strong>«أكّد تشرين الأوّل سمعته التي تفيد أنّه شهر قاسٍ على المستثمرين»، هكذا وصفت صحيفة «فايننشال تايمز» نتيجة التداول في الأسواق الماليّة خلال الشهر الماضي. فتلك الأسواق استذكرت السنوات الصعبة في ثمانينيّات القرن الماضي، والبورصات الخليجيّة لم تكن في منأى عن هذا النمط، إذ إنّها بعد خسارتها 250 مليار دولار تطمح لأرباح شهر جديد لكن بهشاشة
أكّدت النتائج الماليّة التي تحقّقت في بورصات العالمين النامي والمتقدّم على حدّ سواء، أنّ الأزمة الماليّة التي تعصف بالعالم، على شكل فقدان للثقة أو على شكل طيف للركود، هي الأسوأ منذ الركود العظيم الذي ضرب العالم الرأسمالي في القرن الماضي.
فمؤشّرة «NIKKEI» الياباني خسر 24 في المئة من قيمته وهو أسوأ أداء له منذ 58 عاماً من التداول في بورصة طوكيو. كما انخفض مؤشّر «S&P500» في نيويورك بنسبة 16.9 في المئة، وهي الخسارة الأقسى منذ هبوطه بنسبة 21.8 في المئة في تشرين الأوّل عام 1987 في خضمّ أزمة الادخارات والديون في الولايات المحدة، التي دفعت بالبلاد نحو ركود قاس امتدّ حتى بداية التسعينيّات.
وفي أوروبا أيضاً، تراجع مؤشّر «EUROFORST»، القياسي للأسهم في بورصات القارّة العجوز، بنسبة 13.1 في المئة، وهو أسوأ تراجع منذ أيلول من عام 2002.
وجميع هذه الخسائر، تعكس، حسبما تقول الصحيفة البريطانيّة المرموقة، «فايننشال تايمز»، ظروفاً هشّة وصعبة واجهها المستثمرون في الأسواق الماليّة، وصلت إلى قمّتها في «الشهر المشؤوم»، الذي شهد عام 1987 انهيار «الاثنين الأسود»، كما شهد عام 1929 الانهيار الكبير في «وول ستريت».
والحتمي الذي تفرضه العولمة الماليّة هو أنّ بورصات العالم النامي سارت على سكّة الخسارة المحقّقة في البلدان الصناعيّة. ففي البرازيل وروسيا والصين والهند، وصلت المؤشّرات الأساسيّة للبورصات إلى مراحل تسجيل أرقام قياسيّة من ناحية الخسائر، وذلك بعدما أبدت تلك الأسواق مناعة نسبيّة في المراحل الأولى من الأزمة، أي قبل إعلان المصرف الأميركي «LEHMAN BROTHES» إفلاسه. وهو واقع تحدّثت التقارير الاقتصاديّة والماليّة الدوليّة عن أنّه سيجنّب الاقتصاد العالمي موجة تراجع أقسى،
ولكن ما اتّضح هو أنّ البورصات الآسيويّة والشرق أوسطيّة والأميركيّة اللاتينيّة (وضمناً اقتصادات البلدان الموجودة فيها) ليست في منأى من العاصفة. وما يثير التساؤل في هذا السياق، هو النتائج المخيّبة التي حقّقتها البورصات العربيّة في الخليج، التي خسرت حوالى 250 مليار دولار خلال الشهر الماضي وحده، ولا تزال تظهر أنّها هشّة، لدرجة أنّ النتائج الإيجابيّة التي حقّقتها أمس (ما عدا البورصة السعوديّة)، تعدّ ظرفيّة، وليست ممهّدة لنمط يمكن أن تسري على أساسه خلال الشهر الجاري.
وتكبّد مؤشّر السوق السعوديّة (تداول)، الذي يعدّ الأكبر في العالم العربي، خسارة بلغت نسبتها 1.2 في المئة. وقاده في هذا التراجع سهم الشركة السعودية للصناعات الأساسي، «سابك»، الذي خسر 3.85 في المئة من قيمته.
ورغم أنّ هذا التراجع يرى المتاجرون والمراقبون المتفائلون أنّه نتيجة «يوم واحد من المتاجرة» ولا يفترض الالتزام بمراكز ماليّة طويلة الأجل، فإنّه يأتي معاكساً لما حُقّق في أسواق المنطقة، ومعاكساً لما حقّقه «تداول» أوّل من أمس، حين ارتفع بأكثر من 6 في المئة.
وارتفع مؤشّر سوق الدوحة عند إغلاق التداول أمس، بنسبة 5.24 في المئة، فيما سجّل مؤشر سوق دبي المالية، الذي كان الخاسر الأكبر بين المؤشرات الخليجية الشهر الماضي، ارتفاعاً بنسبة 0.44 في المئة.
ومن جهته، ربح مؤشر سوق أبو ظبي 1.5 في المئة مع ارتفاع أسهم قطاع العقارات بنسبة 3.5 في المئة، وقطاع المصارف بنسبة 2.6 في المئة. كما أنهت السوق الكويتيّة التداول بارتفاع بلغت نسبته 0.8 في المئة، في ظلّ انخفاض أسهم قطاع المصارف.
وفي سلطنة عمان والبحرين، ارتفع مؤشّرا البورصة بنسبة 6.5 في المئة و0.5 في المئة على التوالي، تماشياً مع النمط الذي سرى في أسواق بلدان مجلس التعاون.
إلّا أنّ هذا النمط يقول الكثيرون إنّه مؤقّت وهشّ، ويتعلّق بالتطوّرات التي ستفرضها الأسواق العالميّة، التي تبدأ جلسات تداولها الأسبوعية اليوم. فجميع المستثمرين يترقّبون (بدرجة أساسيّة) ما ستؤول إليه الانتخابات الأميركيّة التي تجري غداً. والمراقبون يتوقّعون أنّ فوز المرشّح الديموقراطي باراك أوباما، المتّهم من جانب خصومه بأنّه «اشتراكي»، سيكون له أثر سيّئ على الأسواق المغرمة بمبادئ السوق الحرّة وإلغاء التقنين، وهو المذهب الذي يسير عليه الجمهوري جون ماكاين.
وعلى أيّ حال، فإنّ بورصات الخليج التي تتطوّر (وإن بخجل) في اقتصادات تنمو نموّاً صارخاً، ستبقى معلّقة نتائجها بالتطوّرات الدوليّة، على أمل ألّا يكون الشهر الجاري قاسياً عليها، مثلما كان الذي سبقه، والذي قوّمت أسهمها عند انتهائه، أقلّ بـ400 مليون دولار مقارنةً بنهاية العام الماضي.
(الأخبار)


75 مليار دولار

خلال الشهر الماضي، قام المستثمرون بسحب 75 مليار دولار من الصناديق الجماعيّة الأميركيّة، وهو رقم يعدّ قياسياً ويتجاوز بسهولة السحوبات التي جرت في أيلول الماضي وبلغت 56 مليار دولار، حسبما تفيد دراسات «TRIM TRABS». وتفيد بيانات المصرف البريطاني «BARCLAYs CAPITAL» إنّ السندات ذات المردود العالي (إنّما المخاطر العالية أيضاً)، عاشت أسوأ أشهرها على الإطلاق. فقد انخفض إجمالي العائد على تلك السندات في الولايات المتّحدة بنسبة 15.5 في المئة، فيما انخفض عائد السندات الأوروبيّة بنسبة 22.7 في المئة.