strong>مع انخفاض مبيعاتها حول العالم بفعل موجة الركود التي تجتاح اقتصادات البلدان الغنيّة وتراجع النموّ في البلدان الناشئة، تقوم شركات صناعة السيّارات بخفض توقّعاتها خفضاً كبيراً لعام 2009. وبالنسبة إلى «TOYOTA»، التي تنافس «GM» على الصدارة العالميّة في هذا القطاع، فهي ستعاني خسارتها الأولى على الإطلاق: 1.7 مليار دولار
ليست الأزمة التي تمرّ بها شركات صناعة السيّارات الثلاث الكبرى في الولايات المتّحدة هي الوحيدة التي تطغى على قطاع صناعة السيّارات في العالم، فالشركات من اليابان وحتّى أوروبا تعلن انخفاض مبيعاتها وتتوقّع عاماً مقبلاً سوداوياً يطيح هوامش أرباحها. وبالنسبة إلى شركة «Toyota» اليابانيّة التي تطمح لإزاحة «General Motors» عن عرش صناعة السيّارات عالمياً، فإنّ العام المقبل سيشهد تكبّدها الخسارة الأولى في تاريخها، بعدما أثبتت خلال السنوات الماضية قدرتها على احتواء الأزمات من خلال الخروج من العواصف الماليّة بتوازن نسبي في الوقت الذي كانت فيه منافساتها تتكبّد خسائر.
وتبدو الخسائر التي ستلحق بالعملاق الياباني منطقيّة لأنّ «التغيير الذي ضرب الاقتصاد العالمي هو من النوعيّة الحسّاسة التي لا تأتي سوى مرّة واحدة كلّ 100 عام»، بحسب رئيس الشركة، كاتسواكي واتانابي، الذي تحدّث في مكاتب «Toyota» في ناغوا، وشرح كيف أنّ انخفاض المبيعات خلال الشهر الماضي كان «أسرع وأكبر وأعمق بكثير مّما كان متوقّعاً». وبالتالي فإنّ الشركة ستتكبدّ خسارة قيمتها 1.7 مليار دولار العام المقبل، رغم أنّها ستحقّق ربحاً صافياً في نهاية العام المالي في 31 آذار 2009.
ومنذ بدأت الشركة بنشر تفاصيل نتائجها الماليّة في عام 1941 لم تلحق بها خسائر، ما يوضح أنّه خلال 70 عاماً من الأرباح المتواصلة وصلت الآن إلى مرحلة صعبة لا يمكن خلالها التخلّص من انعكاسات الأزمة الماليّة على طلب المستهلكين وثقتهم، بسهولة. وخصوصاً أنّ المحلّلين يتوقّعون أنّ العام المقبل سيكون أكثر صعوبة على قطاع السيّارات وجميع الصناعات والأعمال في العالم نظراً لازدياد حدّة الركود العالمي.
إذاً فانخفاض الطلب في أسواق العالم إضافة إلى ارتفاع سعر صرف الين أمام الدولار (ما أدّى إلى انخفاض الصادرات بنسبة 26.7 في المئة في تشرين الثاني الماضي) يدفعان أعمال «Toyota» نحو التراجع وقلب نتائجها الماليّة بعد 8 سنوات من الأرباح القياسيّة. ويأتى التراجع الأكبر في المبيعات من سوق الأرباح التاريخيّة للشركة اليابانيّة: الولايات المتّحدة.
ففي تشرين الثاني الماضي تراجعت المبيعات الأميركيّة لـ«Toyota» بنسبة 33.9 في المئة، فيما تراجعت تلك المبيعات لمنافستها اليابانيّة «Honda» بنسبة 31.6 في المئة. وذلك في الوقت الذي انخفضت فيه مبيعات «GM» بنسبة 41 في المئة. وهذا الواقع إذا كان مرّاً على الشركات اليابانيّة فإنّه أكثر مرارة على منافستها الأميركيّة، فإلى جانب «GM» هناك «Chrysler» و«Ford»، والشركات الثلاث حصلت على قروض أو خطوط ائتمان ميسّر بقيمة 17.4 مليار دولار من أجل مواجهة خطر الإفلاس في ظلّ انعدام السيولة وتراجع المبيعات.
وهذا الوضع هو نفسه الذي تعانيه الشركات حول العالم، وبينها الأوروبيّة. ولكن بالنسبة إلى الشركات اليابانيّة، فإنّها تواجه في بلادها، إلى جانب العوامل الاقتصاديّة، عوامل ديموغرافيّة تدفع نحو تقلّص الطلب. فصحيفة «نيويورك تايمز» تنقل عن تقارير متعلّقة بالصناعة في اليابان أنّ مبيعات السيّارات الجديدة في أكبر اقتصاد في آسيا وثاني أكبر اقتصاد في العالم، ولكن معدّل الشيخوخة فيه يرتفع بسرعة، ستنخفض العام المقبل إلى دون عتبة الـ5 ملايين سيّارة، وذلك للمرّة الأولى منذ 31 عاماً.
وبعد هذه التوقّعات السوداويّة، خفضت الشركات الإنتاج العالمي بواقع 2.2 مليون سيّارة في العام المالي الجاري، وخفضت توقّعات الأرباح وطردت موظّفين من أجل خفض الأكلاف. وفي هذا السياق قلّصت «Honda»، الثانية في اليابان بعد «Toyota» أرباحها المتوقّعة للعام المالي الحالي بنسبة الثلثين.
وبحسب التوقّعات الحاليّة، خفضت «Toyota» مبيعاتها العالميّة للعام المالي الحالي إلى 7.45 ملايين سيّارة، أي أقلّ بكثير من الرقم المحقّق العام الماضي والذي بلغ 8.9 ملايين سيّارة. والانخفاض سيعود أساساً إلى تراجع المبيعات في أميركا الشماليّة، حيث يُتوقّع بيع 2.17 مليون سيّارة مقارنةً بـ2.96 مليون سيّارة العام الماضي.
ويأتي تراجع مبيعات الشركة اليابانيّة فيما نمط التراجع يحكم أداء شركات السيّارات في العالم كلّه. فشركة «Tata» الهنديّة أعلنت أخيراً أنّها ستضخّ أموالاً لإنعاش شركة السيّارات البريطانيّة الفاخرة التي استحوذت عليها أخيراً، «Jaguar»، كما تقوم شركات أخرى مثل الفرنسيّة «Peugeot-Citroen» والفرنسيّة اليابانيّة «Renault-Nissan» بخفض الأكلاف وطرد موظّفين لاحتواء موجة الركود. وقد يكون موقع «Toyota» الأفضل بينها.
(الأخبار)


عصر نفقات

يلفت رئيس «Toyota» كاتسواكي واتانابي، إلى أنّ شركته ستردّ على انخفاض المبيعات بتعليق الاستثمارات في مصانع جديدة، وبينها تأجيل إطلاق معمل في ميسيسيبي في الولايات المتّحدة، كان قد أُعلن الأسبوع الماضي. إضافةً إلى تغيير في دورات العمل من أجل خفض الإنتاج والأكلاف في الوقت نفسه. وللإشارة على إجراءاتها التقشّفيّة، أوقفت الشركة مناشف الأيدي الكهربائيّة في بعض مكاتبها. ولكن مقارنةً بالمنافسين لا يزال وضع «Toyota» أفضل، حيث تبلغ سيولتها 18.5 مليار دولار، وديونها منخفضة نسبياً.