حسام كنفانيبات الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، على قناعة تامة بأن لا شيء ممكن إنجازه في الفترة القليلة الباقيّة لولاية الرئيس الأميركي، جورج بوش، في ما يتعلّق بعملية السلام في الشرق الأوسط، رغم إعلان وزيرة الخارجية، كوندوليزا رايس، عزمها استنفاد كامل فترة بقائها في الإدارة، أي حتى العشرين من كانون الثاني 2009، لإحراز تقدّم في عمليّة السلام.
قناعة عبّاس المستجدة ليست وليدة قراءة سياسية لمعطيات الوضع الداخلي في كلّ من إسرائيل والولايات المتحدة فقط، بل مستمدة من «اعتذار رسمي» قدّمه الرئيس الأميركي إلى أبو مازن خلال لقائهما في البيت الأبيض في الخامس والعشرين من أيلول الماضي.
وأكدت مصادر مطّلعة، لـ«الأخبار»، أن بوش استهل اللقاء بالقول لعباس «أريد أن أعتذر منك لأني لم أحقق لك الشيء الذي وعدتك به»، في إشارة إلى وعد إعلان الدولة الفلسطينية قبل نهاية الولاية الثانية للرئيس الأميركي.
وبحسب المصادر، فإن ردّ عباس جاء معاتباً، إذ أبلغه أنه «لو جرى الضغط على الإسرائيليين بما يكفي، لكان بالإمكان إحراز تقدّم والوصول إلى الموعد المحدّد بإعلان قيام الدولة الفلسطينية». إلا أن الرئيس الأميركي لم يستفض في الحديث عن الأمر، وطلب من عباس التنسيق مع رايس، التي التقاها بعد بوش، لتحديد الخطوات التي من الممكن القيام بها خلال الفترة الباقية من الولاية الرئاسية.
وزيرة الخارجية الأميركية أبلغت عباس أن واشنطن بصدّد الإعداد للقاء دولي في شرم الشيخ، يكون استكمالاً لمؤتمر أنابوليس، لبحث آخر التطورات في عملية السلام. وهو المؤتمر الذي أعلنت القاهرة عنه لاحقاً، على أن يضمّ ممثلين عن الرباعية الدولية (الولايات المتحدة، روسيا، الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي).
غير أن الرئيس الفلسطيني أبدى تشاؤماً من إمكان خروج اللقاء المرتقب بأي جديد. وقال لمرافقيه، بحسب المصادر، إن «المؤتمر لن يعدو كونه تظاهرة سياسية وحفلة وداع» لوزيرة الخارجية المغادرة. وأكد أنه رفض مجدّداً، خلال اللقاء، إقرار محضرين (إسرائيلي وفلسطيني) بالأمور التي تم التوافق عليها والنقاط الخلافيّة، على اعتبار أنه يريد «كل شيء أو لا شيء». كما رفض فكرة اتفاق الرف، وأشار إلى أنه «لا يستطيع قبول شيء لا يمكنه أن يتحمّله».
مباحثات الرئيسين الأميركي والفلسطيني لم تقتصر على مفاوضات السلام. وأشارت المصادر إلى أن بوش أيّد بقاء عبّاس رئيساً. وقال له «سمعت أنك لا تنوي الترشّح في الانتخابات الرئاسيّة المقبلة»، في إشارة إلى تهديد أطلقه أبو مازن، خلال اجتماع لحركة «فتح»، رداً على اقتراحات بإجراء انتخابات رئاسيّة في التاسع من كانون الثاني المقبل، وهو الموعد الذي تعتبره «حماس» نهاية لولاية عبّاس.
بوش تمنّى على عباس العودة عن تهديده والترشّح للرئاسة. إلا أن أبو مازن رأى أن الموضوع مؤجّل إلى عام 2010، الذي يصرّ على أن ولايته الحالية تنتهي خلاله.