واشنطن ــ محمد سعيدوجّه «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» سلسلة «نصائح» لأي قوة دولية قد يتم نشرها على الحدود المصرية مع قطاع غزة، مشترطاً ألا تقتصر مهمتها على المراقبة والتقرير، مع منحها صلاحية استخدام السلاح، بهدف وقف تهريب الأسلحة إلى غزة.
ويُعَدّ هذا المعهد، المؤسسة الفكرية الرئيسية المتحدثّة باسم اللوبي اليهودي ـــــ الإسرائيلي في الولايات المتحدة. وبعدما عرض في تقريره «دعوة طرف ثالث إلى قطاع غزة»، مهام هذا الطرف الثالث، والتي تتراوح ما بين مراقبة الحدود وتولي مسؤولية حفظ السلام، رأى معدّوه أنه «لم يتم تحديد قواعد التدخل في الصراع، وهذا ما قد يجعل وجود قوة جديدة، خطراً قد يزيد من سوء الوضع في القطاع».
وللتحذير من الفشل، استدلّ التقرير بتجربة القوات الدولية التي نُشرت في القطاع بموجب اتفاقية الحركة والعبور التي وضعت بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة عام 2005. ويشير إلى أنه على الرغم من اقتصار مهمة هذه القوة على المراقبة في حينها، فإنها «واجهت مصاعب لا تقارن مع المشاكل التي من المتوقع أن تتعرض لها القوة الدولية التي ستحضر بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار في المعركة الحالية».
وعدّد التقرير نوعية هذه المشاكل، وأهمها أن مهمة المراقبين الأوروبيين «اقتصرت على المراقبة، ولم يكن المراقبون مسؤولين عن ضبط البضائع الداخلة عبر الحدود ولم تتعدّ سلطتهم حواجز المرور على المعبر».
وعن متطلبات القوة الدولية في القطاع، دعا المعهد إلى أن تكون «مفوّضة بوقف عمليات التهريب من معبر كرم أبو سالم إلى البحر، منعاً لإعادة تسليح حماس». وللتمكن من إثبات فعاليتها، لفت إلى ضرورة أن توسع جهودها في مكافحة عمليات التهريب «إلى داخل الأراضي المصرية أو غزة أو كليهما»، وهو ما قد يزيد من تعقيد علاقة القوة مع هذين الطرفين، بحسب ما جاء في الوثيقة.
معطيات دفعت معدّي النص إلى حثّ تل أبيب على التوصل إلى اتفاقية ثنائية مع مصر، «حيث إن استدعاء طرف ثالث للقيام بما هو أكثر من وقف عمليات التهريب وإطلاق الصواريخ، سيكون أمراً أكثر تعقيداً من العمل مع مصر». ورأى المعهد أن نجاح القوة الدولية في وقف «عمليات التهريب»، مشروط بالمتطلبات الآتية:
أولاً، إعطاء القوة الجديدة السلطة الكاملة على كامل المساحة البرية والبحرية التي تلزمها لإقامة منشآتها ومزاولة عملياتها. وقد تمتد هذه المساحة على جانبي الحدود.
ثانياً، يجب أن تتضمن قواعد التدخل في الصراع شروطاً ملائمة لاستعمال السلاح، إما لمكافحة ما يهدد الأمن والسلام، أو للدفاع عن النفس.
ويبدو أن مذكرة التفاهم الأمني، التي وقّعتها وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني في واشنطن يوم الجمعة الماضي، تتناغم مع ما يطرحه معهد اللوبي الإسرائيلي. ففي بنود التقرير، ما حرفيته أنه «نظراً إلى حتمية الطابع الدولي للقوة الائتلافية التي سيتم وضعها، من غير المرجح أن تتمتع كل الأطراف المشاركة في القوة، بالحزم السياسي والخبرة العسكرية اللازمة لهذا النوع من العمليات». ويوضح التقرير أنّ «الدول التي لا يمكنها توفير جنود يتمتعون بالكفاءة المطلوبة، يجب ألا يتم إشراكهم في إنشاء القوة الدولية، حيث ينبغي أن يكون قائد الفريق وطاقمه ضليعين بعمليات حفظ السلام، وأن يضم الفريق مستشارين سياسيين رفيعي المستوى من كل من الولايات المتحدة وحلف شمالي الأطلسي».
وتشدّد التوصيات على «حاجة القوة الدولية إلى الدعم الاستخباري الأميركي»، لافتة انتباه قادة الدولة العبرية إلى التفاصيل، مثل عدم الاعتماد على المترجمين المحليين، لأن ذلك «سيفتح الباب أمام العملاء».
في المقابل، يشير التقرير إلى أن وجهة نظر سلطة محمود عباس، تقوم على أن القوة ستحول دون حصول عملية إسرائيلية عسكرية مستقبلية على محور معبر رفح، كذلك فإنها ستعيد عناصر أمنها إلى القطاع.
ولا يتردّد المعهد في إبداء سروره من أن القوة الدولية «بعلاقتها الدبلوماسية والسياسية مع الطرفين، قد تمنح الولايات المتحدة وحلفاءها نوعاً من السيطرة على الأحداث، وربما القدرة على التحكم بالوقائع على الأرض».