strong>يدرس الرئيس الأميركي المنتحب، باراك أوباما، وفريقه الاقتصادي حالياً خطّة لإنعاش اقتصاد الولايات المتّحدة، الذي يعيش ركوداً منذ كانون الأوّل الماضي، قد تزيد قيمتها على 850 مليار دولار، لتصبح 1 تريليون دولار. ولكن التعافي الاقتصادي التدريجي في البلاد لن يبدأ قبل عام 2010، بحسب صندوق النقد الدولي، ما يعني أنّ العام المقبل سيشهد ذروة الركود
غداة قرار الاحتياطي الفدرالي خفض سعر الفائدة الأساسيّة إلى مستوى تاريخي يراوح بين صفر في المئة و0.25 في المئة، توقّع مدير صندوق النقد الدولي دومينيك شتراوس ــ كان أمس، ألّا يبدأ الاقتصاد الأميركي بالتعافي إلّا مع بداية عام 2010، لأنّ الركود وصل إلى مرحلة متقدّمة وهناك «حدود» لفاعليّة السياسة النقديّة في الوقت الذي ترتفع فيه نسبة السيولة في الأسواق، مشدّداً على أنّ ما يحتاج إليه أكبر اقتصاد في العالم هو رزمة تحفيز اقتصادي.
وهذه الرزمة التي يقول الصندوق إنّها يجب أن تكون «جديدة ونوعيّة» ضروريّة جداً لاحتواء ازدياد حدّة الركود الأميركي وتحوّله إلى انكماش، وبالتالي إلى كساد في مراحل متطوّرة، ليس فقط في الولايات المتّحدة بل في اقتصادات العالم أجمع، وخصوصاً الهشّة منها، وإن كانت قد سجّلت خلال السنوات الأخيرة نسب نموّ مرتفعة.
وبنى شتراوس - كان رؤيته، التي عرضها في حديث للصحيفة الإسبانيّة «Expansion»، على معطى مفاده أنّ سوق الإسكان في الولايات المتّحدة وصلت إلى نقطة منخفضة جداً، وأنّ الطلب بدأ يتأثّر بالمحفّزات الضريبيّة، ولكنّه لا يزال محكوماً بعامل «فقدان الثقة» نظراً لأنّ انفجار فقاعة هذا العقار في الصيف الماضي هو ما مثّل نواة الأزمة الماليّة التي تطوّرت في أيلول الماضي، لتتحوّل إلى أزمة اقتصاديّة تعبّر عن نفسها بانكماش اقتصادات الدول الغنيّة، التي لن تتجنّب الأوروبيّة منها الركود خلال العام المقبل بحسب رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فييون، وبتراجع نموّ اقتصادات البلدان النامية وعلى رأسها الصين وروسيا والبرازيل والهند.
وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أنّه من المتوقّع أن يخفض المصرف المركزي الياباني سعر فائدته الأساسيّة خلال اجتماعه اليوم من أجل تحفيز أكبر اقتصاد في آسيا والثاني في العالم، كما يقوم المصرف المركزي الأوروبي، المسؤول عن السياسة النقديّة لبلدان منطقة اليورو الـ15، بدراسة خطوات إضافيّة لتحفيز الإقراض من أجل تحفيز الاستثمارات، وقد تكون إحدى الخطوات الممكن أن تتّبع في هذا السياق خفض سعر الفائدة التي تحصل عليها المصارف لدى إيداعها الأموال لدى المصارف المركزيّة المعنيّة.
ولكن على أيّ حال فإنّ أيّ انتعاش عالمي يجب أن يكون مرتبطاً بهامش كبير بالتطوّرات في الولايات المتّحدة. ولكن اقتصاد الأخيرة بحسب اعتراف الجهات الرسميّة يعيش ركوداً منذ عام، وارتفع فيه معدّل البطالة خلال الشهر الماضي إلى 6.7 في المئة مع إلغاء أكثر من 533 ألف وظيفة في مختلف القطاعات. لذا فإنّ جميع الأنظار خلال العام المقبل ستكون موجّهة صوب التدابير التي ستتخذها الإدارة الأميركيّة الجديدة لدى وصول أوباما إلى البيت الأبيض.
والملفّ الاقتصادي سيكون في أولويّة هواجس هذه الإدارة، التي يدرس فريقها الاقتصادي خطّة التحفيز التي يجب أن تُطبّق خلال العام المقبل. وبحسب بعض المحلّلين، الذين نقلت رؤيتهم وكالة «أسوشييتد برس»، فإنّ قيمة الخطّة قد تبلغ 1 تريليون دولار، ولكن المراقبين الأكثر اعتدالاً يشيرون إلى أنّ المبلغ لن يتجاوز الـ850 مليار دولار.
ويتضمّن هذا المبلغ، الذي يذكّر بالإنفاق العام الضخم الذي جرى في خضمّ الكساد العزيم في ثلاثينيّات القرن الماضي، اعتمادات الإنفاق على الطرق والجسور، إضافةً إلى البنى التحتيّة الأخرى. كما سيجري تخصيص مبالغ معيّنة لتجديد المدارس.
والأبرز في هذه الخطّة، وهو ما يعدّ الإنفاق الذي سيمهّد للثورة الجديدة لتأمين التوسّع الاقتصادي في المرحلة المقبلة، سيكون الإنفاق على برامج توفير الطاقة مثل المباني الحكوميّة الموفّرة للطاقة، إضافة إلى تطوير التكولوجيا الصديقة للبيئة.
من جهة أخرى، فإنّ الإنفاق سيتضمّن أيضاً إعفاءات ضريبيّة معيّنة ستخصّص لمتوسّطي ومنخفضي الدخل، في ظلّ تشديد أعضاء الفريق الاقتصادي على أنّ زيادة الضرائب على المداخيل المرتفعة غير مطروحة. وفي هذا الشقّ الاجتماعي، فإنّه من المتوقّع أن تخصّص بعض الأموال لبرامج رعاية العاطلين من العمل الذين يُتوقّع أن يزداد عددهم بوتيرة سريعة خلال العام المقبل، ليصبح معدّل البطالة، حسبما يتوقّع رئيس الاحتياطي الفدرالي الأميركي، بن برنانكي، 7.5 في المئة في نهاية العام المقبل، الذي ستظهر فيه ذروة تداعيات الأزمة الماليّة قبل أن يبدأ الاقتصاد جزئياً بالانتعاش مع بداية عام 2010. وهو ما ينتظره الأميركيّون والعالم، وحتّى أعضاء منظّمة الدول المصدّرة للنفط، «أوبك»، التي لم يؤدِّ خفضها الأخير للإنتاج سوى إلى انخفاض الأسعار إلى أدنى مستويات منذ 4 أعوام ونصف عام!
(الأخبار)


اختيارات جديدة

الرئيس الأميركي المنتخب، باراك أوباما، ماض باختيار أعضاء فريقه الاقتصادي والمالي، وسمّى غاري جينسلر رئيساً للجنة الرقابة على أسواق العقود الآجلة، كما اختار دانييل تارولو لشغل مقعد في مجلس الاحتياطي الفدرالي. ولكن اللافت هو اختياره لماري سكابيرو لترؤّس لجنة الرقابة على السوق الماليّة. هذه اللجنة التي فشلت في السابق في رصد مكامن الخلل في «وول ستريت» ومن بين الانتقادات اللاذعة التي تتعرّض لها، تلك المتعلّقة بفضيحة هرم الفساد المالي الذي أداره المستثمر برنارد مادوف، وتبلغ قيمته 50 مليار دولار.