مهدي السيّديبدو أن مساعي رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت لدفع المفاوضات مع سوريا لا تثير قلق الأوساط الإسرائيلية المعارضة فحسب، بل تثير أيضاً قلق الإدارة الأميركية نظراً لانعكاساتها المحتملة على الساحة اللبنانية، لجهة التسليم الإسرائيلي بدور سوري فعّال في لبنان، الأمر الذي ترى فيه الإدارة الأميركية «خطراً على حلفائها»، وفق ما أشارت إليه تقارير إعلامية إسرائيلية.
وكشفت صحيفة «هآرتس» عن أن الولايات المتحدة الأميركية أعربت في الاشهر الاخيرة أمام إسرائيل عن قلقها من أن يضعضع اتفاق سلام إسرائيلي ـــــ سوري استقلال لبنان. وبحسب الصحيفة فقد ورد في إحدى الرسائل، التي نقلها مسؤولون في وزارة الخارجية الاميركية الى نظرائهم في إسرائيل ما يأتي: «لا تبيعوا لبنان للسوريين. محظور التضحية بلبنان مقابل السلام مع سوريا». كما طلب الاميركيون من إسرائيل التعهد بالحفاظ على استقلال لبنان. ونقلت «هآرتس» عن موظف رفيع المستوى في القدس المحتلة، قوله إن الأميركيين طلبوا «ضمانات» إسرائيلية في هذا الشأن.
وذكرت مصادر سياسية إسرائيلية للصحيفة أن التخوف الأميركي ينبع من تصريحات لمسؤولين إسرائيليين، بينهم المسؤول في وزارة الدفاع مايك هيرتسوغ، قال فيها إن سوريا وحدها يمكنها أن تكبح جماح حزب الله في لبنان.
وكان هيرتسوغ قد قال في مؤتمر في واشنطن «في أي اتفاق سلام، يتعيّن على إسرائيل أن تعترف بالمكانة الخاصة لسوريا في لبنان»، أي «السماح لسوريا باستئناف سيطرتها على الدولة»، التي انسحبت منها عام 2005، وفق تفسير «هآرتس» لكلام هرتسوغ.
وتعليقاً على ما أوردته «هآرتس»، أفاد مكتب رئيس الحكومة إيهود أولمرت بأن «الموضوع غير مطروح على جدول الأعمال على الإطلاق».
وأشارت الصحيفة، من جهة ثانية، إلى أن ثمة خلافات تسود بين إسرائيل والولايات المتحدة في الموضوع السوري ـــــ اللبناني. ونقلت عن مصادر في القدس المحتلة قولها إن «الولايات المتحدة تضغط على إسرائيل للانسحاب من القسم الشمالي من قرية الغجر قبل الانتخابات في لبنان، وذلك لتعزيز حكومة فؤاد السنيورة». ولفتت إلى أنه في جزء من الضغط زار إسرائيل الاسبوع الماضي المسؤول عن الملف اللبناني في وزارة الخارجية الأميركيّة، ديفيد هيل.
وكشفت «هآرتس» عن أن الاسرائيليين الذين التقاهم هيل قالوا له إن على الانسحاب من الغجر أن يكون جزءاً من الحل لكل خروقات القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن. ولكن هيل أجاب بحزم، بحسب «هآرتس»، أن «الولايات المتحدة لن تحتمل التلكؤ في الموضوع وأن إسرائيل ملزمة بالانسحاب من القرية في إطار التزامها بالانسحاب الى الخط الازرق». وأضاف: «لا تحاولوا استخدام الانسحاب من القرية لتسجيل النقاط».
تجدر الإشارة الى أن أولمرت قرّر قبل بضعة أسابيع الشروع في مفاوضات مع الأمم المتحدة للانسحاب من الغجر.