strong>تشير جميع التوقّعات إلى أنّ منظّمة الدول المصدّرة للنفط التي تعيش أزمة جرّاء انخفاض أسعار النفط دراماتيكياً منذ الصيف الماضي، ستقرّ في اجتماعها اليوم خفضاً لن يقلّ عن 1.5 مليون برميل يومياً وقد يصل إلى مليوني برميل. ولكن هناك توقّعات مقابلة تفيد أنّه مهما كانت الإجراءات المتّخذة فإنّ «أوبك» ستشهد انخفاض سعر برميل النفط إلى 25 دولاراً العام المقبل
ستقرّ منظّمة الدول المصدّرة للنفط، «أوبك» خفضاً جديداً للإنتاج خلال اجتماعها المقرّر اليوم في وهران الجزائريّة، بعدما أوضحت التطوّرات الأخيرة أنّ الخفوضات التي قامت بها لم تؤدّ إلى النتائج المطلوبة، أي إعادة رفع الأسعار إلى مستويات مرغوبة (عند 75 دولاراً بحسب التمنيّات السعوديّة)، ليس لأنّ أعضاء المنظّمة الـ13 لم يحترموا ما أقرّ في شأن الخفض، بل لأنّ الأزمة الاقتصاديّة العالميّة دفعت إلى تقلّص الطلب على الوقود الأحفوري لدرجة أنّ إجراءات «أوبك» لن تؤدّي إلى تغيير جذري إذا لم تكن «جذريّة».
وهذا تحديداً ما أكّده المندوبون الذين بدأو يتوافدون إلى الجزائر منذ أوّل من أمس. فقد نقلت وكالة «رويترز» عن مندوبين لم تسمّهم أنّه يُرجّح أن يبلغ مقدار الخفض مليوني برميل يومياً. وقال أحدهم: «الكل يعاني. ولهذا السبب نريد مليونين». وذلك في ظلّ قناعة لدى جميع المجتمعين تقريباً مفادها أنّ الخفض يجحب أن يكون بين مليون برميل ومليوني برميل يومياً من أجل سحب المعروض النفطي الزائد عن الطلب في الأسواق، الذي تريده المنظّمة أن يكون لـ52 يوماً لا لـ57 يوماً. وفي هذا السياق، نُقل عن رئيس «أوبك»، وزير النفط الجزائري، شكيب خليل، قوله إنّه لا بد أن تخفض المنظمة الإنتاج أكثر كثيراً من مليون برميل يومياً.
وبعدما لم يؤدّ اجتماعها الاستثنائي الأخير في مصر الشهر الماضي إلى خفض للإنتاج، تطمح بلدان المنظّمة إلى أن تؤدّي إجراءاتها اليوم إلى رفع الأسعار من المستويات المنخفضة جداً التي وصلت إليها، والتي تهدّد ميزانيّاتها بالعجز ومشاريعها الاستثماريّة الضخمة بالتوقّف وعجلات اقتصاداتها الريعيّة إلى التوقّف.
فـ«أوبك» راقبت منذ الصيف الماضي الأسعار تنخفض من أكثر من 147 دولاراً للبرميل إلى أقلّ من 40 دولاراً الأسبوع الماضي، لتراوح أمس بين 45 دولاراً و46 دولاراً، ما يمثّل تراجعاً بنسبة 70 في المئة مقارنةً بالرقم القياسي المسجّل في 12 تمّوز الماضي. لذا هي تريد حالياً بحسب وزير النفط الفنزويلي رافاييل راميريز «إجراء خفض كبير في الإنتاج» الذي يبلغ حالياً 27.3 مليون برميل يومياً باستثناء ما ينتجه العراق.
ولكن في مقابل طموحات «أوبك» وتمنّياتها، توقّع المحلّل الكبير في مصرف «Merrill Lynch»، فرانسيسكو بلانش، أن ينخفض سعر برميل النفط إلى 25 دولاراً في العام المقبل نظراً لتباطؤ الطلب في ظلّ الأزمة الاقتصاديّة العالميّة. فبحسب صندوق النقد الدولي ستنخفض نسبة نمو الاقتصاد العالمي خلال العام المقبل إلى 2.2 في المئة لتعود وترتفع إلى 4.8 في المئة مع حلول عام 2011.
ومن هذا المنطلق رأى بلانش، الذي بدّل توقّعاته لعام 2009 أربع مرّات خلال الفترة الماضية، والذي لتصريحاته تأثيرات قويّة في السوق، وخصوصاً أنّه توقّع وصول سعر البرميل إلى حدود الـ150 دولاراً في الصيف الماضي، أن يعود سعر برميل الوقود الأحفوري ليرتفع ويصل إلى 150 دولاراً خلال عامين أو ثلاثة أعوام.
وتتماهي توقّعات بلاش للعام المقبل مع رؤية المحلّلين في مصرف «Goldman Sachs»، جيفري كوري وأليسون ناثان، اللذين رأيا في 11 من الشهر الجاري أنّ سعر برميل النفط سينخفض إلى 30 دولاراً خلال الربع الأوّل من العام المقبل.
وفي تقريرها الشهري الذي نشر عشيّة مؤتمرها، قالت «أوبك» إنّ معدّل الطلب على النفط خلال العام المقبل سيبلغ 85.7 مليون برميل يومياً، أي أقّل بـ150 ألف برميل عن المعدّل المسجّل في العام الجاري. وذلك بعدما كانت قد توقّعت في تقرير الشهر الماضي أن يبلغ معدّل الطلب خلال العام المقبل 86.68 مليون برميل يومياً.
وكان خليل قد أعرب عن تشاؤمه حيال الطلب، وشدّد لدى وصوله إلى الجزائر أوّل من أمس، على وجود فائض في السوق يبلغ 400 ألف برميل.
وعلى أيّ حال ستسعى «أوبك» اليوم إلى تفادي تحقّق تلك التوقّعات من خلال إقرار خفض خلال اجتماعها اليوم، الذي سيتميّز بحضور عالي المستوى من الجانب الروسي، الذي سيقدّم اقتراحاته في شأن الخفض والخطوات التي يمكن اتخاذها في المستقبل، في ظلّ تصريحات كثيرة تتعلّق بإمكان انضمام روسيا إلى «أوبك» لترتفع حصّة الأخيرة من إنتاج النفط العالمي من 40 في المئة إلى 50 في المئة. وفي هذا الصدد، أكّد راميريز أنّ كاراكاس «ستدعم انضمام روسيا»، بينما يرى العديد من المراقبين أنّ «أوبك» تنتظر من روسيا خفضاً لإنتاجها بواقع 200 ألف برميل أو 300 ألف برميل يومياً.
(الأخبار)


إيرادات سعوديّة

تعدّ السعوديّة المنتج الأكبر للنفط في العالم والعضو الأكثر أهميّة ونفوذاّ في منظّمة «أوبك»، ولكن مع النفوذ يأتي التأثّر الحاد في أوقات الشدّة. فبحسب تقرير أعدّه المصرف الاستثماري، «جودة للاستثمار»، ونشرت تفاصيله وكالة «رويتز»، فإنّ إيرادات المملكة من صادرات النفط قد تنخفض بنسبة 41 في المئة إلى 172 مليار دولار في عام 2009 (يُتوقّع أن تتجاوز الـ292 مليار دولار في 2008) بسبب انخفاض حجم الإنتاج والأسعار، ما يعني أنّ النموّ الاقتصادي سيسجّل نمواً حقيقياً يبلغ 1.5 في المئة وهو الأقلّ منذ عام 2002.