حسام كنفانياستغل الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أول من أمس اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في رام الله لإعلان براءته من العدوان على غزة، رغم إقراره بأنه كان على علم بتحضير إسرائيل لمثل هذا العدوان، وأنه أبلغ حركة «حماس» بمثل هذه التحضيرات، محمّلاً الحركة الإسلاميّة مجدّداً مسؤولية ما يحصل في القطاع.
عباس لم يكتف بهذا القدر من التحريض، بل زاد بإبلاغ الحاضرين أن «حماس» تسعى إلى سحب ملف التهدئة والحوار الداخلي من يد مصر، وتسليمه إلى تركيا أو قطر أو السنغال، وذلك قبل العدوان على غزة والاتهامات لمصر بالضلوع فيه، مشيراً إلى أنه أبلغ من التقاهم خلال جولته الخارجية بنيّة الحركة، من دون أن ينسى الهجوم على حزب الله وأمينه العام، السيّد حسن نصر الله، وإيران.
وأكدت مصادر مطّلعة على تفاصيل ما دار في الاجتماع، لـ «الأخبار»، أن عبّاس أبلغ الحاضرين أنه كان يعلم بالتحضير لعدوان. وقال «كنا جميعا ندرك أن إسرائيل تحضر لعدوان». وأضاف إن رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت قال له في اللقاء الذي جمعهما في السابع عشر من تشرين الثاني الماضي «لا تسألني عن قطاع غزة ولا تطلب مني عدم توجيه ضربة لوقف إطلاق الصواريخ».
وتابع عبّاس إن «الصحافة الإسرائيلية تحدثت باستفاضة عن نيّات حكومة إسرائيل شن هجوم واسع على قطاع غزة»، ليستنتج أنه لهذه الأسباب «ليس هناك عذر عند أحد أنه لم يكن يتابع تطورات الأحداث وأن إسرائيل تعد لعدوان واسع». وأوضح أنه «كلّف من يتحدث مع حماس في هذا الأمر، وفعلاً جرى الاتصال وتقديم النصيحة بعدم إنهاء التهدئة». وأشار إلى أنه جرى الحديث مع القيادي في «حماس»، غازي حمد، الذي قال إنه نقل التحذير لحركته، ووجه إليها نقداً حاداً.
يشار إلى أن حمد، الذي شغل في مرحلة سابقة منصب نائب رئيس الحكومة، على خلاف مع قيادة «حماس» في غزة، وقد أصدر في أكثر من مناسبة انتقادات لأدائها في الأشهر الماضية.
واستفاض عباس في انتقاد «حماس»، معتبراً أنها حركة «تعمل من دون عقل ومجنونة». وأشار إلى أنه حذّر من خطورة الوضع في القطاع خلال مباحثاته في السعودية ومصر. وأضاف إنه طلب من الرئيس السوري بشار الأسد «تقديم النصيحة إلى حماس بعدم إعلان انتهاء التهدئة، وإن الأسد وعد بذلك».
وانتقل عبّاس، بحسب المصادر، للحديث عن «مساعي حماس لنقل ملف الحوار والتهدئة والجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط من مصر». وأشار إلى أنه طرح الموضوع على رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، خلال لقائهما الأخير الأسبوع الماضي، وأبلغه أن الحركة على اتصال مع النروج لهذه الغاية. وبحسب الرئيس الفلسطيني، فإن بوتين علّق أن «هذه لعبة إيرانية»، وأن «روسيا سوف تتحدث مع النروج وتنصحها بعدم الاستجابة». وأضاف إن «حماس» تحدثت مع السنغال والسودان وقطر وتركيا باعتبار أن كلاً منها يمكن أن يكون بديلاً لمصر في رعاية الحوار أو موضوع شاليط. واستشهد الرئيس الفلسطيني برئيس كتلة «فتح» البرلمانية، عزام الأحمد، الذي أوفده إلى السودان وتركيا.
وانتقد الرئيس الفلسطيني الأمين العام لحزب الله. وقال إن «نصر الله يرى أن الصواريخ في أحد حقول الجنوب من عمل عملاء لإسرائيل، وفي الوقت نفسه يدعو لإطلاق الصواريخ من القطاع ويركّز هجومه على مصر». ورأى أن «هذه لعبة إيرانية ــ فارسية مكشوفة».
وكان واضحاً خلال الاجتماع، بحسب المصادر، أن عباس ورئيس حكومته سلام فيّاض، يعارضان الانتفاضة في الضفة. وعلى هذا الأساس، حصلت مشادات في الاجتماع احتجاجاً على سلوك الأجهزة الأمنية والاعتقالات التي قامت بها في عدد من المدن. وشدّد عباس وفيّاض على أن السلطة «لن تسمح لحماس أو غيرها باستخدام هذه المسيرات في خدمة أجندات سياسية خاصه وفئوية، وأن الأجهزه تعمل وفق تعليمات من الرئيس ورئيس الوزراء وتفويضهما».
وفي ختام الاجتماع، جرت الدعوة من جانب عبّاس للّقاء التشاوري مع الفصائل، الذي عقد مساء أول من أمس، وقاطعته «حماس» وحركة «الجهاد الإسلامي».
وقالت «الجهاد»، في بيان لها، «نرى أن الوقت الراهن لا يحتمل مثل هذه اللقاءات الشكلية»، معتبرة أن المطلوب الآن هو «إطلاق يد المقاومة في الضفة المحتلة لتقوم بواجبها في الدفاع عن شعبنا وأرضنا وترد على المجازر التي تُرتكب بحق أهلنا في قطاع غزة».
بدوره، قال المتحدث باسم «حماس»، فوزي برهوم، إن الظروف غير ملائمة لمشاركة حركته في هذا الاجتماع، فيما قال القيادي مشير المصري إن «المطلوب من الرئيس عباس الإفراج عن مئات المعتقلين السياسيين من سجونه، بدلاً من محاولات التسلّق السياسي الدنيء على جراحات شعبنا؛ بالحديث عن سخافات اللقاءات والاتصالات التي يجريها».
إلى ذلك، نفى ممثل «حماس» في بيروت، أسامة حمدان، «ما ورد في بيان الخارجية السنغالية عن استعداد مشعل لتوقيع اتفاق تهدئة». وأضاف إن «موقف الحركة ينص على أن المطلوب اليوم وبطريقة ملحّة وقف العدوان الصهيوني الهمجي على قطاع غزة ورفع الحصار عن قطاع غزة رفعاً كاملاً ونهائياً، وأن أي حديث عن المستقبل في أي جانب أو موضوع لا يجري إلّا بعد إنهاء العدوان ورفع الحصار».