strong>النتائج السيّئة التي تطغى على أداء الشركات منذ العام الماضي تؤثّر في «الثقة بأعمالها». فبحسب مؤشّر «Edelman»، تراجعت تلك الثقة تراجعاً ملحوظاً في جميع البلدان في 2008، ونسبة التراجع كانت أكبر في البلدان المتقدّمة، في الوقت الذي تبقى فيه ثقة المستهلك عند أدنى مستوياتها في الولايات المتّحدة حيث أكبر اقتصاد في العالم
أعرب أكثر من 64 في المئة من الأشخاص الذين استطلعت آراءهم مؤسّسة «Edelman Trust Barometer» عن تراجع ثقتهم بالشركات في عام 2008، مقارنة بالعام السابق. لأنّ العام الماضي كان مشؤوماً بل سوداوياً بالنسبة إلى لأعمال في جميع القطاعات. فالأسواق الماليّة شهدت الآثار المأسويّة لأزمة الائتمان، فيما بدأت الشركات العاملة في الجوانب الحقيقيّة من الاقتصاد تعدّ العدّة لاستقبال عام جديد مليء بالخسائر وتراجع الطلب.
انخفاض الثقة تركّز في الولايات المتّحدة وأوروبا الغربيّة، أي في البلدان المتقدّمة التي تكمن فيها محاور الاقتصاد العالمي والعولمة الماليّة. ووفقاً لما نقلته وكالة «رويترز» عن الدراسة، فإنّ السبب الأساسي وراء التراجع كان طلب المؤسسات المالية مساعدات حكومية في مواجهة الأزمة المالية ما أثار شكوك المواطن العادي في شأن قدرة الصناعة على تحقيق الرخاء.
منذ بدء الانهيارات الماليّة في خريف العام الماضي، هرعت حكومات البلدان في جميع أصقاع الأرض إلى مدّ حبل الإنقاذ للعديد من المؤسّسات الماليّة وغير الماليّة التي أدّت أزمة الثقة في سوق الائتمان إلى فقدانها السيولة الحيويّة. وبرزت خطط بمليارات الدولارات وتأميمات بمبالغ قياسيّة (مثل تأميم مؤسّستي الرهن العقاري الأميركي «Freddie Mac» و«Fannie MAe»). تبعتها، ولا تزال، خطط للتحفيز الاقتصادي التي تعدّ حيويّة من أجل مدّ الاقتصاد بالدعم الحكومي اللازم لاحتواء تداعيات الاضطرابات الماليّة على الصناعة والزراعة وكل القطاعات الاقتصاديّة الأخرى.
وبالنسبة إلى التراجع في مؤشّر «Edelman»، فقد كان الانخفاض الأكبر في ثقة المواطنين في أيرلندا حيث قال 84 في المئة ممن شملهم الاستطلاع إنّهم فقدوا الثقة في الشركات. وفي اليابان، تنامت نسبة القلقين إلى 79 في المئة.
أمّا في الولايات المتّحدة، فقد بلغت نسبة القلقين من أداء الشركات وانعكاس نتائجه على حياتهم، 77 في المئة، فيما أعرب 38 في المئة فقط (مّمن تراوح أعمارهم بين 35 عاماً و64 عاماً) عن ثقتهم بالشركات، ما يمثّل أدنى نسبة مسجّلة في تاريخ المؤشّر الذي يصدر منذ 10 سنوات. وكانت النسبة 58 في المئة في العام السابق.
وتمحورت هواجس الأميركيّين حول قطاعي صناعة السيّارات والمصارف. فالثاني ضربته الأزمة الماليّة بالدرجة الأولى، ويحصل على مساعدات حكوميّة هائلة من الحكومة الفدراليّة ضمن خطّة الـ700 مليار دولار (TARP)، أمّا الأوّل، فقد دفع سوء إدارته خلال العقود الماضية، القيّمين عليه إلى طلب قروض طارئة، تمثّلت بـ17.8 مليار دولار لشركتي «General Motors» و«Chysler»، إضافة إلى استعداد لإجراءات إنقاذيّة أخرى، مثل تأمين خطّ ائتماني بـ7 مليارات دولار لشركة «Ford» إذا عانت نقصاً في السيولة.
وبحسب رئيس شركة «Edelman»، ريتشارد إيدلمان، فإنّ ما يحدث الآن ليس مطابقاً للذي «حدث بين عامي 2001 و2003 (حين أدّى انفجار الفقاعة التكنولوجيّة إلى ركود). فالأمر الآن لا يقتصر على شركات الإنترنت التي تمثّل مفهوماً جديداً للاقتصاد: هذه General Motors هذا مصرف كبير».
وبالانتقال إلى البلدان النامية، فقد أعرب 21 في المئة من البرازيليين الذين استُطلعت آراؤهم، عن فقدانهم الثقة في الشركات، فيما لدى 32 في المئة من الإندونيسيين شكوك، لتريفع النسبة في روسيا، حيث فقد 49 في المئة من المواطنين الثقة بالشركات، وهي النسبة نفسها المسجّلة في الهند.
من جهة أخرى، وإضافةً إلى فقدان الثقة بالشركات، لا يزال المستهلكون حول العالم متوجّسين ممّا تخبّئه لهم التطوّرات الاقتصاديّة، لذا يعربون عن قلقهم وينخفض مؤشّر ثقتهم إلى مستويات متدنيّة.
وفي الولايات المتّحدة، حيث يعتمد الاقتصاد بحوالى 70 في المئة من نشاطه على الاستهلاك، سجّل مؤشّر ثقة المستهلك، الذي تصدره مؤسّسة «Conference Board» 39 نقطة خلال الشهر الجاري، بارتفاع طفيف جداً عن الـ38 نقطة المسجّلة في كانون الثاني الماضي، وهي أدنى نسبة مسجّلة منذ انطلاق عمليّة تسجيل البيانات في عام 1967.
ووفقاً لما ينقله الموقع الإلكتروني المختصّ بعالم المال والأعمال «Bloomberg»، عن كبير الاقتصاديّين في مصرف «Wachovia»، جون سيلفيا، «نتوقّع أن يبقى مؤشّر ثقة المستهلك عند مستويات منخفضة خلال الفترة المنظورة، ما يمثّل ضغوطاً كبيرة على الاقتصاد». فالاقتصاد الأميركي الذي يعيش في مرحلة ركود منذ كانون الأوّل من عام 2007، لا يزال ينتظر مفاعيل خطّة إنقاذيّة حيويّة قيمتها 825 مليار دولار.
(الأخبار)


تساؤل

شمل الاستطلاع الذي أجري بين الخامس من تشرين الثاني و14 كانون الأول الماضيين، 4475 شخصاً في 20 دولة. واقتصر على بالغين على دراية بالأحداث من الحاصلين على تعليم جامعي وذوى الدخول العليا الذين يتابعون الأخبار الاقتصادية والسياسة. وإن ظهر فيه تراجع الثقة في البلدان المتقدّمة بشكل مركّز، فإنّ رئيس مؤسّسة «Edelman»، ريتشارد إدلمان، يلفت إلى أنّ الثقة بالشركات في البلدان النامية ستسجّل تراجعاً أكبر، وتساءل عما سيكون عليه التقويم في الهند بعد فضيحة شركة «Satyam» العملاقة التي زوّر رئيسها مستندات الأرباح لسنوات مضت.