أكد الرئيس السوري بشار الأسد تمسكه بخيار المقاومة، التي من خلالها ينتج السلام ا «الاستسلام»، مشدداً على ان «العين بالعين» و«ما أُخذ بالقوة لا يُسترد بغير القوة»، ومتعهداً للإسرائيليين «بأننا سنبقى نتذكر» فظائعهم لأجيال مقبلة
الدوحة ـــ الأخبار
أكد الرئيس السوري بشار الأسد، في كلمته أمام قمة الدوحة أمس، أنها «تأتي لتعبّر لشعوبنا وللعالم عن أننا مع أنفسنا لا مع أعدائنا.. مع شعوبنا وضد الاحتلال.. مع الشهداء من الأطفال والنساء والشيوخ.. وقبل كل ذلك مع الأبطال المقاومين في كل مكان».
وأضاف الأسد «لقد كنا في قمم سابقة نتحدث عن مخططات وضعت.. أما اليوم فنتحدث عن مخططات تُطبّق.. كنا نحذر من الاقتراب من دائرة الخطر.. أما اليوم فالمحرقة لم تبدأ فحسب بل هي في طريقها للانتقال إلى المراحل التالية التي ستشملنا جميعاً كعرب إن لم نخمدها الآن»، معتبراً ان «الرسائل التي تردنا من الجماهير العربية عبر ردة فعل غير مسبوقة تحتم علينا الاستجابة لها بجدية مطلقة»، مشدداً على «ان مصير غزة ليس مصير اهلها فقط.. بل هو مصيرنا جميعاً.. ومعركتها هي معركة كل مواطن عربي».
وأوضح الاسد أن القمة «تهدف للوقوف الى جانب غزة لا للبحث عن تسويات على حسابها بهدف إرضاء إسرائيل أو من يقف معها.. ومن يحدّد المعايير التي تميّز بين الأولى والثانية هو أهلها ومقاوموها.. فهم أصحاب القرار ودورنا هو أن نقف معهم من دون تردد». ورأى انه «إذا كان المنطلق لما سنقرره اليوم (في القمة) مبنياً على وقوفنا إلى جانب أهلنا في غزة في وجه المحرقة النازية الإسرائيلية الجديدة بالإضافة إلى اقتناعنا بعدالة القضية الفلسطينية وبالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.. فإن هذا لا يكتمل من دون فهمنا لجوهر المشكلة التي لا تكمن فقط في الاحتلال بحد ذاته.. بل بنوعية وطبيعة العدو الذي نواجهه بناءً على عقود».
وأوضح أن «هذا العدو الذي بنى وجوده على المجازر.. وكرّس استمراره على الاغتصاب والتدمير.. ورسم مستقبله على الإبادة الجماعية.. هو عدو لا يتحدث سوى لغة الدم.. وبالتالي فهو لا يفهم سوى لغة الدم».
ورأى الأسد أن «المقاومة أصبحت عنصراً أساسياً من عناصر السلام... وهنا يكمن الفرق بين السلام والاستسلام.. فالسلام من دون مقاومة مع عدو غاشم ومجرم سوف يؤدي حتماً إلى الاستسلام». وقال «لا يخفى على أحد أن إسرائيل أرادت لعدوانها على غزة أن يكون نقطة فاصلة في تاريخ صراعها مع العرب.. وكأنها أرادت عبر محاولاتها كسر إرادة الفلسطينيين أن تخلق واقعاً جديداً وتاريخاً جديداً تؤرخ معه للأحداث بما قبل غزة وما بعدها، أرادت أن تحقّق إنجازاً يغيّر معادلات الصراع الجديدة مع العرب والفلسطينيين التي أوجدتها المقاومة.. وخاصة بعدما حققت المقاومة الوطنية انتصارها في لبنان.. وبعدما اشتد ساعد المقاومة في فلسطين.. وبعدما بدأت تنتشر ثقافة المقاومة في وجدان المواطن العربي».
وشدد الرئيس السوري على ان «لا تهاون ولا تساهل ولا تنازل ولا تخاذل، فسلام الأقوياء لا يعطى للضعفاء، وسلام الشجعان لا يمنح للجبناء، والسلام الذي لا يعطى يُنتزع.. والحق الذي يُغتَصب يُحرَّر، وهذا يعني أن الزمن الذي راهنوا عليه خذلهم كما خذلتهم آلتهم العسكرية الضخمة في لبنان.. وكما تخذلهم اليوم في غزة».
