واشنطن ــ محمد سعيدتقضي مذكرة التفاهم الأمني التي وقعتها يوم الجمعة الماضي وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس ونظيرتها الإسرائيلية تسيبي ليفني، والمكوّنة من صفحتين، بالتعاون الوثيق بين الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية لمنع وصول الأسلحة إلى حركة «حماس». وقد اعتبرتها رايس أحد عناصر محاولة التوصل إلى اتفاق دائم لإطلاق النار، ومنع تهريب الأسلحة، وجزءاً من جهد عالمي لتبادل المعلومات على نطاق واسع.
وتتضمن مذكرة التفاهم الأمني سبعة بنود تنص على:
1 ـــــ التعاون مع الدول المجاورة والمجتمع الدولي لمنع وصول الأسلحة والمواد المتعلقة بها إلى المنظمات «الإرهابية» التي تهدّد أياً من الطرفين الأميركي أو الإسرائيلي، مع التركيز خاصة على إمدادات الأسلحة والمتفجرات لـ«حماس» والمنظمات الأخرى في غزّة.
2 ـــــ تتعاون الولايات المتحدة مع الشركاء في المنطقة وفي حلف شمالي الأطلسي من أجل التعامل مع نقل الأسلحة والمواد العسكرية إلى «حماس» عبر البحر المتوسط وخليج عدن والساحل الشرقي من البحر الأحمر في أفريقيا، من خلال تحسين الترتيبات القائمة أو إطلاق مبادرات جديدة لزيادة فعالية هذه الترتيبات المتعلقة بمنع تهريب الأسلحة.
ومن بين الأدوات التي ستستخدم لتنفيذ البندين الأوّلين، تعزيز التعاون بين الاستخبارات الأميركية والحكومات الإقليمية من خلال إشراك الاستخبارات المركزية، والقيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا، والقيادة العسكرية الأميركية في أوروبا، وقيادة العمليات الخاصة الأميركية، إضافة إلى تعزيز الانصهار بين الاستخبارات والقوات البحرية الدولية والقوات البحرية التابعة للتحالف، وتشديد العقوبات الدولية القائمة وآليات التنفيذ ضدّ تقديم الدعم المادي لـ«حماس» والمنظمات «الإرهابية» الأخرى، ومن ضمنها التعامل العالمي مع إيران التي تصرّ على مدّ «حماس» بالسلاح.
ونصّت البنود الخمسة الباقية على تعهّد الولايات المتحدة وإسرائيل بتبادل المعلومات لتحديد مصدر الأسلحة التي ترد إلى غزّة، وتسريع جهود المساعدات اللوجستية والفنية لتدريب قوات الأمن وتجهيزها وتعزيز برامجها، والعمل على توسيع برامج المساعدات الدولية للمجتمعات المحلية لتوفير مصادر بديلة للدخل للمشاركين في أنشطة التهريب، ووضع الآليات المناسبة لمتابعة تنفيذ الخطوات الواردة في مذكرة التفاهم.
وأعربت رايس في مؤتمر صحافي مشترك مع ليفني، في نادي الصحافة القومي في واشنطن عقب توقيع الاتفاقية، عن أملها أن «تتوقف العمليات الحربية مع بدء تحقق شروط وقف دائم لإطلاق النار». وشدّدت على أن «الجهود المصرية تأتي في الصدارة من جهود الوساطة»، مشيرة إلى أنها على اتصال مستمر مع مصر، وإلى أنّ توقيع هذه المذكرة يدعم هذه الجهود. وأضافت أنها «تدعم الوساطة المصرية في وضع أسس ثابتة لوقف إطلاق النار وتطبيق اتفاق المعابر المبرم في شباط 2005 بين إسرائيل والولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية».
وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، شون ماكورمك، إلى أن رايس أطلعت الرئيس المنتخب باراك أوباما، ووزيرة الخارجية المعيّنة في حكومته هيلاري كلينتون، ومستشاره المعيّن للأمن القومي الجنرال المتقاعد جيمس جونز، على بنود هذه المذكرة، مؤكّداً أنّ إدارة جورج بوش لم تكن لتمضي قدماً في توقيع هذه المذكرة الملزمة للولايات المتحدة لو لم تكن هناك مشاورات دقيقة مع الإدارة المقبلة.
في المقابل، واجهت ليفني، خلال المؤتمر الصحافي، عاصفة من الانتقادات العنيفة واتهامات من قبل بعض الصحافيين بالإرهاب وارتكاب جرائم حرب. وقارن بعض الصحافيين بين موقف إسرائيل من الصحافة العالمية وموقف إرهابيي بوروندي، وصرخ أحدهم بمسؤول نادي الصحافة القومي الذي تولّى تنسيق اللقاء وسأله «منذ متى وأنت تستضيف إرهابيين في هذا المكان؟».
وحاولت ليفني امتصاص النقمة والادّعاء بأنّ «غزّة كان يمكن أن تكون نواة للدولة الفلسطينية، إلا أن «حماس» سيطرت عليها، وهي لا تمثل تطلّعات الشعب الفلسطيني».
وقالت إن «الحاجة إلى وقف تهريب السلاح لا تبدأ فقط من الحدود مع مصر، بل من منبعها في إيران». وأشارت إلى أنه لا يمكن الدخول في عملية سلام إلا مع الذين يشاطرون إسرائيل والولايات المتحدة رؤيتهما للسلام، مؤكّدةً أنّ «حماس» ليست ضمن هؤلاء.
وقسّمت ليفني دول الحوض العربي الإسلامي إلى معسكرين، المعتدلين الذي تنتمي إليه إسرائيل، والمتطرفين الذي تنتمي إليه «حماس». وادّعت أنّه من أجل تقوية المعتدلين ينبغي إضعاف المتطرفين.