في توقيت مشبوه يحمل الكثير من الدلالات، كشف دبلوماسيون في الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمس عن أن النتائج النهائية لفحص العينات التي أخذها مفتشوها من موقع الكبر في دير الزور أقنعتها بضرورة الضغط من أجل مزيد من التحقيقات في شأن امتلاك سوريا برنامجاً نووياً.في هذا الوقت، بدا واضحاً أن رسالة الطمأنة الأميركية، التي نقلتها لندن إلى وزير الخارجية السوري وليد المعلم، لم تكن كافية لتهدئة خواطر سوريا، التي أغلقت مدرسة ومؤسسة ثقافية أميركيتين، وبعثت برسالة شديدة اللهجة إلى مجلس الأمن الدولي طالبته في خلالها بـ«تحميل المعتدي مسؤولية» الغارة على أراضيها «حفاظاً على أمن الشرق الأوسط واستقراره».
وكان وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند نقل إلى المعلم أول من أمس كلاماً من نظيرته الأميركية كوندوليزا رايس التي أبلغته، حسبما علمت «الأخبار»، أن الأمر «لا يتعلق برسالة سياسية» بل بـ«حادث أمني بحت». كلام لم يمنع الوزير السوري من إطلاق جملة مواقفه النارية والحادّة إزاء واشنطن، خلال المؤتمر الصحافي الذي أعقب لقاءه نظيره البريطاني، وأمس أيضاً عندما نفى بشكل قاطع الادعاء الأميركي بتصفية كبير مهربي المقاتلين العرب إلى العراق خلال الغارة.
وكان لافتاً أن تزامن الاعتداء الأميركي مع زيارة المعلم إلى لندن، الحليف التقليدي لواشنطن، وما تسبب به من توتر، لم ينعكس على محادثاته في عاصمة الضباب. وأكّد المعلم، لـ«الأخبار»، أنّ هذه الزيارة كانت «ناجحة»، وأنّ جدول أعماله تناول «كل ملفات المنطقة والوضع الدولي، إضافة إلى العلاقات الثنائية».
وفي السياق، أعلنت دمشق عن إرجاء موعد اجتماع اللجنة العليا العراقية ـــ السورية الذي كان مقرراً منتصف الشهر المقبل، رغم تراجع بغداد عن موقفها المبرّر للعدوان وتأكيدها رفضها «قيام الطائرات الأميركية بضرب مواقع داخل الأراضي السورية»، كاشفة عن أنها «بدأت بالتحقيق في الحادث»، وداعية القوات الأميركية إلى «عدم تكرار مثل هذه الأعمال».
وفي ظل صمت سعودي لافت، برز ما ورد من القاهرة، حيث وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية حسام زكي غارة البوكمال بأنها «خرق جسيم لسيادة سوريا على أراضيها».
ومن فيينا، نقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن «دبلوماسيين في وكالة الطاقة طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم» قولهم إن «عينات من التربة والهواء» جمعها المفتشون الدوليون العام الماضي من موقع الكبر الذي قصفته الطائرات الإسرائيلية في 6 أيلول 2007 بزعم أنه منشأة نووية، «تؤمن ما يكفي من الأدلة لتبرير مزيد من التفتيش». وأوضحوا أن «التقييم النهائي، الذي أنجز قبل أيام، أقنع الوكالة بالضغط لمزيد من التحقيقات».
وقال المندوب السوري لدى الوكالة، محمد خطاب، إنه لا علم لديه بأن التقييم النهائي قد أنجز وأنه يرفض التعليق قبل أن تتبلغ بلاده بالنتائج.