القاهرة ــ الأخبارإسرائيل تحرق غزة، أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس فيحمّل حركة «حماس» مسؤولية العدوان، ومستشاره السياسي نمر حمّاد يرى أن الكيان الصهيوني «يرد على إطلاق الصواريخ»، ومن ورائهما القاهرة تلوم الضحية باعتبارها لم تسمع التحذيرات.
ورأى عباس، بعد لقائه الرئيس المصري حسني مبارك في القاهرة، أن «استمرار التهدئة كان من شأنه أن يجنّب الفلسطينيين الغارات الإسرائيلية». وقال «تكلمنا معهم بالهواتف، وقلنا لهم نرجوكم، نتمنى عليكم ألا تقطعوا التهدئة. فلتستمر التهدئة ولا تتوقف حتى نتفادى ما حصل، وليتنا تفاديناه».
وعن المصالحةص الفلسطينية، قال عباس «نريد الحوار مع حماس أمس قبل اليوم، يهمّنا وقف شلال الدم في غزة الآن». وأيّد أبو مازن المواقف المصرية، مؤكّداً أن «وزراء الخارجية العرب قرّروا في اجتماعهم الطارئ في 26 تشرين الثاني الماضي أن القاهرة، لا غيرها من العرب وغير العرب، مكلّفة باستمرار الجهود من أجل حوار وطني فلسطيني يقود إلى إنهاء الانقسام في الساحة الفلسطينية».
وأشار أبو مازن إلى أن أولوية محادثاته مع الرئيس المصري تركزت على «إنهاء إراقة الدم والعودة إلى التهدئة». وأكد أنه أجرى اتصالات عربية ودولية عديدة منذ بدء الغارات الإسرائيلية على غزة «لأننا كسلطة وطنية فلسطينية مسؤولون عن الشعب الفلسطيني»، بصرف النظر عن الانقسام الحاصل على الساحة الفلسطينية. وقال «لا يهمني الآن أن يكون هناك انقسام أو لا انقسام، يجب أن نصل إلى وقف شلال الدم وأن نصل إلى التهدئة».
كذلك شنّ المستشار السياسي لعباس، نمر حمّاد، هجوماً عنيفاً على حركة «حماس». ورأى، في تصريحات إلى قناة «الجزيرة»، أن «المسؤول عن المجازر هو حركة حماس لا الكيان الصهيوني الذي يردّ على إطلاق الصواريخ الفلسطينية». وقال «يجب على حماس ألا تستمر في استرخاص دم المواطن الفلسطيني وإعطاء الذرائع للإسرائيليين». وأضاف «يجب على (قادة حماس)، الذين زايدوا ولم يدركوا أن ما يقومون به أعمال طائشة، (في إشارة إلى إطلاق الصواريخ للردّ على العدوان)، يدفع المواطن الفلسطيني من حياته، عليهم وقف ما يقومون به». ورأى أن الشعب الفلسطيني في غزة «يدفع ثمن جهل وعدوان من قيادة حركة حماس»، مشدّداً على أن «الحركة شريكة في الجريمة في كل نقطة دم».
موقف مشابه خرج به وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، أول من أمس، إذ قال إن القاهرة أرسلت التحذيرات «ومن لا يتابع التحذيرات فلا يلم إلا نفسه».
وقال أبو الغيط، أمس، إنه جرى استدعاء السفير الإسرائيلي لدى مصر إلى وزارة الخارجية لليوم الثاني. وأوضح أن مصر أبلغته اعتراضها على «العمليات العسكرية» وعلى «تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي (إيهود باراك) بتوسيع العدوان على غزة». وأشار إلى أنه تم تكليف السفير المصري لدى إسرائيل إجراء اتصالات بكل الدوائر هناك لتحقيق هذا الهدف، وهو وقف العدوان الإسرائيلي. وتابع أن هدف بلاده «كان محاولة إجهاض العمل الإسرائيلي الذي حذّرت منه مصر، وأن الوضع الحالي لا يمكن القبول به، ويجب وقف قتل الفلسطينيين».
ودعا أبو الغيط، في مؤتمر صحافي مشترك بعد القمة الفلسطينية ـــــ المصرية، إلى «استعادة التهدئة بين إسرائيل والفلسطينيين، والتي كانت موجودة منذ شهر حزيران الماضي حتى الشهر الحالي». وأقرّ بأنّ «إيقاف العمليات العسكرية لن يتم إلا من خلال حزمة متفق عليها، والتهدئة هي أساس هذه الحزمة».
وعن معبر رفح، أشار أبو الغيط إلى وجود «مجموعة مصرية برئاسة وزير الصحة (حاتم الجبلي) على الحدود (مع غزة) لاستقبال الجرحى لمعالجتهم في مصر». لكنه أعلن أن «القوى المسيطرة على الأرض في غزة (في إشارة إلى حماس) تمنع عبور الجرحى إلى الجانب المصري للمعبر».
وأوضح أبو الغيط أن الأهداف الثلاثة التي ستعمل مصر «على المستوى العربي والدولي لتحقيقها هي وقف العمليات العسكرية واستعادة التهدئة وإدخال أكبر قدر ممكن من المساعدات الإنسانية إلى القطاع».
في المقابل، ردّ المتحدث باسم «حماس» فوزي برهوم على تصريحات وزير الخارجية المصري بشأن صحة منع عبور الجرحى إلى الجانب المصري، وقال «نستنكر أن يفتح معبر رفح للحالات الحرجة جداً التي لن تصمد أمتاراً بعد خروجها من غزة، بينما يغلق المعبر على مليون ونصف من الأحياء على مدار عامين ماتوا موتاً بطيئاً من دون أن تسمح القيادة المصرية بفتح المعبر تحت حجج واهية وغير مبررة». وأكّد «إذا كان لا بد من موقف مصري وعربي مسؤول، فليُصَر إلى اتخاذ موقف فوري وعاجل ويُعلن أن حصار قطاع غزة انتهى وبدأت مرحلة الإمداد بكل الأنواع».
وكانت الاتهامات قد وجهت أول من أمس إلى القاهرة لمنحها إسرائيل الضوء الأخضر لشن العدوان. إلا أن مصادر مصرية رفيعة المستوى نفت لـ«الأخبار» أن يكون الرئيس المصري قد منح وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني، خلال لقائهما الخميس الماضي في القاهرة، الضوء الأخضر. وقالت إن «مبارك سعى إلى إقناع ليفني، من دون جدوى، بعدم شنّ أيّ هجمات على القطاع أو محاولة اقتحامه، تحسّباً لاندلاع سلسلة من أعمال العنف وردود فعل لا يمكن احتواؤها بسهولة».