عاشت الدوحة، أمس، أجواء قمّة عربية كاملة الأوصاف. ففقدانها النصاب المنصوص عليه في ميثاق الجامعة العربية، لم ينعكس على التحضيرات في العاصمة القطريّة، التي غيّرت عنوان القمة التي استضافتها 3 مرات، ليرسو على «قمّة غزّة الطارئة»
الدوحة ــ الأخبار
كان واضحاً منذ أول من أمس، أنه بغض النظر عن عدم اكتمال النصاب، بقيت الدوحة في صدد عقد اجتماع عربي من أجل غزّة «بمن حضر»، من دون إيلاء التسمية أهمية كبرى، سواء كانت «قمّة طارئة» أو «اجتماعاً تشاورياً»، قبل أن يتحوّل خلال ساعات، إلى اجتماع عربي ــ إسلامي تحت عنوان «قمّة غزّة الطارئة».
ساعات قليلة كانت كفيلة بتحويل اسم الاجتماع وهويّته، وإن سعى المسؤولون القطريون إلى الحفاظ على طابعه العربي. ساعات شهدت اتصالات مكثفة وانتظاراً طويلاً لتأمين النصاب الذي حددته قطر لنفسها، وهو 13 دولة. فبعد وصول ممثلين عن 12 دولة، كان التعويل على أن تفي دولة الإمارات بوعدها الذي قطعته لأمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني، بإيفاد ممثل عنها. غير أن الوعد لم يُنَفَّذ، لتطرأ سلسلة متغيرات على طبيعة القمّة، التي خرجت عن صيغة «قمّة عربيّة طارئة» أو «قمّة عربية بمن حضر». تغيّر تكرّس بعد توسيع حلقة المشاركين إلى خارج العالم العربي، مع حضور الرئيسين الإيراني محمود أحمدي نجاد والسنغالي عبد الله واد، ونائب رئيس الوزراء التركي، جميل جيجيك، وممثل خاص للرئيس الإندونيسي، علوي شهاب.
«الدورة الطارئة لاجتماع الجامعة العربي على مستوى القمّة». لافتة تستقبل الواصلين إلى فندق «شيراتون ــ الدوحة»، الذي استضاف الاجتماع. وقد حضر القطاع الفلسطيني بقوة في أروقة الفندق. الجميع يتحدث عن المجزرة وصورها وتداعياتها والقرارات العربية المرتقبة من اجتماعي الدوحة والكويت (القمة الاقتصادية المقررة بعد غد الاثنين). حتى إن الدعوات لنصرة القطاع و«الانتقام من مرتكبي المجازر»، كانت محور صلاة الجمعة، ولا سيما أن الصلاة مثّلت ذريعة التأجيل الأول للافتتاح. فبعدما كان من المقرّر أن يبدأ في العاشرة صباحاً بجلسة مفتوحة، يليها اجتماع مغلق، وُزّع بيان مقتضب على الإعلاميين يعلمهم أنه «بناءً على طلب الوفود المشاركة أداء صلاة الجمعة، تقرّر تأجيل موعد جلسة الافتتاح». غير أنّ انتهاء الصلاة لم يفرض بداية الاجتماع، ليطرأ تأجيل جديد دام ساعتين إضافيتين.
وقد زاد التأجيل من ارتباك الإعلاميين، الذين شُغل الكثيرون منهم في إحصاء الحاضرين، في محاولة لاستيضاح تأمين النصاب القانوني للقمّة، وفي تسقُّط أنباء وصول هذا الموفد أو ذاك ومندوب هذه الدولة أو تلك... ما أثار موجة تحليلات عن إمكان تأمين نصاب أكبر، كان قد رسا على سبعة.
وما أجّج فرضيات تأمين النصاب، بحسب مصدر في الدوحة، هو قيام وسائل إعلام قطريّة بتسريب خبر مفاده أن «دولتين جرى التفاوض معهما لرفع عدد المشاركين إلى 15»، أي النصاب القانوني وفق ميثاق الجامعة العربية.
ويشير المصدر إلى أنّ غاية التسريب كان إيصال الخبر إلى القاهرة والرياض، اللتين «أجرتا اتصالات مكثّفة مع الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، لمنعه من التوجه إلى الدوحة إذا جرى فعلاً تأمين النصاب». ولإقناع موسى بعدم التوجه إلى الدوحة، جرى التركيز على أن ميثاق الجامعة يفترض قيام الأمين العام، أو من يمثّله، بافتتاح أي دورة للجامعة. ومن هذا المنطلق، فسّر المصدر تخلّف دولة الإمارات عن إيفاد مندوب لها، بالتسريب القطري عن تأمين ما ينقص من النصاب.
ومع مضيّ الساعات، سادت قناعة بأنّ قمّة الدوحة لن تكون عربيّة رسمية، بمعنى أن نتائجها لن تدخل في أرشيف الجامعة العربيّة، حتى ولو تأمّن نصابها. وفي السياق، تكشف مصادر قطريّة مطلعّة، لـ «الأخبار»، عن أن العديد من الدول التي حضرت إلى الدوحة، لبت الدعوة القطرية من دون أن تبلغ الجامعة العربية موافقتها الخطيّة على المشاركة في القمة. حتى إن بعض الدول التي شاركت بالفعل، كانت قد قبلت الدعوة، ثم عادت وسحبت موافقتها، على غرار المغرب، الذي مثله وزير الخارجيّة الطيّب الفاسي الفهري. ولفتت المصادر أيضاً إلى أنّ العراق، الذي شارك في اجتماع يوم أمس، لم يبلغ الجامعة موافقته على القمّة الطارئة.
ووفق هذا السيناريو، بدأ التحوّل في تسمية اللقاء، التي رست على «قمّة غزّة الطارئة». وبدأ العمل سريعاً على إزالة الملصقات التي تشير إلى صلة الجامعة العربية بالاجتماع، ما استدعى مزيداً من التأخير، ولا سيما أن ملصقاً كبيراً كان مرفوعاً في قاعة القمّة يصنّف الاجتماع بأنه «اجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمّة». ووضعت لافتة بديلة بعنوان «قمّة غزّة الطارئة»، إلا أن الاسم الأول بقي على بطاقات الإعلاميّين.