انهار سعر الذهب أوّل من أمس، إلى أدنى مستوى له خلال 13 شهراً، فيما دفع ارتفاع سعر الدولار واشتداد المخاوف من الركود العالمي، المستثمرين إلى تسييل أصولهم وسحب الأموال من أسواق المواد الأوليّة والسلع. ووصل سعر الأونصة إلى 720 دولاراً في ظلّ توقّعات المراقبين أن يكون هذا التطوّر مرحلة في مسار سينخفض على أساسه السعر إلى 600 دولار
منذ بداية الشهر الجاري، خسر سعر أونصة الذهب 150 دولاراً من قيمته، وهو انخفاض يقول المحلّلون إنّه ناتج من الأزمة الماليّة العالميّة التي دفعت المستثمرين نحو التخلّي عن استثماراتهم في المعدن الثمين لحاجتهم إلى السيولة لتغطية مراكز لهم مسّت بالانهيار الكبير الذي شهدته الأسواق منذ إعلان مصرف «LEHMAN BROTHERS» إفلاسه في منتصف الشهر الماضي. وإلى جانب هذا السبب، أسهم ارتفاع سعر صرف الدولار أمام اليورو وسلّة من العملات في انخفاض قيمة الذهب، في ظلّ ازدياد تشاؤم المستثمرين من أنّ اقتصادات بلدان العالم (تلك التي مسّتها الأزمة الماليّة وغيرها نظراً لارتباط تلك الاقتصاد بشبكة العولمة الماليّة والاقتصاديّة) ستدخل في المرحلة المقبلة فترة ركود، الأمر الذي يدفع بهم نحو الاستثمار في أصول أكثر أماناً من عقود الذهب (المعروف تاريخياً أنّه الملجأ الآمن الأخير)، وهي سندات الخزانة.
وبعد فترة تصاعد (تخلّلتها مراحل هبوط لا شكّ) تجاوز خلالها حاجز الألف دولار، هبط سعر أونصة الذهب في نيويورك أمس، إلى 735.2 دولاراً، بعدما كان سجّل خلال جلسة التداول سعر 720 دولاراً وهو الأدنى منذ الرابع من أيلول من العام الماضي. وفي هذا الصدد، تنقل وكالة «أسوشييتد برس» عن المحلّل في مؤسّسة «KITCO BULLION DEALLERS»، جون نادلر، قوله في ملاحظة مكتوبة: «وصلنا الآن إلى مرحلة اكتمال الدائرة. والسؤال الذي ينشأ خلال هذه الفترة هو: هل وصل سعر الذهب إلى أدنى مستوياته، أم أنّنا في بداية مرحلة ستؤدّي إلى وصول السعر إلى 600 دولار (للأونصة)؟».
وبالفعل فإنّ التوتّرات في الأسواق تدفع المستثمرين نحو اتخاذ إجراءات طارئة للحصول على السيولة، وهو ما كان صعباً جداً خلال الفترة السابقة. فقد وصل سعر فائدة «LIBOR»، التي يسعّر على أساسها الإقراض بين المصارف، إلى 6.88 في المئة في بداية الشهر الجاري، بعدما كانت النسبة 3 في المئة فقط في آذار الماضي.
وبحسب مؤسّسة الاستشارات البريطانيّة المتخصّصة في شؤون المعادن الثمينة، «CFMS»، فإنّ المداولات المباشرة للذهب بين الشركات الكبرى، انخفضت بحدّة خلال الربع الثالث من العام الجاري، بسبب فقدان اللاعبين الماليّين ثقة بعضهم ببعض، إضافة إلى تقلّص حجم رؤوس الأميوال الاستثماريّة.
وبالنسبة إلى التعامل عبر العقود الطويلة الأجل، فالأمر مماثل، لأنّ حجم هذا التعامل يشير إلى فقدان الشهيّة تجاه المعدن الثمين. ففي أسواق التداول الكبرى في نيويورك وطوكيو، ينخفض حجم المراكز الماليّة المراهنة على ارتفاع سعر الذهب (LONG PSITIONS) أمام حجم المراكز المراهنة على انخفاضه (SHORT POSITIONS).
وتنقل الصحيفة الإلكترونيّة «BI-MIDDLE EAST»، عن رئيس الموقع الإلكتروني المختصّ «GOLD SEEK.COM»، بيتر سابينا، قوله إنّ بعض الصناديق الاستثماريّة اضطرّت لبيع حتّى «أكثر الأصول قيمةً لديها مثل المعادن الثمينة». والأسوأ هو أنّ المستقبل قد يخبّئ سقوط ضحايا جدد نتيجة الأزمة القائمة، وبالتالي لجوء المستثمرين إلى التسييل، ما قد يؤدّي إلى موجة جديدة من انخفاض سعر الذهب مثلما هو النمط جارٍ مع سائر السلع في أسواق التداول، من النفط وحتّى السلع الزراعيّة.
فسعر برميل النفط الخام في نيويورك هبط إلى أدنى مستوى له خلال 16 شهراً أوّل من أمس، وانخفض إلى ما دون 67 دولاراً، فيما تراجعت أسعار المواد الغذائيّة بشدّة في بورصة التجارة في شيكاغو. وفقد سعر بوشل القمح (المتوقّع تسليمه في كانون الأوّل المقبل) 31.25 سنتاً من قيمته، ليصل إلى 5.1775 دولارات. كذلك انخفض سعر الذرة 26 سنتاً، ووصل سعر البوشل منها إلى 3.85 دولارات. وانخفض أيضاً سعر حبوب الصويا، ليصل إلى 8.6475 دولارات للبوشل الواحد.
ويبقى مصير الذهب وهذه السلع المذكورة، معلّقاً على ما يبدو في منطقة خطيرة تحدّدها التطوّرات في الأسواق الماليّة. فإذا انخفضت الأسهم في ظلّ استمرار التشكيك بالنمو الاقتصادي العالمي، فسيلجأ المتعاملون في الأسواق إلى خفض سيولتهم، وبالتالي حجم عقودهم الآجلة.
(الأخبار)



نتائج صعبة

ليس الذهب هو الوحيد المتأثّر في أسواق العقود الآجلة. فإلى جانب تأثّر النفط، يؤدّي الاضطراب في الأسواق الماليّة إلى نتائج صعبة على البلدان المصدّرة ولمنتجي السلع الزراعيّة. ففي الأرجنتين مثلاً، انخفضت أسعار المنتجات الزراعيّة، ما يؤدّي إلى انخفاض حجم مردود التجارة الخارجيّة. وهو يبدو أنّه يؤثّر على البلاد، لأنّ الرئيسة، كريستينا فرناندة كيرشنر، أعلنت أنّها ستؤمّم صناديق التعويضات الضخمة، التي تحوي 30.1 مليار دولار، من أجل احتواء انعكاسات الأزمة العالميّة.