الدوحة ـ حسام كنفانيرفعت قمّة غزة الطارئة في قطر أمس سقف القرارات العربية، وجاءت لتلبّي فعلاً الحد الأدنى من مطلب الشارع، ولتمثّل إحراجاً للقادة العرب الذين سيجتمعون في الكويت يوم الاثنين المقبل في إطار قمّة اقتصادية، ستكون مذبحة غزّة على هامشها، ولا سيما أن قّمة الدوحة أحالت مقرّراتها، التي جاء في مقدمتها تعليق المبادرة العربية للسلام، إلى اجتماع الكويت.
وقد تكون قمّة الدوحة، حتى وإن لم تكن مدرجة على جدول الجامعة العربية، من القمم القليلة التي عقدت بعد هجمة مدريد وأوسلو وخرجت بقرارات ذات مبنى صدامي مع الدولة العبرية. فحتى في ظل عدوان السور الواقي عام 2002 وحصار الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، لم يحرّك أيّ موقف صدامي، بل على عكس خرجت خلاله المبادرة العربية للسلام، السعودية الأصل.
ورغم تطيير نصاب القمة العربية الطارئة، التي كانت المسمّى الأساسي لقمّة الدوحة قبل أن تأخذ طابعها العربي والإسلامي، فقد تمكنت الدوحة من جمع نصاب عربي من 12 دولة شاركت على مستويات متفاوتة. والتوافق على البنود الواردة في البيان الختامي بين الدول المجتمعة يمثّل جبهة للضغط على مؤتمر الكويت تتألف من النصف زائداً واحداً لأعضاء الجامعة العربية الـ22، مع احتمال انضمام دول أخرى إلى التحالف، ولا سيما دول ناقمة على المبادرة العربية للسلام، على غرار ليبيا.
ولإخراج القمة من الأقوال إلى الأفعال، جاء القرار القطري والموريتاني بتجميد العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، ليزيد حرج بعض الدول العربية التي لا يزال العلم الإسرائيلي يرفرف فوق أراضيها، أو التي لا تزال على اتصالات سريّة مع الدولة العبريّة، ما ينذر بأجواء حامية في قمة الكويت.
ويجمع المراقبون في الدوحة على أن قاعات اجتماعات مؤتمر الكويت ستتحوّل إلى معركة حقيقية بين المعسكرين العربيين، اللذين أفرزتهما الأحداث الأخيرة. وتؤكّد مصادر واسعة الاطلاع أن الهدف من قمة قطر كان رفع سقف قمّة الكويت والضغط على مصر لتحسين مبادرتها، ومحاولة إسماع صوت المقاومة في اجتماع الاثنين، حتى وإن لم يخرج بأي قرارات على المستوى الذي خرج به المؤتمرون في الدوحة.
صوت المقاومة صدح فعلاً في قاعة الاجتماعات عبر كلمة رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، خالد مشعل، الذي تحدث باسم «فصائل المقاومة وكل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج»، وهو ما يمثّل انتصاراً دبلوماسيّاً للحركة الإسلامية التي تقود المقاومة في غزة على حساب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي يبدو في طريقه إلى المزيد من التهميش، بعد كشف رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني سيناريو اعتذار أبو مازن عن حضور قمّة الدوحة.
وبغضّ النظر عن مسار الاجتماعات في الكويت وحماوتها، بدا واضحاً أن آليات تنفيذ في طريقها إلى قرارات الدوحة إذا ما فشل اجتماع الكويت في تبنّيها؛ فمع قرار موريتانيا وقطر تجميد العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، تكونان قد بدأتا فعلياً في تطبيق البند العاشر من المقررات، الذي ينص على وقف كل أشكال التطبيع مع إسرائيل.
كذلك فإن الكلمات التي رافقت انعقاد الجلسة المفتوحة للقمّة تشير إلى بدء التنصّل من المبادرة العربية للسلام، التي أعلن الرئيس السوري بشار الأسد موتها، مطالباً بنقلها من سجل الأحياء إلى سجل الأموات، ما يعني أن الإجماع العربي على المبادرة، التي يصر وزير الخارجيّة السعودي الأمير سعود الفيصل على اعتبار سحبها «خطيئة»، لم يعد موجوداً؛ فأكثر من نصف الدول العربية اليوم لم تعد على استعداد لتبني هذا الخيار في المرحلة الحالية، وبالتالي فإن كان ولا بد من استمرارها، فليكن تحت المسمّى السعودي لا العربي.
آليات التنفيذ ذكرها الشيخ حمد بن جاسم في مؤتمره الصحافي، بعد البيان الختامي، وأشار إلى أنها كانت مدار نقاش. لكنه أبقى الكشف عنها إلى ما بعد يوم الاثنين بانتظار نتائج قمّة الكويت، التي يبدو أنها ستكون مفصليّة.