واشنطن ــ محمد سعيدمرّ خبر التعديل الاستخباري في الأردن خلال العدوان على قطاع غزّة مروراً عابراً في الصحافة العربيّة والعالميّة، من دون توضيح الخلفيّات، التي تحدّث عنها تقرير «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»، الذي يمثل المؤسسة الفكرية للوبي اليهودي الإسرائيلي.
التقرير رجّح أن تكون إطاحة مدير المخابرات (السابق)، اللواء محمد الذهبي، في 30 كانون الأول الماضي، واستبداله باللواء محمد الرقاد، انقلاب من الملك الأردني عبد الله الثاني على سياسة الانفتاح على «حماس» والعودة إلى الاصطفاف إلى جانب إسرائيل والرئيس الفلسطيني محمود عباس في العدوان على غزة، الذي كان أحد أهدافه الرئيسية تحطيم المقاومة الفلسطينية وانهاء سيطرة الحركة الإسلامية على القطاع، خلافاً للتوصيات التي كان الذهبي قدمها إلى الملك الأردني في صيف العام الماضي بضرورة تحسين العلاقة مع «حماس»، باعتبار أن السلطة الفلسطينية في طريقها إلى الاندثار.
وقال التقرير إن الاعتقاد السائد أيضاًَ هو أن الذهبي كان وراء قرار الملك الأردني تحسين العلاقات مع سوريا وقطر، التي كانت توسطت قبل ثماني سنوات في الخلاف بين «حماس» والأردن الذي وافق على انتقال رئيس المكتب السياسي للحركة، خالد مشعل، وثلاثة من رفاقه الذين يحملون الجنسية الأردنية إلى الدوحة.
وكان اعتقاد الذهبي بضعف قيادة السلطة الفلسطينية وارتفاع شعبية «حماس» في الضفة الغربية وقطاع غزة، إلى جانب الشكوك في قيام عباس وقيادة السلطة بالتفاوض مع إسرائيل على تسوية قضية اللاجئين الفلسطينيين على حساب المصالح الأردنية، طبقاً لما يسمى «الخيار الأردني»، سبباً أساسيّاً في تغيير سياسة النظام الأردني لصالح تحسين العلاقات مع «حماس».
ويقول التقرير إن القناعة التي كانت سائدة لدى قيادة المخابرات في عهد الذهبي هي أن «حماس» ستمنع، في حال سيطرتها على الضفة إلى جانب غزة، هجرة الفلسطينيين من الضفة إلى الأردن بسبب تدهور الوضع الأمني نتيجة انهيار السلطة. ويضيف أن الذهبي قد ذهب بعيداً في تحسين العلاقة مع «حماس» إلى حد السماح بانطلاق التظاهرات الكبيرة أثناء العدوان على قطاع غزة.
وخلص التقرير إلى أن «تعيين الرقاد قد يكون مؤشراً إلى أن الحكومة الأردنية قررت وضع حد لمغازلتها القصيرة لحماس والالتفات إلى الداخل من أجل حماية جبهتها المحلية». ويدلّل على ذلك بتصدي قوات الأمن الأردنية بشدة للتظاهرات التي حاولت الوصول إلى السفارة الإسرائيلية في عمان.
ويذكر أن محمد الذهبي، الذي كان تولى منصب مدير المخابرات في كانون الأول 2005 هو شقيق رئيس الحكومة الأردنية الحالي نادر الذهبي، الذي تولى منصبه في تشرين الثاني 2007. وكان محمد الذهبي قبل توليه منصبه يتولى صياغة تقارير تقدير الموقف وإعداد الخطط والاستراتيجيات التي ترفع للملك الأردني.