strong>«تيفين 2012»: خطّة نهوض الجيش الإسرائيلياستحضر الجيش الإسرائيلي دروس حرب تموز 2006 في عدوانه على غزة. هكذا يرى عدد كبير من باحثي مراكز الدراسات الإسرائيلية في قراءاتهم الأولى لعمليّة «الرصاص المسكوب». ومن يُعد قراءة ما كُتب في الأشهر الأخيرة عن خطط التسليح التي أنجزتها المؤسسة العسكرية الإسرائيليةً، يفهم أنّ العقل العسكري في الدولة العبرية ينظر إلى «الرصاص المسكوب» كـ«بروفة» مصغّرة للحرب المقبلة ضد حزب الله. ويبدو السيناريو واضحاً من وراء سياسات التسلّح هذه: حملة جوية سريعة وقاسية توقع أكبر عدد ممكن من القتلى، يليها توغّل بري بالاستناد إلى نظرية «الوثبة العسكرية»، إضافة إلى عمليات إنزال في بقاع آمنة تمهيداً لتنظيف مناطق منصات الصواريخ

علي شهاب
تكشف سياسات التسلّح التي أعادت تل أبيب تحديد أولوياتها منذ عام 2006 النيّات الإسرائيلية في حروبها المقبلة. فقبل حرب تموز 2006، ارتكزت مصاريف وزارة الدفاع الإسرائيلية على نظم الاتصالات، من ناحية دمجها، وتعزيز نظم معارك مركزية، على حساب التدريبات على الحروب والمعارك البرية.
وشهد تاريخ الثالث من أيلول الماضي إعلان قائد هيئة الأركان، الجنرال غابي أشكينازي، خطة الاستحصال العسكري المتعددة الأبعاد، والممتدة لخمس سنوات، وهو ما بات يُعرف تحت اسم «تيفين 2012».
خطة جديدة تقوم على تعزيز القوة البشرية المساندة للتكنولوجيا، «وذلك كمجهود لحماية إسرائيل من المدى الواسع للتهديدات الأمنية التي تفوق الحرب ضد الفلسطينيين»، بحسب دراسة طويلة صادرة أخيراً عن معهد «جينسا» الإسرائيلي. وتنص بنود الخطة، التي تبلغ تكلفتها 60 مليار دولار، على «العمل لعكس الجهود السابقة لتعزيز عديد الجيش الإسرائيلي بفعالية، مع إعطاء الأولوية لبناء قيادة القوات البرية».
كذلك تتضمن فقراتها توفير «المؤن اللازمة لتطوير الآليات البرية العسكرية والدبابات عبر استخدام أنظمة حماية فاعلة متطورة إسرائيلياً». وبناءً على ذلك، «سينتج الجيش سنوياً أعداداً كبيرة من دبابات القتال الرئيسية، ميركافا ـــــ الجيل الرابع، المصنّعة محلياً»، علماً بأن إنتاج هذه الدبابة كان أمراً مهملاً لفترة طويلة بسبب نقص التمويل.
بالإضافة إلى ذلك، سيستحصل الجيش على حاملات الجنود المجنزرة والمدرعة «نايمر» (Namer)، التي ترتكز على هيكل الميركافا، ونظام «تروفي» لحماية الآليات ضد الصواريخ المضادة للدروع.
وتقوم الفلسفة الحديثة للتسليح الإسرائيلي على تقدير «التهديدات الواسعة» التي تواجهها الدولة العبرية «للمرة الأولى منذ عقود ومن جهات مختلفة». ويعدّد الخبراء والباحثون عناوين عدة لهذا العدو: الإرهاب، والحدود الشمالية، وإيران ومخزون الأسلحة الجديدة لدى سوريا.
إذاً، يمكن تلخيص أولويّتي الجيش الإسرائيلي بحسب الخطة الجديدة بتعزيز القوات البرية وتحسين أداء سلاحَي الجو والبحر.
