محمد بديردخلت الحلبة السياسية في إسرائيل أمس حالة الاستنفار الانتخابي، مع إعلان حزب «شاس» رفضه المشاركة في الائتلاف الحكومي الذي تعمل رئيسة الوزراء المكلفة، تسيبي ليفني، على تأليفه. إعلان الحزب الأصولي، الذي بدا أنه الفصل الأخير في لعبة عض الأصابع بينه وبين ليفني، جاء غداة الموقف ـــــ الإنذار الذي أطلقته الأخيرة، وفيه أعلنت نيتها التوجه غداً الأحد إلى الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، لإعلامه بالنتيجة النهائية لمساعيها: إما حكومة وإما انتخابات عامة.
ورغم إعلان رئيس «شاس»، إيلي يشاي، أن القرار الذي اتخذته الهيئة العليا في الحزب، «مجلس حكماء التوراة»، نهائي، إلا أن من يعرف الدينامية الخاصة لسياسة إسرائيل الداخلية يعلم أن ما من شيء نهائي فيها، وأن الفترة الفاصلة عن موعد لقاء ليفني مع بيريز أكثر من كافية لإحداث تحولات جذرية في المواقف.
وفي هذا السياق، أشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن مفاوضات محمومة تجري وراء الكواليس بين ممثلي «كديما» و«شاس» في محاولة للتوصل إلى اتفاق الدقيقة التسعين، في وقت حرصت فيه ليفني على عدم قطع شعرة معاوية مع الحزب الثالث من حيث الحجم في الكنيست، مكتفية بالقول تعليقاً على قراره، إنها قدمت عروضاً معقولة لأجل إشراكه في الحكومة.
ورهاناً على متغيرات اللحظة الأخيرة، من المرجح أن تُبقي ليفني قرارها النهائي طي الكتمان حتى اجتماعها مع بيريز غداً، في ظل مواقف بدأت تتجاذبها بين الدعوة إلى الذهاب نحو انتخابات مبكرة، كما يوصي بعض مستشاريها، والدعوة إلى تأليف حكومة ضيقة من دون «شاس»، كما طلب رئيس حزب «ميرتس»، يوسي بيلين.
وفي ظل هذا الوضع، تجد ليفني نفسها في معضلة لا تُحسد عليها؛ فالانتخابات المبكرة تصب في مصلحة الأحزاب اليمينية، وخاصة حزب «الليكود» الذي تمنحه استطلاعات الرأي الغالبية البرلمانية في الكنيست، فيما الحكومة الضيقة ليست خياراً واقعياً، لأنها ستعاني عدم الاستقرار، علماً بأن هناك فريقاً داخل «كديما» نفسه، يرأسه شاؤول موفاز، يعارض قيام حكومة كهذه.
وفي حال تأليفها، تستند الحكومة الضيقة إلى قاعدة برلمانية من ستين نائباً، هم مجموع أعضاء الكنيست التابعين لكتل «كديما» (29) و«العمل» (19) و»ميرتس» (5) و«المتقاعدين» (7)، علماً بأن الحزب الأخير يوحي أنه ليس في جيب ليفني بعد. ويمكن حكومةً كهذه أن تستفيد من «شبكة أمان» برلمانية توفرها لها الأحزاب العربية في الكنيست (10 نواب) أو حزب «يهدوت هاتوراة» الأصولي (6).
أما إذا قررت ليفني إبلاغ الرئيس عجزها عن تأليف حكومة، فإن للأخير صلاحية تكليف عضو كنيست آخر بالمهمة، وهو أمر مستبعد في ظل تركيبة الكنيست الحالية، ما يجعل الانتخابات العامة الخيار الوحيد الباقي. وينص القانون الإسرائيلي على إجراء الانتخابات في غضون 90 يوماً من تاريخ إفادة الرئيس بتعذر تأليف الحكومة، إلا إذا أقر الكنيست قانوناً لتحديد موعد أبعد للانتخابات بالتوافق بين الأحزاب، على أن يبقى إيهود أولمرت طوال هذه الفترة رئيساً لحكومة انتقالية.