strong>«كتائب القسّام» تتعهد بمواصلة التسلّح: من برّر الحرب شريك في العدوانيوم آخر يطلّ على الغزاويين بعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تفرّغ خلاله الفلسطينيون لتفقّد آثار الدمار والخراب اللذين طاولا منازلهم وممتلكاتهم، بينما شُغلت فرق الإسعاف والطوارئ بانتشال مزيد من الجثث

غزة ــ قيس صفدي
شهدت شوارع مدينة غزة عودة تدريجية للحركة والحياة، لم تغب عنها مشاعر القلق والحذر، مع استمرار تحليق الطائرات الحربية الإسرائيلية في أجواء القطاع. وتوافد الفلسطينيون إلى الأسواق والمحال التجارية، التي أغلقت أبوابها على مدار ثلاثة أسابيع من الحرب، للتزوّد بالخضر والمواد الأساسية.
واستكملت قوات الاحتلال الإسرائيلي انسحابها من محاور التوغل حول مدينة غزة التي خضعت لحصار مشدد طوال أسابيع الحرب، ومن أطراف مدن شمال القطاع، وتمركزت على امتداد خط التحديد الفاصل بين القطاع وفلسطين المحتلة عام 48، بعمق يتراوح بين كيلومتر وثلاثة.
كذلك توغّلت قوات الاحتلال، تساندها الدبابات والآليات العسكرية، حوالى كيلومتر واحد في بلدة خزاعة، شرقي مدينة خان يونس، جنوب القطاع، وسط إطلاق نار كثيف، وشرعت في جرف مساحات من الأراضي الزراعية.
وفي غضون ذلك، انتشلت فرق الإسعاف والطوارئ جثثاً لشهداء ارتقوا خلال الحرب الإسرائيلية، ومكثوا أياماً تحت أنقاض وركام المنازل المدمرة، بسبب رفض قوات الاحتلال السماح لسيارات الإسعاف بانتشالهم. واستعان المسعفون بجرافات وآليات لإزالة أنقاض وركام المنازل والمباني المدمرة، بحثاً عن شهداء، في المناطق التي خضعت للاحتلال عقب العملية البرية الإسرائيلية قبل نحو أسبوعين.
وكشفت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» النقاب عن «العثور على عدد من مقاومي كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحماس، على قيد الحياة داخل نفق أعدّته المقاومة للتصدي لقوات الاحتلال».
وأوضحت أنّ «المقاومين أصيبوا بجروح متفاوتة جرّاء قصف طائرة حربية إسرائيلية للنفق، ومكثوا دون مأكل أو مشرب حوالى أسبوعين، وبدت عليهم علامات الوهن الشديد».
في هذا الوقت، أعلن المدير العام للإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة، الطبيب معاوية حسنين، أن «الأطقم الطبية انتشلت 12 جثة لشهداء، منهم أربعة ارتقوا في مناطق شرق مخيم جباليا، وستة آخرون من عدة مناطق متفرقة في منطقة قرية العطاطرة، شمال القطاع، وحي الزيتون والتفاح في مدينة غزة». وقال إن «حصيلة شهداء الحرب الإسرائيلية على القطاع التي بدأت في 27 كانون الأول الماضي بلغت 1315 شهيداً، ونحو 5500 جريح، نصفهم من الأطفال والنساء والمدنيين»، مشيراً إلى «استشهاد ثلاثة جرحى متأثرين بجروحهم الخطرة».
‏إلى ذلك، شددت «كتائب القسام» على أنها «ستواصل إدخال الأسلحة المختلفة إلى القطاع بطرقها الخاصة»، مؤكدة في الوقت ذاته «عدم تأثّر قدرتها الصاروخية جرّاء الحرب الإسرائيلية». وقال المتحدث باسم الكتائب، «أبو عبيدة»، في مؤتمر صحافي في مدينة غزة، إن «كتائب القسام ستطوّر من قدرتها الصاروخية التي لم تتأثر بالحرب، وهي لا تزال قادرة على إطلاق المزيد من الصواريخ نحو مستوطنات الاحتلال المحيطة بالقطاع، وتوسيع مداها واستهداف عمق أكبر».
وفي خصوص تداعي دول عربية وأجنبية للتنسيق مع الدولة العبرية لمنع تهريب السلاح إلى القطاع، تساءل أبو عبيدة «متى سُمح لنا بإدخال السلاح بطرق شرعية؟ نحن نعرف كيف نحصل على السلاح، وإدخاله مهمتنا». وأكد أن «المقاومة انتصرت في الحرب»، مستشهداً بأن «الأهداف التي أعلنتها دولة الاحتلال، مثل إسقاط حماس، لم تتحقق، وسقطت هذه الأهداف سقوطاً مدوياً».
وكشف أبو عبيدة أن «مجموعة من مجاهدي القسام تمكّنت من أسر جندي صهيوني بواسطة كمين محكم شرق جباليا شمال قطاع غزة، واحتفظوا به لمدة يومين في أحد المباني على أرض المعركة، وأرسل العدو إلى المكان أحد المواطنين الذين اختطفهم كدروع بشرية لمساومتهم لتسليم الجندي، إلا أنهم رفضوا تسليم أنفسهم أو تسليم الجندي. بعدها أقدمت الطائرات الحربية على قصف المكان».
وعن الخسائر البشرية في صفوف جنود الاحتلال، أكد «أبو عبيدة» أن «كتائب القسام تمكّنت من قتل 49 جندياً مباشرة وجرح المئات». إلّا أنه قدّر عدد القتلى الإسرائيليين بـ «80 جندياً». وتحدى جيش الاحتلال الإعلان عن خسائره الحقيقية في المعارك البرية، قائلاً إن «كل العالم سمع وشاهد كيف يشدد العدو الرقابة العسكرية بهدف التضليل». وأضاف «سنترك للعدو أن يبلغ أهالي القتلى من جنوده وعملائه لينعى إليهم قتلاه. فمن بين مسرحيات الرقابة العسكرية المعتادة تسجيل الكثير من الجنود القتلى من خلال حوادث سير».
وتابع أبو عبيدة أنه «بالرغم من ضراوة القصف العشوائي والهمجي، جرى التصدي للدبابات والآليات التي توغّلت بـ98 قذيفة وصاروخاً مضاداً للآليات، واستخدمت بعض الصواريخ المضادة للدروع للمرة الأولى في قطاع غزة، وفجّرت 79 عبوة ناسفة في الجنود والآليات المتوغلة، ونفّذت 53 عملية قنص لجنود».
وأعلن أبو عبيدة تنفيذ «12 كميناً محكماً في مناطق التوغل، جرى فيها مهاجمة جنود الاحتلال وقواتهم الخاصة، وتنفيذ 19 اشتباكاً مسلحاً مباشراً مع قوات الاحتلال، إضافة إلى قيام الاستشهادي رزق سامي صبح بتفجير نفسه في مجموعة من جنود الاحتلال عند فوهة دبابة في منطقة العطاطرة في بلدة بيت لاهيا».
كما أكد أن «القسّام دمرت كلياً أو جزئياً 47 دبابة وجرافة وناقلة جند متوغّلة في القطاع، إضافة إلى أربع طائرات مروحية، وطائرة استطلاع واحدة».
وشدد على أن «العدو أعدّ لهذه الحرب طويلاً، ولشهور سابقة»، قائلاً «من برّر الحرب على غزة هو شريك في العدوان».