تشهد الإمارات اليوم مثول أكبر قادتها الاقتصاديّين أمام مجلس الأمّة من أجل شرح كيف سيواجه ثاني أكبر اقتصاد عربي عاصفة الأزمة الماليّة العالميّة، فيما إمارته المعجزة، دبي، تبحث بجهد عن وسائل لتقزيم «التداعيات»، ومن بين إجراءاتها الأخيرة الحصول على تمويلات بقيمة 8 مليارات دولار رتّبتها مجموعة «Citi Group»
حسن شقراني
يستمع المجلس الاتحادي الوطني في الإمارات اليوم، إلى وزير المال في البلاد، عبيد الطاير وحاكم المصرف المركزي، سلطان بن ناصر السويدي، لشرح «الإجراءات والتدابير التي اتُخذت وما هي الإجراءات التي ستُتبع في المستقبل نظراً لأنّ الأزمة ستستمرّ في عام 2009»، حسبما نقلت وكالة «Zawya Dow Jones»، عن العضو في المجلس يوسف علي بن فاضل.
وهذا الحدث يبدو حتمياً نظراً للتأثّر الحاد الذي شهده اقتصاد البلد الخليجي الذي تأثّر أخيراً بنسبة كبيرة بانخفاض سعر النفط إلى مستويات دنيا، وبدأ حسبما يتّضح انفجار فقاقيع قطاعات عديدة فيه وتحديداً سوق العقارات. كما أنّ أعضاء المجلس الوطني قلقون تحديداً في شأن الرقابة على المصارف وعمليّات التقنين التي يمكن أن تطبّق من أجل احتواء انهيار النظام المصرفي ربّما.
فخلال الفترة الأخيرة قامت السلطات في الإمارات بتوفير حوالى 33 مليار دولار للمصارف لمساعدتها على إكمال عملها في ظلّ الأزمة الماليّة. وبحسب فاضل، فإنّ «السبب الأهمّ لهذه الأزمة هو تحوّل الناس إلى محقّقين وابتعادهم من العمل بحسب القواعد التقليديّة، لذا فإنّ دور المصرف المركزي ضروري جداً لكي نضمن أنّ ما حصل (في الخارج وأدّى إلى نشوء الأزمة الماليّة) لن يحصل للمصارف هنا في الإمارات».
المتحدّث باسم المجلس، يوسف النقبي، لفت إلى أنّ الحاكم والوزير سيُسألان عن الممارسات الفاسدة التي قد تكون رصدت في الأسواق. وقال: «هناك سؤالان سيُوجّهان لوزير المال. الأوّل هو عن الأزمة الماليّة العالميّة، والثاني يتعلّق بالمحافظ الماليّة التي تصرّفت بطريقة مشبوهة».
ولكن بعيداً من الشبهات والشهادات، تظهر جدياً آثار الأزمة في البلد الخليجي وخصوصاً في دبي التي ظهرت تقارير كثيرة في الفترة الأخيرة تتعلّق بأسئلة عن دينها السيادي، البالغ 10 مليارات دولار، وكيفيّة تسديده. فقد ذكرت صحيفة «Gulf News» أمس، أن مجموعة «Citi Group» رتبت تمويلاً بحوالى 8 مليارات دولار لدوائر في حكومة دبي خلال الأشهر الماضية.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطّلعة قولها إنّ الدين الإجمالي يتألف من 6 اتفاقات تمويل. ونسبت إلى رئيس المجموعة المصرفيّة، وين بيشوف، قوله إن مؤسّسته تنظر إيجاباً إلى دبي التي تأثرت في الشهور الأخيرة بتباطؤ سوق العقارات ونزوح السيولة بسبب أزمة الائتمان.
وفيما برهنت الإمارة في أوقات متكرّرة خلال الفترة الأخيرة عن قدرتها على تسديد متوجّباتها، يرى المحلّلون أنّ الالتزام الجديد مع مؤسّسات ماليّة دولية، يظهر مدى الثقة المكوّنة لدى تلك المؤسّسات بالمركز المالي لدبي. وفي هذا الصدد، يقول المدير التنفيذي لـ«Citi Group» في الشرق الأوسط، محمّد الشروجي، قوله «نحن إيجابيّون جداً في شأن الآفاق الاقتصاديّة في مدينة دبي خاصة، لكونها واحداً من المراكز الماليّة الأكثر نمواً في العالم».
وخلال الشهر الماضي، شدّد رئيس المجلس الاستشاري لحكومة دبي، رئيس مجلس إدارة شركة «إعمار العقاريّة»، محمّد العبّار، على أنّ إمارة قادرة على تسديد ديونها. وتبلغ ديون الإمارة المستحقة على الشركات التابعة لحكومتها 70 مليار دولار، فيما الأصول تقدّر بـ260 مليار دولار.
وتحدّثت تقارير سابقة عن إمكان حصول دبي على دين من العاصمة الإماراتيّة، أبو ظبي، لاحتواء التقصير المالي الذي يمكن أن تواجهه، في الوقت الذي تضرب فيه الأزمة الماليّة جميع بلدان منطقة الخليج تقريباً، وانخفضت أسعار النفط إلى ما دون عتبة الـ50 دولاراً للبرميل، وهو السعر الذي كانت معظم بلدان الخليج قد حدّدته في ميزانيّاتها.
وتنقل وكالة «Dow Jones Newswire» عن مدير مصرف «HSBC» في دبي، سايمون ويليامز، قوله إنّ «البيئة الحاليّة عدائيّة أكثر من تلك التي واجهتها الإمارات خلال السنوات الخمس الماضية. أسعار النفط ستكون أكثر انخفاضاً كما أنّ الحصول على تمويل دولي سيكون أصعب وأكثر كلفة من ذي قبل.
وفي السياق، نقلت صحيفة «Emirates Business» عن المدير العام لدائرة المالية في دبي، ناصر الشيخ، قوله إنّ الإمارة ستسعى للحصول على تصنيف ائتماني سيادي بحلول منتصف العام المقبل وإنها مستعدة لإجراء مباحثات مع مؤسسات التصنيف.
وقال الشيخ، العضو في اللجنة التي شكّلتها الإمارة للتصدّي للأزمة الماليّة، «لم يكن التصنيف جزءاً مهماً في استراتيجيتنا من قبل ولذلك لم ينجز في الماضي. لكن بالنظر إلى ما يحدث اليوم نعتقد أن التصنيف سيسهم بدعم الثقة بالسوق»، غير أنّه لم يحدّد من هي الوكالة التي ستتولّى عمليّة التصنيف.


رخص جديدة

أعلن المصرف المركزي الإماراتي أمس، أنّه أصدر تراخيص مصرفيّة لثلاثة بنوك عالمية من بينها «Deutche Bank» ستسمح لها بتقديم خدمات مصرفية للشركات. وقال المصرف إن الرخصتين الأخريين هما لمجموعة «Mitsubishi UFJ» المالية اليابانية والبنك الصناعي والتجاري الصيني. وتتيح الرخصة لهذه المؤسسات تقديم خدمات للشركات لكنها لا تسمح لها بالقيام بأنشطة التجزئة المصرفية. وقلصت المصارف العالميّة خلال الفترة الأخيرة بتقليص عمالتها في المنطقة وبينها «Goldman Sachs» و«Morgan Stanley» اللذان ألغيا 10 في المئة من قوّة عملهما.