strong>تزامناً مع إعلان صندوق النقد الدولي توقّعاته الجديدة القائلة إنّ نسبة نموّ الاقتصاد العالمي ستنخفض إلى 0.5 في المئة خلال عام 2009، حذّرت منظّمة العمل الدوليّة من «زيادة دراماتيكيّة» في عدد العاطلين من العمل خلال الأعوام المقبلة، مشيرةً إلى أنّ معدّل البطالة سيصل إلى 7.1 في المئة في نهاية العام الجاري
«رغم السياسات الإجرائيّة الواسعة، لا تزال الضغوط الماليّة شديدة» وستستمرّ هذه الأخيرة في التأثير على الاقتصاد العالمي الذي يرجّح أن ينمو بنسبة 0.5 في المئة فقط خلال العام الجاري، وهي أدنى نسبة مسجّلة منذ الحرب العالميّة الثانية. هذه آخر التوقّعات السوداويّة التي أطلقها صندوق النقد الدولي أمس.
فالاقتصاد العالمي يواجه ركوداً عميقاً ومن المتوقّع الآن أن تتقلّص اقتصادات البلدان المتقدّمة بنسبة 2 في المئة عوضاً عن نسبة 0.5 في المئة التي كانت متوقّعة منذ شهرين. والولايات المتّحدة، التي تعدّ محور الأزمة الماليّة القائمة، يرجّح تقلّص اقتصادها بنسبة 1.6 في المئة فيما سيتقلّص الاقتصاد الياباني، ثاني أكبر اقتصاد عالمياً، بنسبة 2.6 في المئة، وسيسجّل نموّ بلدان الاتحاد الأوروبي الـ27 نسبة سلبيّة تبلغ 2 في المئة.
ويشير تقرير صندوق النقد إلى أنّ «تعافي الاقتصاد العالمي لن يكون ممكناً إلّا إذا عاد العمل بطريقة سليمة في القطاع المصرفي وانتفى الخلل في سوق الائتمان»، وبغير ذلك فإنّ الاقتصاد العالمي سيسجّل خسائر تراكميّة تقارن بنتائج مرحلتي الكساد في 1974 ـــ 1975 وفي 1980 ـــ 1982.
وهذه التطوّرات الخطيرة في توقّعات الصندوق تفترض زيادة حدّة الأزمة الاقتصاديّة في كل القطاعات، وبالتالي تراجع التشغيل وارتفاع معدلات البطالة. وهو ما أضاء عليه التقرير الأخير لمنظّمة العمل الدوليّة التابعة للأمم المتّحدة.
فالبطالة الدوليّة والفقر سيرتفعان ارتفاعاً «دراماتيكياً» خلال السنوات المقبلة وفقاً للتقرير الذي يرتكز على السيناريو الأسوأ المتوقّع. فهو يقول إنّ عدد العاطلين من العمل عالمياً سيرتفع بواقع 50 مليون شخص، مقارنة بالعام الأساس المحدّد 2007، ليصبح 230 مليون شخص في نهاية العام الجاري، أي إنّ معدّل البطالة الكونيّة سيرتفع إلى 7.1 في المئة.
ووفقاً للسيناريو نفسه فإنّ عدد الأشخاص العمّال الفقراء، أي الذين يتقاضون أقلّ من دولارين يومياً قد يرتقع إلى 1.4 مليار نسمة أو 45 في المئة من جميع العمّال، بعدما كان العدد 1.2 مليار شخص في عام 2007. وهذا الأمر سيؤدّي إلى ارتفاع عدد الفقراء في العالم إلى المستوى نفسه المسجّل في عام 1997، ما يؤدّي بحسب التقرير إلى محو جميع الإنجازات التي حقّقت خلال العقد الماضي وإلى عودة إلى وضع حيث «أكثر من نصف قوّة العمل الكونيّة ستكون في بطالة أو تعدّ على أنّها تضمّ الفقراء العاملين».
ونقلت صحيفة «Financial Times» عن مدير منظّمة العمل الدوليّة خوان سومافيا، قوله إنّ تقريره «واقعي لا تهويليّ». وأضاف «نحن الآن نواجه أزمة وظائف عالميّة. التقدّم في عمليّة خفض الفقر يتكشّف، والطبقات الوسطى حول العالم تضعف. والانعكاسات السياسيّة والأمنيّة تتربّص».
واللافت هو أنّ تقديرات المنظّمة الدوليّة تقوم على أنّ نسبة نموّ الاقتصاد العالمي ستبلغ 2.2 في المئة خلال العام الجاري، أي وفقاً للتقديرات السابقة لصندوق النقد الدولي. ولكن حتّى مع الترجيحات الجديدة، يرى الاقتصاديّون في المنظّمة أنّ توقّعات السيناريو الأسوأ التي يتوقّعونها لن تتأثّر.
وتنشر هذه التقديرات في أسبوع حافل بعمليّات خفض الوظائف حول العالم، فيوم أوّل من أمس وحده شهد إلغاء حوالى 75 ألف وظيفة، وهو ما يشير إلىه التقرير حيث يقول إنّ الأزمة العالميّة أصبحت تؤثّر في قطاعات أكثر من الاقتصاد وتؤدّي إلى زيادة حادّة وغير معهودة في عمليّات الطرد.
وعلى الرغم من أنّ موجة إلغاء الوظائف تعود إلى الأزمة الاقتصاديّة العالميّة، فإنّ هناك سبباً آخر هو أنّ عدد الأشخاص الموظّفين بشكل مؤقّت أو بطريقة غير اعتياديّة (بمعنى التثبيت) ازداد كثيراً خلال الفترة الأخيرة، مقارنةً بفترات الكساد التي شهدها العالم سابقاً.
وانطلاقاً من هذه المعطيات أطلق سومافيا نداءً إلى زعماء بلدان مجموعة العشرين «G20» الذين يجتمعون في لندن في بداية نيسان المقبل، من أجل منح أولويّة لإقرار تدابير تروّج للاستثمار وزيادة فرص العمل وتحسين الحماية الاجتماعيّة. وقال إنّ على الحكومات أن تضع «سقفاً أساسياً» للسياسات الاقتصاديّة الاجتماعيّة من أجل دعم المداخيل وولوج المواطنين إلى الخدمات الصحيّة وبالتالي تطوير إجراءات لاحتواء تداعيات الأزمة على العمّال العاديّين وعائلاتهم. كما عليها دعم المؤسّسات والشركات المتوسّطة الحجم لأنّها هي التي تؤمّن الحجم الأكبر من الوظائف وهي التي تتأثّر بالدرجة الأكبر بالأزمة العالميّة.
(الأخبار)


«يأس المديرين»

إلى جانب التوقّعات السوداويّة التي أعلنها صندوق النقد الدولي ومنظّمة العمل الدوليّة أمس، أوضحت مؤسّسة الاستشارات الماليّة «PriceWaterhouseCooprs» أنّ مؤشّر الثقة لدى المديرين التنفيذيّين حول العالم انخفض إلى مستوى متدنّ جديد، وذلك في الوقت الذي يجتمع فيه كبار أولئك المديرين في المنتدى الاقتصادي العالمي المعقود في دافوس السويسريّة. وحول العالم أعرب 21 في المئة من المديرين المستطلعة آراؤهم عن ثقتهم بارتفاع المداخيل خلال الأشهر الـ12 المقبلة، انخفاضاً من 50 في المئة في العام الماضي.