strong>تزامناً مع التحضيرات العالميّة لقمّة مجموعة العشرين (G20) التي تستضيفها واشنطن في 15 من الشهر الجاري، وتسبقها اجتماعات (كانت مقرّرة منذ العام الماضي) في البرازيل اليوم وغداً، أوضحت البيانات أنّ معدّل البطالة في الولايات المتّحدة بلغ مستوى هو الأعلى خلال 14 عاماً، ما يظهر مدى حدّة الأزمة التي يعيشها أكبر اقتصاد في العالم، وبالتالي الاقتصاد الكوني
في إشارة هي الأبرز إلى أنّ الاقتصاد الأميركي سيدخل في مرحلة ركود قريباً، كشفت بيانات وزارة العمل الأميركيّة، أمس، أنّ عدد العاطلين من العمل في الولايات المتّحدة ارتفع 240 ألف عامل خلال الشهر الماضي، ليبلغ معدّل البطالة 6.5 في المئة، وهو المستوى الأعلى له المسجّل منذ آذار من عام 1994. فالاقتصاد الأميركي يعيش انهيارات بالجملة، تسجّل في قطاعي العقارات والصناعة، إضافة إلى صعوبة حصول الأعمال على التمويل اللازم لتطوّرها، إلى جانب التدهور الحاصل في الأسواق الماليّة. والعديد من المراقبين يتوقّعون أن يصل معدّل البطالة إلى 8 في المئة أو أكثر خلال العام المقبل، في ظلّ مخاوف من أن يؤدّي الركود الحالي إلى تجاوز هذا المعدّل مستويات أعلى. فخلال فترة الركود التي عاشها الاقتصاد بين عامي 1980 و1982 وصل معدّل الركود إلى 10.8 في المئة.
هذه التطوّرات السلبيّة التي جاءت أسوأ من توقّعات المحلّلين، تعتبر حيويّة جداً لاستشراف معالم المرحلة المقبلة التي ستطبع الاقتصاد الكوني، والتي ستحاول قمّة الدول العشرين الكبرى (الصناعيّة والنامية) التي تستضيفها واشنطن الأسبوع المقبل، احتواء سلبيّاتها.
فالقمّة بحسب الهواجس الأوروبيّة، تعتبر الأولى في سلسلة قمم تهدف إلى تغيير النظام المالي العالمي الذي أرسي بعد انتهاء الحرب العالميّة الثانية. والأوروبيّون أجروا محادثات مكثّفة في بروكسل، أمس، من أجل بلورة رؤية موحّدة في شأن كيفيّة إجراء «إصلاحات واسعة» على النظام العالمي، تنص على فرض أنظمة صارمة، يبدو أنّ الرقابة على عمل المؤسّسات الماليّة ستكون في أساسها.
وفي هذا السياق، نقلت التقارير الإعلاميّة عن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الذي يرأس الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، قوله إنّ القادة الأوروبيين اتفقوا على «موقف مشترك» في شأن ضرورة إصلاح النظام المالي في أعقاب الأزمة. وهو شدّد على ضرورة تأييد الدعوة إلى وضع «مقترحات ملموسة وتطبيقية» خلال 100 يوم من قمّة واشنطن.
وكان المفوّض الأوروبي للشؤون الاقتصاديّة والنقديّة، خافيير ألمونيا، قد شدّد على أنّ «علينا أن نجعل اللاعبين في النظام المالي الدولي خاضعين للمساءلة، ويجب زيادة الشفافية ووقف أخذ المخاطر المفرطة». مشيراً إلى أنّ «علينا أن ننظّم بطريقة أفضل كلّ من يعملون في الأسواق المالية، وعدم ترك أي نشاط مالي من دون أن يخضع للأنظمة والضوابط».
وعموماً، فإنّ الدعوات الأوروبيّة الأكثر إلحاحاً في شأن الإصلاحات المقترحة، تأتي من باريس ولندن. فالوثيقة الفرنسية التي ناقشها القادة الأوروبيون، تدعو صندوق النقد الدولي إلى أداء دور أكثر أهميّة، لأنّه يجب أن يكون «المؤسسة الأولى المسؤولة عن الاستقرار المالي في العالم».
وكان الصندوق قد خفض بحدّة توقّعاته بالنسبة إلى النموّ الاقتصادي العالمي. وقال إنّ اقتصادات العالم الصناعي ستتقّلص بنسبة إجماليّة تبلغ 0.3 في المئة خلال العام المقبل. ولكن إلى جانب الدول الصناعيّة، فإنّ بلدان العالم النامي ستتأثّر أيضاً مع تراجع نسب نموّها الصارخة.
تلك البلدان ستكون مشاركة في قمّة واشنطن. وأحد البلدان الأساسيّة فيها، البرازيل، سيستضيف اليوم قمّة لوزراء مال الدول العشرين أيضاً، كانت مقرّرة منذ العام الماضي، أي قبل تطوّر الأزمة الماليّة العالميّة.
واللافت هو أنّ النقاشات في قمة اليوم والقمة التي تستضيفها واشنطن ستتخذ حيّزان. الأوّل يتمحور حول كيف أنّ البلدان النامية يجب أن يكون لها نفوذ أكبر في المحافل الدولية لكونها قطرت النمو العالمي بشكل أساسي خلال الفترة الماضية. وكيف يجب أن يكون لها صوت أكبر في صندوق النقد الدولي مثلاً، الذي تزداد الدعوات إلى البلدان الخليجية الغنية لدعمه في خطته الإنقاذية التي تبلغ قيمتها حتى الآن 250 مليار دولار، ويتوقع أن تظهر الحاجة إلى زيادتها.
أمّا المحور الثاني، فيتمثّل في النقاشات المتعلقة بكيفية ضبط الأسواق. وهذه النقاشات يمكن أن تأخذ منحى أكثر حدّة إذا بقيت الإدارة الأميركية الحالية مصرّة على مواقفها في شأن الحرية القصوى للأسواق. فأوروبا، «بقيادة فرنسا»، تريد وضع قوانين شديدة للأسواق وتوجيهاً يأخذ بعين الاعتبار المخاطر التي يمكن أن تولّدها العولمة الماليّة على الاقتصادات.
إذاً، بانتظار اجتماع زعماء اقتصادات العالم الكبيرة، وانطلاقاً من المؤشّرات الاقتصاديّة التي تزداد سوداويّتها، يؤمل أن يبلور المعنيّون خططاً واضحة المعالم لإنقاذ الاقتصاد الكوني من الركود ومن شرور العولمة!
(الأخبار)


دور أوباما

ينوي رئيس صندوق النقد الدولي، دومينيك شترواس ـــــ كان، طرح 5 إجراءات لإصلاح النظام المالي العالمي في قمم مجموعة الدول العشرين. والعمل الأساسي لخطّ مبادئ مسوّدة لدستور مالي كوني جديد يحلّ مكان ما أرساه مؤتمر «بريتون وودز» سيكون في قمّة ساو باولو اليوم وغداً، على أيدي وزراء مال البلدان المشاركة. إلّا أنّ العمل الشاق يبقى أن يقوم به الرؤساء ورؤساء حكومات الدول المعنيّة خلال قمّة واشنطن، إذا تمّ التوصّل إلى توافق. وفي هذا السياق، يجمع المحلّلون على أنّ دور الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما سيكون محورياً.