي إسرائيل في العالم». وأضاف أن «بقاءها عامل ضغط على إسرائيل. ما الهدف من إلغائها طالما عن طريقها تمارس الضغوط على إسرائيل وتُنقص من الدول الداعمة لها»، مشيراً إلى أن الدولة العبرية «لا تريد السلام، بل كسب الأراضي وإسقاط المبادرة العربية». ولم ينسَ الفيصل تحميل الانقسام الفلسطيني مسؤولية إضعاف الموقفين العربي والفلسطيني، مذكّراً بأنّ الرياض لا تعترف إلا بشرعية الرئيس محمود عبّاس. ورداً على سؤال عما إذا كانت الدول الخليجية ستغير سياستها حيال الولايات المتحدة، قال الفيصل إن «المأمول ليس أن تغير الدول الخليجية سياساتها وإنما الولايات المتحدة». وأوضح أن «التحالف الأميركي الخليجي (عبارة) عن علاقات اقتصادية كبيرة أدت إلى علاقات سياسية واسعة تُستغل لمصلحة العرب»، مبشراً بـ«تغير جذري في أميركا واختلاف في التعاطي مع قضايا» المنطقة، في تلميح إلى وصول باراك أوباما إلى سدة الرئاسة الأميركية.
(الأخبار)