strong>جددت دعمها للمبادرة المصريّة ودعت إلى تثبيت وقف إطلاق النار بما أنّ تل أبيب استبقت موعد قمّة شرم الشيخ حول العدوان على غزة، بوقف أحادي الجانب للمجازر، كان لا بدّ من أن يتغيّر شعار القمة، من الحثّ على «وقف إطلاق النار»، إلى «تثبيت وقف إطلاق النار»، مع نيل القاهرة دعم المشاركين لمبادرتها التي أجهضتها تل أبيب وواشنطن

القاهرة ــ الأخبار
دعا القادة الذين شاركوا في قمة شرم الشيخ، أمس، إلى انسحاب إسرائيلي من غزة، في مقابل وقف إطلاق الصواريخ الفلسطينية، وأيدوا استمرار العمل بمساعي المبادرة المصرية لتثبيت التهدئة بين إسرائيل وحركة «حماس».
وقبيل انعقاد الاجتماع، كشف دبلوماسيون أوروبيون عن أنّ الهدف الأساسي لقدوم قادة دولهم إلى المنتجع المصري، هو «تقديم الدعم السياسي للجهود المصرية للوساطة» بين إسرائيل و«حماس».
والمشاركون في قمة شرم الشيخ، الذين انتقلوا في وقت لاحق إلى القدس المحتلة لتلبية دعوة رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت، هم إلى جانب صاحب الدعوة، أي الرئيس حسني مبارك، ستة قادة أوروبيين: الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، رئيس الحكومة الإسبانية خوسيه لويس ثاباثيرو، رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلوسكوني، رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون ونظيره التشيكي ميراك توبولانيك. وقد تقدّم لائحة المدعوّين: الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الرئيس التركي عبد الله غول، الملك الأردني عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وخلال المؤتمر الصحافي الختامي، أعرب مبارك عن تطلعه لمواصلة المساندة الدولية لجهود بلاده «لتثبيت وقف إطلاق النار، وضمان سحب إسرائيل قواتها خارج قطاع غزة والتوصل إلى استعادة التهدئة وفتح المعابر ورفع الحصار».
وقال مبارك «إننا نشهد اليوم بوادر الخروج من هذه الأزمة وأتوجه بمشاعر تقدير مماثلة لكل من ساند جهودنا للوصول إلى هذه اللحظة ولوضع نهاية للوضع المأسوي الراهن».
وجدّد مبارك اهتمام بلاده بـ«الخروج من الأزمة الراهنة»، مشيراً إلى استمرار الجهد المصري لتأمين الحدود مع غزة، «لكننا لن نقبل أبداً أي وجود أجنبي لمراقبين على أرضنا». وأعرب مبارك عن تطلعه لدور للأمم المتحدة والمجتمع الدولي «في حشد الموارد الضرورية لإعادة إعمار غزة»، وذلك عن طريق مؤتمر دولي «ستدعو إليه مصر وتستضيفه».
وعلى هذا الصعيد، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، حسام زكي، أن «المبادرة المصرية ما زالت قائمة وحية» رغم وقف إطلاق نار أحادي الجانب، على قاعدة أهداف المبادرة القاضية بإبرام هدنة وتأمين الحدود المصرية ـــــ الفلسطينية وانسحاب الجيش الإسرائيلي وفك الحصار وفتح المعابر، بالاضافة إلى بدء حوار وطني فلسطيني بهدف تأليف حكومة وفاق وطني.
بدوره، نقل ساركوزي عن المجتمعين ثقتهم بأن مصر «يمكن أن تؤدّي دوراً حاسماً في عملية السلام»، مشيراً إلى أنّ وقف إطلاق النار «ما هو إلا البداية»، ومشدداً في الوقت نفسه، على ضرورة الإسراع بالخطوات من أجل التوصل إلى إقامة دولة فلسطينية. وجدّد المطالبة بضرورة دعم وقف إطلاق النار، وتثبيته وإعادة فتح المعابر وعقد قمة للإغاثة الإنسانية.
وأضاف ساركوزي «سنتوجه إلى إسرائيل لنقول لها إننا إلى جانبها في تأكيد حقها في الأمن، ولكن ينبغي عليها أن تقول الآن بوضوح إنه إذا توقف إطلاق الصواريخ فإن الجيش الإسرائيلي سيغادر غزة».
وقد ضمّ براون صوته إلى ساركوزي، عندما حثّ القيادة العبرية على سحب قواتها من المناطق التي اجتاحتها، «في حال توقّف الصواريخ الفلسطينية»، داعياً إلى «ضرورة اتخاذ خطوات شجاعة نحو تسوية سلمية سريعة على أساس المبادرة العربية للسلام». واقترح مشاركة القوات البحرية البريطانية في وقف تهريب الأسلحة إلى غزة، كاشفاً النقاب عن أنّ قواته «ستعمل في البحر الأحمر وخليج عدن وستساعد في تدريب قوات الأمن الفلسطينية والمصرية (على مراقبة الحدود)».
وإلى جانب بريطانيا، عرضت عدة دول شاركت في القمة، بينها فرنسا وألمانيا، إرسال سفن حربية إلى الشرق الأوسط للمساعدة في منع وصول السلاح إلى المقاومة الفلسطينية.
وفي السياق، رأى دبلوماسي غربي أن هذا القرار «هو في حد ذاته تغيير في السياسة من جانب الأوروبيين الذين امتنعوا في السابق عن استعمال قواتهم المسلحة في مساعدة أي من الطرفين».
ولم تكن كلمة ميركل بعيدة عن فحوى خطابات زملائها الأوروبيين، إذ أشارت إلى أنها حضرت إلى شرم الشيخ «لنؤكد أننا نسعى لإيجاد الطريق الصحيح لتحقيق السلام عبر إقامة دولتين»، معربة عن استعداد ألمانيا لتقديم المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين.
وبدت لهجة غول «أنعم» بكثير من خطابات رئيس حكومته رجب طيب أردوغان النارية ضدّ إسرائيل، فاكتفى بإبداء «الحزن الشديد للمآسي التي تعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة»، آملاً أن تكون الإدارة الأميركية الجديدة «مهتمة بعملية السلام».
وطغت هموم الإغاثة والمساعدات على كلام ثاباثيرو، بينما أعلن برلوسكوني بعض ملامح مشاريع بلاده من الناحية الإنسانية، كاشفاً عن قرب موعد زيارة وزير خارجيته فرانكو فراتيني إلى غزة مترئساً قافلة جهود مساعدات إنسانية.
من جهته، أعرب كل من عبد الله الثاني والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، في كلمتهما، عن أملهما في أن يشهد عام 2009 تسوية تضع نهاية للنزاع العربي ـــــ الإسرائيلي.
أما أبو مازن، الذي عقد اجتماعاً ثنائياً مع مبارك، فقد رأى أنّ وقف إطلاق النار «غير كاف»، مشدداً على ضرورة «انسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة وفك الحصار وفتح المعابر». ولفت السفير الفلسطيني لدى مصر، نبيل عمرو، إلى أنّ سلطته لا تزال مصرّة على نشر «قوة دولية لحماية الشعب الفلسطيني في غزة وحيثما أمكن»، وهو ما تعارضه حركة «حماس» بشدّة.