يبلغ حجم السرقات من المتاجر في الولايات المتّحدة 35 مليون دولار يومياً، وهذا الأمر يعكس ظاهرة منتشرة إلى حدّ ما في جميع بلدان العالم تقريباً. ولكن خطر السرقات في أميركا يبقى كبيراً جداً، ولا سيما في ظل الأزمة الاقتصاديّة، إذ إنّ الدراسات تحذّر من ازدياد الاضطرابات الاجتماعيّة ما قد يؤدّي إلى تغطية تدخّل الجيش لتطبيق الأحكام العرفيّة!
واشنطن ــ محمّد سعيد
تشير دراسة حديثة أصدرتها الكلية الحربية التابعة للجيش الأميركي إلى احتمال استخدام وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) القوّات المسلحة الأميركية في فرض الأمن في المدن إذا أسفرت الأزمة الاقتصادية الخانقة عن اضطرابات وفوضى مدنية مثل شن احتجاجات وتظاهرات ضد الشركات والمؤسسات الحكومية أو اقتحام المصارف.
وقالت الدراسة إنّ «انتشار عنف مدني على نطاق واسع داخل الولايات المتحدة سيرغم المؤسسة العسكرية على إعادة توجيه الأولويات للحفاظ على النظام والأمن». وأضافت إنّ الانهيار الاقتصادي والإرهاب، وفقدان النظام القانوني هي ضمن الهزات المحلية المحتملة التي قد تتطلب تدخل الجيش لضبط الوضع داخل الولايات المتحدة.
وكان مدير الصندوق الدولي دومينيك شتراوس ـ كان قد حذّر الأسبوع الماضي من إمكان وقوع اضطرابات بسبب تردي الوضع الاقتصادي في الأسواق العالمية، وإذا لم تُعالَج الأزمة المالية واستمرت معاناة ذوي الدخل المحدود بسبب قيود الائتمان وارتفاع نسبة البطالة. كما سبق لوزير الخزانة الأميركي، هنري بولسون، أن حذر من أن الحكومة قد تلجأ إلى إعلان الأحكام العرفية لمواجهة عواقب الأزمة المالية.
وبحسب مدير مشروع الحكومة الدستورية في معهد «Goldwater»، نيكولاي درانياس، فإن إعلان الأحكام العرفية سيكون إجراءً غير عادي يمنح الجيش السيطرة على المؤسسات المدنية. ويقول إنّ المرسوم الصادر في عام 1994 الخاص بوزارة الدفاع يسمح للقادة العسكريين باتخاذ إجراءات طوارئ في المؤسسات المحلية من أجل إنقاذ الأرواح ووقف المعاناة أو الحيلولة دون حدوث دمار كبير في الممتلكات. إلا أنه أشار إلى أنّ إعلان الطوارئ قد يزيد من سوء الوضع الاقتصادي، مثيراً الشك في إمكان اتخاذ مثل هذا الإجراء المتطرف وقال «لا أعتقد أن ذلك مرجح ولكنه محتمل».
ولكن «التداعيات الأمنيّة» جرّاء الأوضاع الاقتصاديّة الخانقة بدأت تظهر تدريجاً في البلاد، التي تعيش منذ كانون الأوّل الماضي في مرحلة ركود. وفي هذا الصدد تنقل صحيفة «نيويورك تايمز» عن مختصّين في هذا الشأن، قولهم إنّ حوادث توقيف الأشخاص الذين ضُبطوا وهم يسرقون ارتفعت بنسبة تراوح ما بين 10 في المئة و20 في المئة هذا العام.
وتفيد نقلاً عن خبراء أمنيّين، أنّ تزايد حوادث السرقات التي يقوم بها أشخاص يتظاهرون بالتبضع من المتاجر والسوبرماركات الكبرى في الولايات المتحدة يفاقم من حدّة الأزمة الاقتصادية التي تتخبط بها البلاد الآن.
واللافت أنّ النسبة الأكبر من الزيادة سببها الجنح التي يرتكبها سارقون للمرّة الأولى، ما يعني أن عدد الذين يلجأون إلى السرقة إلى تزايد، ويُتوقّع أن يرتفع هذا الرقم خلال فترة الأعياد الحاليّة.
ووفقاً لبيانات أكبر جمعيّتين لتجّار التجزئة فإنّ 80 في المئة من أعضائهما يبلغون عن ارتفاع حاد في السرقات في متاجرهم. والمعضلة هي أنّ أصحاب المتاجر يتردّدون في الإشارة إلى السارقين المحتملين لخوفهم من أنّ الإجراءات الأمنيّة التي قد يتخذونها قد ترعب الزبائن وتقلّل من نسبة مبيعاتهم.
والسيناريو الذي تتحدّث عنه دراسة الكليّة الحربيّة هو أكثر تطرّفاً من السرقات التي تعدّ شبه «عاديّة» في جميع البلدان تقريباً. فهو يفترض إمكان حدوث فوضى أهليّة أو احتجاجات من العيار الثقيل ضدّ الوضع الاقتصادي والأزمة المعيشيّة. ويمكن استشفاف نوعيّة تلك الفوضى من خلال إلقاء الضوء على حجم الخسائر التي يتكبّدها قطاع التجارة بالتجزئة في البلاد جرّاء السرقات اليوميّة.
وتنقل الصحيفة عن تقرير للجمعيّة الوطنيّة لمكافحة السرقات في المتاجر، قوله إنّ قيمة هذه السرقات تبلغ 35 مليون دولار يومياً، وأنّ شخصاً واحداً من بين 11 شخصاً في الولايات المتّحدة قام بالسرقة من متجر.
واللافت هو أنّ معظم السلع المسروقة تباع عبر الإنترنت. وفي هذا السياق، يقول رئيس شركة «Leadsonline.com» المتخصّص في مساعدة الضحايا على تتبّع مسروقاتهم، دايف فينلي، إنّ أعمال شركته ارتفعت بنسبة 50 في المئة خلال الأشهر الـ12 الماضية.
ويشير نائب رئيس جمعية حماية صناعة البيع بالتجزئة، بول جونز، إلى أنّ السبب وراء هذا الارتفاع هو ازدياد عمليات السرقة من المتاجر والسوبرماركات جرّاء الضائقة الاقتصادية التي يمر بها الكثير من الأميركيين. ويقول إنّ جزءاً من المشكلة يكمن في عدم توافر ضباط شرطة بأعداد كافية لوقف هذه السرقات. وخصوصاً أنّ المتاجر الكبيرة تأمر موظّفي الحراسة فيها بعدم ملاحقة السارقين المشبوهين لأكثر من 100 قدم بعيداً من مركز المتجر، لأنّ المواجهة قد تتخذ طابعاً أكثر عنفاً حينها.


زحمة سرقات!

يعدّ موسم الأعياد في الولايات المتّحدة الفترة التي تنشط فيها السرقات بأعلى معدّل خلال العام. فحوالى 20 في المئة من مبيعات التجزئة السنويّة تجري خلال شهري تشرين الثاني وكانون الأوّل. وحتّى في ظلّ اتخاذ التدابير الأمنيّة اللازمة فإنّ زحمة المتسوّقين تزيد من صعوبة ملاحقة السارقين. كما تزيد الزحمة على الصناديق الضغوط على محاسبي الصناديق ما يعيقهم من اكتشاف بطاقات الاعتماد المزوّرة. وتتطوّر سرقة المتاجر لمرحلة يكوّن عندها السارقون شبكات، كتلك التي يديرها تومي جو تيدل، والتي سرقت ما قيمته 1 مليون دولار في أوهايو.