دمشق ــ بسّام الطيارةأعادت القمة السوريّة ــــ الفرنسيّة، ظاهريّاً، وصل ما انقطع بين دمشق وباريس خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أنها بالتأكيد لم توصل الطرفين إلى جادة «التوافق التام» على مختلف قضايا المنطقة، وإن ظهر نوع من المقايضة بين البلدين تمثّل في تكريس ما تمّ في قمة باريس في 12 تموز الماضي، لتكون فرنسا راعياً للمفاوضات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل، في مقابل تأكيد دور سوريا كوسيط في الملف النووي الإيراني.
القمة التي استضافتها دمشق، أمس، تندرح أيضاً في خانة التقريب بين المحاور. فالرئيس السوري بشار الأسد مصنّف أميركياً بأنه أحد أضلاع «محور الشرّ» الذي يضم إيران وحزب الله و«حماس»، فيما يمثّل نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي أحد أعمدة التحالف الغربي الذي تتزعمه الولايات المتحدة.
ويبدو للوهلة الأولى أن الرجلين خرجا إلى منطقة رمادية قد تسهم في التقريب بين المحورين؛ فباريس كسرت العزلة الأميركية على دمشق التي قبلت في المقابل أن تؤدي دور وسيط في الأزمة الغربية مع إيران، ولا سيما أن ساركوزي ناقض ما يروّج عن مسعى غربي لفك تحالف دمشق مع طهران، بالإشارة إلى «احترام التحالفات التقليدية لسوريا»، وتوظيفها في خدمة «السلام».
غير أن تبادل الأدوار هذا يبدو مؤجّل التطبيق إلى ما بعد وصول الإدارة الأميركية الجديدة، سواء بالنسبة إلى عملية السلام التي يرفض السوريون انتقالها إلى «المباشرة» من دون رعاية أميركية، أو لإيران التي ليست في وارد إعطاء نصر لإدارة جورج بوش في أيامها الأخيرة.
«توافق لم يحجب التنافر» هو محصّلة القمة الثنائية التي من المقرّر أن تتبعها قمة رباعية اليوم، تضم قطر وتركيا. قمّة حرص الأسد على رفض وضعها في «خانة المحاور».
ومن الواضح أن الملف اللبناني كان هامشيّاً في مباحثات القمّة الثنائية، خلافاً لما كان عليه في «قمة باريس». ويؤكد مصدر مقرّب من الإليزيه أنه «لم يؤتَ على ذكر حزب الله في المباحثات إلا في إطار الحديث عن مزارع شبعا». وأشار إلى أن «الأسد أكد أن سوريا مستعدة من الآن لإقامة علاقات دبلوماسية، وأن العقبة هي دستورية لبنانية». ولفت إلى أن «تبادل السفراء يمكن أن يحصل قبل نهاية السنة». وأشار المصدر إلى أن الأسد «افتتح المحادثات بشكوى إلى الرئيس ساركوزي» من توقّف المفاوضات السورية ــــ الإسرائيلية غير المباشرة بسبب استقالة المفاوض الإسرائيلي يورام طوربوفيتش. وأضاف أن الأسد قال إن الاستقالة جاءت «في وقت مؤسف جداً، وخصوصاً أن جولات المفاوضات الأربع السابقة دارت في أجواء إيجابية وكانت ناجحة».
الرئيس ساركوزي تطرق أيضاً إلى الملف الفلسطيني عبر «رسالة والد جلعاد شاليط» التي سوف «يعطيها لأمير قطر لينقلها إلى الأسد الذي سيوصلها بدوره إلى خالد مشعل». وبرّر المصدر هذه «البهلوانية» بأن «سوريا لا تقيم علاقات مع إسرائيل، وبالتالي فإنها ترفض تسلّم رسالة مباشرة من إسرائيل».