باغتيال إسرائيل وزير الداخلية في حكومة «حماس»، وعضو مكتبها السياسي سعيد صيام، تكون قد نجحت في توجيه صفعة إلى الحركة الإسلامية، باعتبار الشهيد أرفع مسؤول تطاله يد الاحتلال منذ بدء الحرب على قطاع غزة في 27 كانون الأول الماضي
غزة ــ الأخبار
في مخيم الشاطئ في مدينة غزة، ولد سعيد صيام عام 1959، بعد انتقال أسرته من قرية الجورة في قضاء مدينة المجدل، عقب نكبة فلسطين في عام 48. ذاكرة التهجير تعمقت في ذاكرته، فتحول إلى مناضلٍ ضد من سبّب هذه المأساة.
لطالما اعتبر صيام رجل «حماس» الأقوى في مجال الداخلية والأمن، وخصوصاً أنه كان مسؤولاً سرّياً لسنوات طويلة عن الملف الأمني في الحركة، قبل خوضها الانتخابات التشريعية الثانية مطلع عام 2006، وتحقيقها فوزاً مدوّياً، وتأليفها الحكومة العاشرة التي تولى فيها صيام منصب وزير الداخلية والشؤون المدنية.
وتمكن صيام من كسب أعلى الأصوات في الانتخابات التشريعية، وترأس كتلة التغيير والإصلاح البرلمانية التابعة لـ«حماس»، وظل يشغل منصب وزير الداخلية حتى توقيع اتفاق مكة في 12 شباط 2007، وتأليف حكومة الوحدة الوطنية التي انهارت سريعاً مع عودة الاقتتال الداخلي بين حركتي «فتح» و«حماس»، ما أدى إلى سيطرة الحركة الإسلامية على مقاليد الأمور في قطاع غزة في 14 حزيران 2007.
بعد هذا التاريخ، أعادت «حماس» تكليف صيام بتسلّم مهام وزارة الداخلية في الحكومة التي تقودها في غزة، عقب إقالة الرئيس محمود عباس رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية، إسماعيل هنية، ورفض الحركة الامتثال لمرسوم الإقالة.
وتابع صيام إنشاء جهاز الأمن الداخلي، الذي شكل بديلاً لأجهزة الأمن الوقائي والاستخبارات في السلطة المنهارة التي كانت تديرها «فتح». كذلك أعاد هيكلة جهاز الشرطة المدنية، وألف جهازاً للشرطة النسائية.
وقالت مصادر مقربة من «حماس»، لـ«الأخبار»، إن «صيام نجح في التغلب على مفاجأة الضربة الأولى التي وجهتها طائرات الاحتلال للأجهزة الأمنية والشرطة، وتمكن من إعادة هيكلة وتوزيع المهام في ظل الحرب القائمة في غزة».
ويعدّ صيام واحداً من أبرز قادة «حماس» في قطاع غزة، الذين تحمّلهم «فتح» مسؤولية ما تسميه «الانقلاب» على السلطة الشرعية في غزة. وقد أثار تأليفه قوة تنفيذية، جلّها من عناصر «حماس» وفصائل موالية لها، إبان توليه حقيبة الداخلية في الحكومة العاشرة، جدلاً وخلافاً كبيراً مع «فتح»، التي اعتبرت هذه القوة موجهة ضدها.
وعرف عن صيام حزمه في التعامل مع القضايا الأمنية الداخلية، وخصوصاً أنه نجح بعد أيام قليلة من إحكام «حماس» سيطرتها على غزة، في تحرير مراسل الـ«بي بي سي»، الصحافي الاسكتلندي آلان جونسن، الذي ظل في قبضة تنظيم جيش الإسلام المتشدد لبضعة شهور في القطاع.
وخلال الأشهر الأخيرة الماضية، أمر صيام الأجهزة الأمنية بخوض مواجهتين عنيفتين لتطويع عائلتي حلس ودغمش المواليتين لـ«فتح»، لتنجح الحملة في تدعيم أسس الأمن في غزة.
وسبق أن حاولت قوات الاحتلال اغتيال صيام، من خلال قصف مكتبه في مدينة غزة عقب أسر مقاتلين من كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لـ«حماس»، الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في 25 حزيران 2006.
وسطع نجم صيام، الذي تنقّل وتولى عدداً كبيراً من المناصب القيادية، عقب سلسلة اغتيالات نفذتها قوات الاحتلال وطاولت قادة الصف الأول في «حماس»، آخرهم زعيم الحركة ومؤسسها الشيخ أحمد ياسين في 22 آذار 2004، ومن بعده قائد الحركة في غزة، عبد العزيز الرنتيسي في 17 نيسان من العام نفسه.
تخرّج صيام من دار المعلمين في رام اللّه، وعمل في عام 1980 مدرّساً لمادة الرياضيات في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا». وأكمل تعليمه الجامعي لينال شهادة «البكالوريوس» في التربية الإسلامية من جامعة القدس المفتوحة في غزة. إلا أنه استقال من التدريس تحت وقع مضايقات «الأونروا» بسبب نشاطه السياسي والتنظيمي في عام 2003.
كان لسنوات طوال رئيساً للجنة قطاع المعلمين، وعضو اتحاد الموظفين العرب في «الأونروا»، ومسؤول دائرة العلاقات الخارجية في «حماس»، وعضواً في مجلس أمناء الجامعة الإسلامية، كبرى مؤسسات الحركة في غزة، وعضواً في الهيئة التأسيسية لمركز أبحاث المستقبل. ويعود التحاق صيام بـ«حماس» إلى بداية تأسيسها مع اندلاع الانتفاضة الأولى (1987-1994)، وكان في حينها خطيباً مفوّهاً ومتطوعاً في مساجد غزة. وشارك في لجان الإصلاح التي ألّفها الشيخ ياسين، لفضّ النزاعات والخلافات بين السكان، وظل منذ ذلك الوقت من قادة «حماس» البارزين، حتى اغتياله أول من أمس.