ووضع الاسد الإسرائيليين امام خيار واحد هو «الخضوع للسلام الذي يجب الخضوع لمتطلباته.. والذي لا يمكن أن يتحقق ما دام عنوان التفاخر في إسرائيل هو من يلطّخ يديه أكثر بدماء العرب»، معتبراً ان «هذا الخيار لا نراه الآن ولن نراه في الغد حتى نغيّره بإرادتنا في غياب إرادتهم». وقال «يجب علينا القيام بعدد من الخطوات العملية وفي مقدمتها إغلاق السفارات الإسرائيلية فوراً وقطع اي علاقات مباشرة او غير مباشرة مع إسرائيل بالإضافة لتفعيل أحكام المقاطعة».أما بالنسبة إلى المبادرة العربية، فاعتبرها الأسد «بحكم الميتة أصلاً». وقال «هي فعلياً غير موجودة.. وفي الواقع أيضاً أن شارون قتلها منذ اليوم الاول بعد اعلاننا لهذه المبادرة في القمة العربية في بيروت عام 2002.. ولكننا أصررنا على أنها حية وبقينا نرسل الوفود بعد كل قمة عربية.. وكنا دائماً نواجه بالمزيد من الإذلال تجاه مبادرتنا، لذلك إذا كنا نطالب بسحبها فهي مسحوبة من اسرائيل.. ما بقي علينا كعرب هو أن ننقل سجل هذه المبادرة من سجل الأحياء الى سجل الأموات».
وأكد الاسد وجوب «الوقوف الى جانب اهل غزة والمقاومة فيها رسمياً وشعبياً مادياً ومعنوياً وبكل الوسائل من دون استثناء والقيام بكل ما من شأنه دعم صمودهم في وجه العدوان»، مضيفاً «كما ندعم فكرة الصندوق لإعادة إعمار غزة مع الدعوة إلى مؤتمر دولي لهذه الغاية».
وطالب الأسد باتخاذ الإجراءات القانونية لمحاسبة إسرائيل «على الرغم من عدم ثقتنا بعدالة الجهات الدولية المعنية.. ولكن كي يسجل التاريخ أنهم ليسوا عنصريين فقط بل هم الشكل الأخطر من النازية في العصر الحديث».
وذكّر الرئيس السوري بوقوف بلاده مع «لبنان المقاوم»، قائلاً ان المقاومة «انتصرت والفضل للمقاومين أولاً وأخيراً ولا ندّعيه لأنفسنا، لكن وقوف الشقيق الى جانب شقيقه مؤثر إلى حد كبير، فهو الذي يمدّه بأسباب المنعة والقوة، أما إبقاء الحصار فهو كمن يمنع الهواء والغذاء والدواء عن جريح يقاوم الموت ويمنع الآخرين من تقديم العون له فهو حصار ظالم لن يغفره الله ولن تغفره الشعوب».
ووعد الأسد الاسرائيليين «بأننا سنبقى نتذكر وسنحرص على أن يتذكر أبناؤنا أيضاً. سنخبئ لهم صور اطفال غزة وجروحهم المفتوحة ودماءهم النازفة فوق ألعابهم، وسنخبرهم عن الشهداء والثكالى والأرامل والمعاقين وسنعلمهم بأن المؤمن القوي خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف، وأن العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم وأن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة».
وتابع قائلاً «وأؤكد لهم أن ما يقومون به وما يرتكبونه من جرائم حرب لن ينتج لهم سوى اجيال عربية قادمة أشدّ عداءً لإسرائيل. مناعتها تتطوّر وإرادتها تتصلب بوتيرة أسرع وبشدة أكثر فتكاً من تطور وقوة ترسانتهم العسكرية، وهذا يعني بمعادلة الواقعية أنه مع كل طفل عربي يقتل يولد مقابله عشرات المقاومين.. وهذا يعني أيضاً أنهم يحفرون بأيديهم قبوراً لأبنائهم وأحفادهم».