strong>مع انخفاض أسعار النفط، وعدم تمكّن منظّمة «أوبك» من السيطرة عليها، وفي ظلّ شحّ السيولة والخلل في سوق الائتمان، يعقد زعماء دول مجلس التعاون الخليجي قمّتهم السنويّة في 29 و30 من الجاري. ولكن إلى جانب هاجسهم المتمثّل بإطلاق العملة الخليجيّة الموحّدة، هناك البيانات السوداويّة من بلدان المجلس، وتحديداً الإمارات العربيّة المتّحدة
لا أحد يعلم المستوى الذي ستصل إليه النقاشات التي تستضيفها العاصمة العمانية في 29 و30 من الشهر الجاري في إطار الاجتماع السنوي لقادة دول مجلس التعاون الخليجي. ولكن أبرز النقاط ستتمحور حول موعد إطلاق العملة الخليجيّة الموحّدة (الجميع يتحدّثون عن عام 2010 موعداً نهائياً) وتحديد المصرف المركزي الخليجي من ناحية المركز والمهام. إلى جانب عرض التطوّرات على صعيد أداء البلدان الخليجيّة في خضمّ الأزمة الماليّة العالميّة التي تهدّد الاقتصادات الريعيّة النفطيّة بانخفاض العائدات وتضرّر قطاعات كبيرة وتباطؤ عجلة الاقتصاد.
وفي ظلّ عدم اليقين ممّا سينتج من القمّة الخليجيّة، تبدو الأوضاع الاقتصاديّة في بلدان مجلس التعاون متجهة نحو مزيد من السوداويّة، وخصوصاً على صعيد التشغيل ومعدّلات البطالة. وأبرز الأرقام التي تفيد في هذا السياق، تأتي من الإمارات العربيّة المتّحدة.
فقد أفادت صحيفة «Khaleej Times» نقلاً عن مصدر مطّلع في وزارة العمل، بأنّ آلاف العمال في قطاع البناء في أبو ظبي يطلبون شطب إقاماتهم بعدما فقدوا عملهم، فيما توقعت غرفة التجارة أن يتخلى قطاع البناء عن نسبة كبيرة من موظفيه في العام المقبل الذي سيشهد بحسب التقارير الدوليّة تراجع نسبة النموّ وبطء عجلة الاقتصاد.
فقطاعا العقارات والبناء هما المتضرّران الأوّلان من الأزمة الاقتصاديّة والماليّة العالميّة. وخلال الفترة الأخيرة أعلنت شركات بناء عديدة أنّها أوقفت عمليّات التوظيف وبدأت تطبيق برامج خفض العمالة لخفض الأكلاف بسبب إلغاء بعض المشاريع وتأخير في أخرى.
وحسبما تنقل الصحيفة عن مدير شركة «Euro Mech» المختصّة في قطاع البناء، سوجان جوزيف، فقد جرى خلال الفترة الأخيرة تأخير في تسديد المتوجّبات في المشاريع القائمة. ويقول جوزيف: «لا نستطيع ترك العمّال من دون تدفّق ماليّ مستمر، وإذا بقيت الأمور على هذا المنوال، فإنّنا سنضطرّ إلى إلغاء وظائف. فيما أعلن العديد من شركات المقاولات والبناء والعقارات أنّها تنوي طرد موظّفين خلال الفترة المقبلة. كذلك سدّدت شركة «نخيل» تعويضات تساوي قيمة رواتب 3 أشهر لموظّفيها المطرودين.
وفي إمارة دبي، فإنّ شركات كثيرة تعلن إلغاء وظائف خلال المرحلة الحاليّة، وإن كان بأرقام صغيرة. ومن بين تلك الشركات «نخيل» و«تعمير» و«أمنيات» و«داماك». ووفقاً لما تنقله الصحيفة عن مصدر مطّلع فإنّ عملاق البناء، «أرابتك»، قد يطرد 5 آلاف موظّف خلال الأسابيع المقبلة.
وعلى الرغم من الفروق بين دبي ومنافستها أبو ظبي، حيث يرى عدد من المراقبين أنّ وقع الأزمة هو أخفّ على العاصمة بحكم عوامل كثيرة، بينها تركّز العائدات النفطيّة فيها، إلّا أنّ الإمارتين مشتركتان في المصيبة. وبحسب تقرير «Khaleej Times» فإنّ عمليّات شطب الإقامة هي مرحلة تتبع فقدان الوظيفة أو تغييرها، على أن تستبدل بإقامة جديدة مع كفيل جديد.
وتنقل الصحيفة عن عضو غرفة التجارة في أبو ظبي، خلفان الكعبي، قوله إنّ ما بين 40 و45 في المئة من القوة العاملة في قطاع البناء ستخسر وظائفها خلال 2009. وأضاف: «من الطبيعي أنّ يتخلى القطاع عن هذه الوظائف».
ولكن قطاعي العقارات والإنشاءات ليسا الوحيدين اللذين سيتضرّران بفعل العاصفة الماليّة، إذ إنّ الاقتصاد الإماراتي برمّته سيتأثّر، بل والاقتصاد الخليجي أيضاً. فمع تراجع أسعار النفط وعدم تمكّن «أوبك» من إنعاشها، يبدو أنّ الإنفاق الضخم الذي تمّ في البلدان الخليجيّة خلال السنوات الأخيرة لوصول سعر الوقود الأحفوري إلى معدّلات مرتفعة، سيتقلّص العام المقبل، مع ازدياد حدّة موجة الركود العالمي، الذي يحذّر صندوق النقد الدولي من تحوّله إلى كساد عالمي ثانٍ شبيه بذلك الذي نتج من الأزمة الماليّة العالميّة التي ضربت العالم الرأسمالي في ثلاثينيّات القرن الماضي.
ولهذا السبب تحديداً، على زعماء بلدان الخليج لدى اجتماعهم في مسقط التركيز على جميع المسائل المتعلّقة بالوحدة، من النقد وحتّى الاقتصاد. ولكن العوائق لا تزال كثيرة وبحجم التحدّيات، على الرغم من أن التقارير تتوقّع اتفاق الزعماء على تطبيق الوحدة النقديّة، وإن كان انطلاقها فعلياً هو بعيد المدى نظراً للتعقيدات التي تحكم عمل المصرف المركزي الخليجي الذي من المفترض أنّه سيدير الشؤون الماليّة للبحرين والكويت والإمارات والسعوديّة وقطر، في ظلّ إعراب عمان عن رفضها الانخراط في الوحدة.
لذا، فليسعَ الزعماء الخليجيّون إلى اتخاذ تدابير لمعالجة تداعيات الأزمة الحاليّة، كتلك التي تظهر في الإمارات، وجعلها في أولويّة النقاش.
(الأخبار)


مجمّعات بطالة

طبقاً لتقرير أعدّته وكالة «رويترز» عن أوضاع القطاع العقاري في دبي، فإنّ شركات كبرى أعلنت أنّها سرحت مئات الموظفين. وأعلنت شركات عديدة تجميد أو تأجيل أو إعادة جدولة مشاريعها العمرانية، فيما تؤكد الحكومة أنّها لم توقف مشاريع البنية التحتية الأساسية.
ويقيم عمّال الإنشاءات عموماً في مجمّعات سكنيّة خاصّة بعيدة عن باقي السكان ويتم نقلهم في حافلات خاصة، وبالتالي يعيشون حياة خارج المجتمع. ومثّلت ظروف حياتهم مادة دسمة لتقارير منظمات حقوقية عالمية نددت بما اعتبرته معاملة «غير إنسانية» يحظون بها.