وبناءً على هاتين الأولويتين، تسعى تل أبيب للحصول على 100 مقاتلة من طراز «أف 35»، الجيل الخامس، صنعتها شركة «لوكهيد مارتن» الأميركية بدلاً من مقاتلات «أف 16» التي يعتمد عليها سلاح الجو حالياً.
وفي سياق تعزيز سلاح الجو، تدرس القيادة الإسرائيلية خطوة شراء عدد غير محدد من طائرات النقل العملاقة «هيركوليز سي 130» التي صنعتها شركة «لوكهيد» نفسها، فضلاً عن الخطط المستمرة لتطوير أسطول الطائرات من دون طيار. وفيما يجري العمل على نظام دفاعي يستهدف اعتراض الصواريخ على ارتفاعات أعلى من تلك القصيرة والمتوسطة المدى، طلبت تل أبيب من واشنطن تزويدها بنظامي «ترمينال» لصد الصواريخ على ارتفاعات شاهقة و«ايجيس» المحمول على السفن.
أما على صعيد القدرات البحرية، فيأمل الجيش الإسرائيلي الحصول على سفينتين جديدتين متعدّدتي الأغراض، مزوّدتين بدفاعات صاروخية وقدرات بحر ـــــ برّ، فضلاً عن سفن قتال ساحلية «littoral combat ship» التي طوّرتها «لوكهيد مارتن» وثلاث شركات أميركية أخرى، على أن تزوّدها هيئة الصناعات العسكرية الإسرائيلية بصواريخ «باراك» المضادة للصواريخ.
كما يتوقع سلاح البحرية أن يحصل على غوّاصتين إضافيتين من طراز دولفين «dolphin» ألمانيّتي الصنع، مزوّدتين بنظام دفع لا يعتمد على الهواء. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الغواصات التي صنعتها شركة «howoldtswerkem ــ deutsche werft AG» الموجودة في مدينة كييل، تُعتبر من أكثر الغواصات غير النووية تقدّماً في العالم.
إلى ذلك، تسعى البحرية الإسرائيلية للحصول على أسطول من 7 مراكب سريعة مخصّصة للدوريات، في إطار برنامج أميركي للمبيعات العسكرية الأجنبية (FMS) وتمويل محلّي مشترك مع وزارة الدفاع الأميركية.
ومن بين هذه المراكب، هناك 4 من طراز «سوبر ديفورا» (دبور) من الجيل الثالث، وثلاثة مراكب «شالداغ» (SHALDAG) تضم نظام دفع ألماني ـــــ سويدي يتيح لها العمل في المياه الضحلة قرب الشواطئ. وسُتستخدم هذه المراكب أساساً لتعزيز الدوريات الإسرائيلية قرب السواحل.
على صعيد آخر، زادت وزارة الدفاع الإسرائيلية موازنة تطوير نظم الاتصالات والسيطرة وتقنيات الكمبيوتر والمعلومات المعروفة باسم «C4I»، بالتوازي مع توسيع صلاحيات هيئة الأركان العملانية خلال الحرب. وتأتي هذه الخطوة تنفيذاً لإحدى خلاصات حرب تموز، بحسب ما جاء في التقارير الإسرائيلية.
ويبقى «أمن الاتصالات» إحدى نقاط الضعف الرئيسية التي عانى منها الجيش الإسرائيلي خلال حربه مع حزب الله. وعلى هذا الصعيد، يسعى الجيش الإسرائيلي للاعتماد بالكامل على شبكة ألياف بصرية عالية السرعة، تُعرَف باسم «غولد افمت»، لتطال الحركة على الأرض وصفوف الجوّ والبحر، مع حلول عام 2012، من خلال استخدام تقنية Wimax اللاسلكية على مساحة واسعة. والهدف من هذه الخطة هو الوصول إلى القدرة على دمج المعلومات في شبكة تسمح للجندي بمشاركة معلوماته مع دبابة أو طائرة.


عودة مخزون الذخائر بفضل واشنطنويترافق هذا التعزيز في الترسانة مع عمل دؤوب يجري على أنظمة الدفاع الصاروخية من نوع «آرو»، التي نُشرت في قاعدتين شمال الأراضي المحتلة.